أخبار الآن | تركيا – أنطاكيا (جمال الدين العبد الله)
مع افتتاح تركيا أبوابها للاجئين السوريين منذ بداية الثورة، انتقل العديد من المواطنين مع عائلاتهم للعيش ضمن الأراضي التركية، والبدء بحياة جديدة بعيداً عن قذائف النظام وغاراته الجوية.
واجه العديد من اللاجئين مشكلة كبيرة، وهي اختلاف اللغة وصعوبة التفاهم مع الباعة الأتراك وكذلك في المعاملات التجارية، إلى أن افتتح عدد من السوريين أعمالهم ومشاريعهم الخاصة، من بيع المستلزمات والأدوات المنزلية وصولاً إلى الأجهزة الكهربائية والجوالات، والتي تكون أسعارها مرتفعة لكون التاجر يطمح لأعلى ربح مادي وهو ما أثقل كاهل الأسرة السورية اللاجئة في تركيا.
حلول شبابية
إلى أن قام عدد من الشبان السوريين بافتتاح غرف عبر خدمة "الواتس آب" تستقطب البائع والمشتري بشكل مباشر دون وسيط أو سماسرة. أنشأ "خليل" 28 عاما، القاطن في إقليم هاتاي "أنطاكية"، أنشأ مع أصدقائه وأقاربه إحدى غرف "الواتس آب" لبيع وشراء البضائع الخفيفة المتنوعة.
يقول "خليل": "بدأت فكرة افتتاح غرف التواصل بين السوريين بشكل بسيط لتقطيع الوقت وتبادل الآراء والمعرفة، وحتى الاستدلال على المستشفيات والأماكن في المدن التركية، ثم بدأ البعض بعرض أجهزة الجوالات والكمبيوتر وبضائع أخرى بدواعي السفر أو الاضطرار إلى النقود، مما ألغى دور السماسرة من الموضوع ووفر الأموال".
ويضيف: "بدأ الناس يضيفون معارفهم وأقربائهم إلى هذه الغرفة، للنقاش حول المواضيع المهمة للسوريين مثل الإقامة واستصدار الأوراق الثبوتية وإلى ما هنالك، ومن ثم بدأ البعض بعرض بيوت للإيجار بأجور زهيدة لا تتجاوز أحيانا المائتي ليرة تركية، بينما يفرض السماسرة الخمسمائة ليرة".
أسواق حرة الكترونية
تنوعت أشكال غرف السوريين في أنطاكية لتشمل تأمين فرص العمل في المحلات، وسيارات الأجرة، وحتى مساعدة بعض العائلات المستورة، والاستدلال على محلات البيع والشراء.
"حسين" هو أحد الشباب الذين وجدوا عملاً عن طريق غرف "الواتس آب" بطريق الصدفة، كغيره من السوريين، يقول: بعد خروجي من سوريا بسبب القصف جلست عند أحد أقاربي عاطلاً عن العمل، وأنا لا أتقن اللغة التركية، إلى أن قام احد اصدقائي بإضافتي إلى إحدى غرف خدمات السوريين في أنطاكية، ومع المتابعة وجدت أحدهم يطلب عاملاً في مجال المطاعم والتي أتقنها جيداً، هكذا أفكار جعلتني أجد عملاً وأنا جالس في المنزل من وراء شاشة الجوال".
أما "أبو سعيد" أحد سائقي السيارات الخصوصية، معظم زبائنه من السوريين عن طريق الواتس آب، يقول: "تعبت من توزيع البطاقات التعريفية على المحال للتعريف بي، وتلبية طلبات النقل، إلى أن قمت بتصوير إحدى البطاقات وارسلتها على "الواتس آب" للعديد من المجموعات، مع إضافة خصم بسيط لمن يتواصل معي عبر الواتس آب من الغرف، وأعمل منذ شهرين إلى الآن بلا انقطاع".
الغرف الإلكترونية وعمليات الاحتيال
وكما هو واقع العالم الحقيقي، لا يخلو التعارف والتعامل عبر وسائل التواصل الاجتماعي من عمليات النصب والاحتيال، حيث وقع العديد من اللاجئين ضحية عمليات النصب، مثل "جميل" أحد الشباب الذي وقع ضحية عمليات النصب وبيعه دراجة مسروقة.
يقول "جميل": "عرض أحدهم دراجة كهربائية وبسعر زهيد مرفقة بصورها وأوراقها مقابل خمسمائة ليرة تركية، وأردفها بقول "مكفولة من الحرام"، تواصلت معه عبر الانترنت، والتقيت به واشتريت الدراجة، ثم اختفى الشخص، لأفاجأ أنها لا تساوي نصف الثمن الذي دفعته لوجود خلل كبير بها، وجميع محاولات الاتصال به راحت هباءً لكونه أقفل هاتفه إلى الأبد".
عمل من وراء شاشة الجوال
تخصص عدد كبير من الشباب اللاجئ في تركيا في "السمسرة" حيث ينقل إحدى المنشورات المغرية من إحدى الغرف إلى غرفة أخرى مع تغيير رقم هاتفه، وفي حال تم التفاهم بين الطرفين، ينال الطرف الثالث "السمسار" مبلغاً بسيطاً تحت اسم "الحلوان"، بينما النسبة الكبرى تقوم بالنشر بعدد كبير من الغرف بدون مقابل وفقط لأجل خدمة السوريين.
يذكر أن خدمة "الواتس آب" متاحة في تركيا بشكل كبير وتتميز بانتشارها وكثرة مستخدميها، ناهيك عن مصروفها المتواضع من رصيد الجوال.