أخبار الآن | ريف حماة – سوريا (مكسيم الحاج)

 

أثرّت الحرب في سوريا وآلة تدمير نظام الاسد على الصغار والأطفال بشكل مباشر،  فآلاف الأطفال من السوريين تحولت حياتهم إلى جحيم قائم على القصف والخراب ومشاهد الدماء التي باتت تتصدر المشهد اليومي في جميع المناطق السورية.

ألعاب تحاكي الواقع

ومن خلال جولة لأخبار الآن بريف حماة رصدنا أطفالا صغارا لم تتجاوز أعمارهم العشرة أعوام يلعبون ضمن فريقين، فريق أطلق على نفسه بأنه الجيش الحر ليدافع عن بيت من الخشب وفريق آخر لعب دور قوات النظام، وكانت مشاهد اللعبة بأنهم قاموا بتمثيل ضرب الرصاص عبر طرق أواني معدنية ببعضها وتمثيل التقدم والتراجع والمناورة العسكرية للمشاة العسكريين، ومن ثم ليمثل أحدهم دور الشهيد من صفوف الجيش الحر أثناء معركته مع النظام ليحمله رفاقه الصغار ويقومون بتظاهرة ضمن لعبتهم لتكمل اللعبة مشهدها المقترن بحقائق ملموسة من الواقع.

يقول الناشط الإعلامي "مهند" بأن الأطفال في ريف حماة ونتيجة لمعاصرتهم للمشاهد اليومية التي تحدث أمامهم من مواجهة الجيش الحر لقوات النظام وللقصف والجرحى، أثّرت بشكل كبير على ألعابهم اليومية، حيث باتت معظم ألعاب الاطفال تمثل الثورة السورية بكامل مشاهدها الواقعية تماماً.

وقد حمّل "مهند" مسؤولية هذا الأمر إلى النظام بشكل كامل حيث أن النظام لم يفرّق أبداً بين الأطفال والكبار في قصفه بالطائرات والدبابات على القرى والمدن السورية، وقد زجّ بأطفال سوريا في مشاهد حربه مع الثوار خصوصا في بعض القرى التي تعرض بعض أهلها وأطفالها لاعتداء وذبح بالسكاكين من شبيحة وقرى موالية للنظام.

الأطفال في قلب الحرب

يقول "أبو عامر" أب لعائلة بريف حماة، بأن أطفاله الثلاثة لم يتجاوزوا 12 عاماً، ومع ذلك يقومون بالاستفسار عن أخبار سوريا بشكل يومي، كما أنهم من المتابعين على لاسلكي الجيش الحر في بلدتهم لمعرفة آخر التطورات العسكرية.

وأشار بأن حرمان الأطفال من المدارس بعد قصف قوات النظام لها جعل في وقت الأطفال فراغا كبيراً غالباً ما قام الأطفال بملئها في العمل مع الآباء أو في محلات أخرى لتعلم مهنة جيدة قد تفيدهم في مستقبلهم، فهاني الذي يبلغ من العمر 12 عاماً يعمل مع أبيه في تقطيع الحطب وبيعه للأهالي لمساعدة أبيه في نفقات المنزل ولملء وقت فراغه بدل جلوسه في المنزل.

آثار نفسية وقانونية

وأفاد أحد الأطباء النفسيين في مدينة حماة "رفض ذكر اسمه" بأن الأطفال الذين عاصروا هذه الأحداث في سوريا وخاصة ممن هم فوق سن الثامنة وتحت سن الخامسة عشر قد يحمل مستقبلهم شيئا من العنف في نفوسهم نتيجة لما عاصروه ضمن حياتهم والذي قد يلعب دوراً أساسياً في تشكيل العصابات وطبقات خارجة عن القانون في المستقبل، وخاصة بعد وجود عدد كبير من المشردين ممن فقدوا أهلهم ضمن الحرب الدائرة في سوريا والتي يجب أن تراعي هذه الطبقات المشردة بشكل خاص ضمن مدارس وجمعيات تأهيلية وتربوية تستهدفهم ببرامج خاصة، كما يجب أن يعاد التأهيل النفسي لجميع الأطفال في جميع المدارس عقب انتهاء الحرب في سوريا.

وأضاف الطبيب بأنه في السنوات القادمة سيوجد الكثير من الأميين بسبب تشرد كثير من الأطفال وحرمانهم من التعليم والتفات البعض الآخر للعمل لتأمين نفقات عائلاتهم، وهذا يجب أيضاً أن يكون ضمن خطط التأهيل للأطفال من قبل الهيئات والمنظمات الإنسانية الدولية.

ويضيف: الأطفال الموجودين بالمئات في شوارع مدينة حماة وعدة مدن سورية أخرى من المتسولين والعاملين رغم صغر سنّهم في المحال التجارية والمهن الحرفية، تعكس واقعاً مريراً سيلمسه المجتمع السوري عقب انتهاء الحرب في سوريا ليستفيق على كارثة إنسانية حقيقية.