أخبار الآن | درعا – سوريا( سارة الحوراني)
تضاعفت أعداد الأطفال الأيتام في محافظة درعا جراء الحرب الشرسة التي يشنها النظام السوري وحلفاءه، حيث بات آلاف الأطفال بلا معيل وخارج مقاعد الدراسة؛ الأمر الذي ينذر بنشوء جيل أميّ يحمل مشاعر الغضب والحقد، والتي سنتعكس بشكل كارثي في المستقبل على المجتمع السوري ككل.
"أحمد" طفل في العاشرة من عمره، وجد نفسه يتيما بعد استشهاد والده منذ عامين جراء القصف المدفعي الذي استهدف بلدته "ابطع" في ريف درعا، تغيرت سلوكيات "أحمد" بعد وفاة والدته بأشهر قليلة، حيث ترك مدرسته وبات لا يعرف من القراءة والكتابة إلا النذر اليسير، لكنه اليوم عاد ليلتحق بصفوف مدرسته وينافس أقرانه في التفوق.
تمكن أحمد من الالتحاق في مركز "تقوى" لرعاية الأيتام وأبناء الشهداء والمعتقلين الذي تأسس في الشهر التاسع من العام الماضي في بلدة "ابطع" الواقعة في ريف درعا الأوسط.
يقول السيد "شريف النصيرات" مدير العلاقات العامة في المركز، لمراسلة أخبار الآن: "يستقبل المركز حالياً 210 طفلاً من عمر 6 سنوات وحتى 13 سنة من كلا الجنسين، يقدم المركز خدمات في مجال التعليم المدرسي والدعم النفسي وتنمية المواهب وتحفيظ القرآن الكريم وعلومه، ويتألف الكادر من 22 مدرساً ومدرسة ومرشداً نفسياً تم اختيارهم بعناية كبيرة".
جهود كبيرة يبذلها العاملون في المركز لتقديم خدماتهم ومساعدة الأطفال وذويهم بشكل خاص والمجتمع بشكل عام، لكن صعوبات كثيرة تواجه عملهم وخاصة القصف المتواصل الذي تتعرض له البلدة من قبل قوات الأسد، يبين ذلك "النصيرات": "بالإضافة للأوضاع الأمنية، تواجهنا مشاكل أخرى وأهمها تغيب الأطفال لسنوات عديدة عن مدارسهم، وتفاوت الفئات العمرية للأطفال والطرق التدريسية في مدارس البلدة، بالإضافة إلى أن انتشار الأطفال على مساحات جغرافية واسعة يستلزم نقلهم إلى المركز بواسطة حافلات خاصة، ما يزيد من الأعباء المالية على المركز".
مشكلات الأطفال الاجتماعية والنفسية
جهود كبيرة يبذلها الكادر للخروج بالأطفال من واقعهم المؤلم وخاصة فقدان الأهل وما ينجم عنهم من مشكلات نفسية واجتماعية تحتاج لعلاج عاجل، "بتول نصيرات" الباحثة الاجتماعية والمسؤولة عن ملف الأيتام في المركز، تسعى مع زملائها إلى احتضان الأطفال ومعالجة مشاكلهم، تقول لأخبار الآن: "أقوم بالتواصل مع ذوي اليتيم للاطلاع على الحالة الاجتماعية للطفل والأسرة على حد سواء، ومدى تأثيرها عليه من الناحية النفسية والأخلاقية والتعليمية، والعمل مع الأسرة على معالجة المشكلات والتنسيق بينها وبين المركز في مختلف مراحل العلاج والتعليم".
يعاني الأطفال من مشاكل نفسية عديدة وفقاً للباحثة الاجتماعية وأهمها: الخوف والرعب من الأصوات المرتفعة، وخاصة سماع الأصوات المشابهة للطائرات الحربية، والتي حفرت في ذاكرة الطفل المجازر والدمار الهائل الذي تخلّفه ورائها، كما يعاني الأطفال من الشعور بالنقص والغيرة من الأطفال الآخرين، وخاصة عند رؤيتهم مع ذويهم الأمر الذي يؤدي كذلك لانعدام الثقة بالنفس والغضب والسخط على الآخر".
تشعر "بتول" بالسعادة الكبرى أثناء تواجدها بين الأطفال في المركز، وتسعى مع الكادر إلى تقديم كل ما لديهم من خبرات ومعلومات لمساعدة الأطفال في مختلف المجالات، ومنها رعاية الأطفال الموهبين والعناية بهم من خلال تنمية مواهبه المختلفة، وتأمين مستلزمات ممارسة المواهب من رسم وكتابة وأناشيد وتمثيل.
من جهتهم، يعيش الأطفال أجواء ملئها الأمن والسعادة في المركز، وكثيراً ما أظهروا تعلقهم به من خلال القدوم إليه سيراً على الأقدام من مسافات بعيدة عندما تتعذر على الحافلة لأسباب مختلفة إحضارهم إليه، فيما لاحظ ذوو الأطفال ارتفاع مستواهم التعليمي وتفوقهم على أقرانهم في المدارس الأساسية وفقاً لـ "أم أحمد" والتي بدت عليها مظاهر الارتياح لعودة طفلها إلى مدرسته ومستقبله التعليمي بعد انقطاع دام عاما ونصف العام.