أخبار الآن | أورفا – تركيا (لجين أحمد)
هاربات من جحيم القتال في سوريا، هائمات في كلّ واد، يدفعن بضعفهنّ ضغوط الحياة ليبدأن صراعاً من نوع آخر وعلى أرض أخرى. فالمعيشة القاسية في بلدان اللجوء فرضت آثارها السلبيّة على النساء السوريّات اللّواتي بتْنَ الحلقة الأضعف في هذه البلدان، حيث أصبحنَ أكثر عرضةً للاستغلال بمختلف أنواعه، وهذا ما دفعهنّ للتمسّك بأضعف الإيمان وهو الزواج.
ففي تركيا، ومع ازدياد تدفّق اللاّجئين إليها، وخاصّة النساء، ارتفع معدّل زواج الأتراك من السوريّات، والذي يُعزى إلى العوز وقلّة الحيلة، والهروب من تحمّل المسؤوليّة المُلقاة على عاتقهنّ، ليقعن فريسة في شرك الزوجة الثانية، حيث لا يعترف القانون التركيّ بحقوقهنّ كزوجات.
الظاهرة وانتشارها
تُعدّ ظاهرة الزواج بين السوريين والأتراك ظاهرة قديمة، ولكنّ الحرب في سوريا ساهمت في اتّساع هذه الظاهرة بشكل أكبر من ذي قبل، وكانت مناطق التماس مع سوريا هي الأكثر انتشارا لهذه الظاهرة.
ففي ولاية "شانلي أورفا" جنوب البلاد تشير التقارير الى أنّ "7%" من حالات الزواج قائم على التعدّد، فقد بلغ عدد حالات الزواج من سوريّات نحو 3000 حالة "حسب إحصائيّة نقابة المحامين في أورفا".
شكّل الهروب من قسوة الحياة وعدم وجود معيل دافعا للعديد من النساء السوريّات إلى الزواج من أتراك، بحثاً عن الاستقرار وتأمين حياة كريمة، بغضّ النظر عن كون الرجل المتقدّم طاعناً في السنّ أم شاباً متزوّجاً ولديه أولاد.
تحدّثنا "أريج" 24 عاما، من مدينة الرقّة، وهي متزوّجة من تركيّ، أنّها جاءت إلى تركيّا عام 2013، وأنّه بقدومها عانت الكثير من المصاعب، فقد عملت في مجال الإغاثة في بادئ الأمر، ومن ثمّ عملت في محلّ لبيع الألبسة النسائيّة، وقد تعرّفت على زوجها عن طريق صاحب المحلّ الذي كانت تعمل فيه، وانّها رأت انه في حال زواجها ستخفّف عنها الكثير من المشقّة والمتاعب، وتخفيف العبء عن أهلها.
وتتابع أنّها أوفر حظّاً من بعض السوريّات المقترنات بأتراك، بأنّها الزوجة الأولى ممّا يعني أنّه مُعترف بزواجها وحقوقها ضمن قانون الدولة.
وتُعدّ الأرامل والمطلّقات أو من تقدّم بهنّ العمر وفاتتهنّ فرصة الزواج هنّ الأكثر استعداداً بأن يكنّ زوجةً ثانية مع عدم وجود أي ضمانات تحمي حقوقها كزوجة ثانية، وبذلك يُعتبر زواجها "عرفيّاً" والذي يتمّ من خلال عقد قران عند "شيخ دين".
"سُميّة" 41 عاما، متزوّجة من تركيّ، تقول أنّها سعيدة بزواجها هذا، خصوصاً أنّها أصبحت في عمر فقدت فيه الأمل من الزواج وتكوين أسرة، إلّا أنّه يوجد ما يُسبّب لها غصّة وهو أنُه بعد ولادتها سيُنسب الطفل إلى الزوجة الأولى وذلك من أجل حصوله على حقوقه المدنيّة.
تأثيرات مختلفة
لم تكن المرأة التركيّة أيضاً بمنأى عن هذه المشكلة، فقد أصبحت المرأة التركيّة تعاني من ظاهرة إقبال الرجل التركيّ على الزواج بسوريّة، فقد وقعت العديد من حالات الطلاق بين الأزواج الأتراك، "إسماعيل" وهو تركيّ من مدينة "أقجة قلعة" جنوب أورفا متزوّج من سوريّة، أخبرنا أنّه طلّق زوجته الأولى بسبب عدم قبولها بزواجه من سوريّة، وأنّ لديه ثلاثة أطفال منها، والذين يعتبرون ضحيّة ثالثة بعد المرأة السوريّة والأمّ التركيّة.