أخبار الآن | جنوب دمشق – سوريا (آية الحسن)
يصف "سامر" بغصة وألم كبيرين الوضع الذي وصلت إليه الحياة في مخيم اليرموك، وهو أحد الناجين من المعارك الأخيرة فيه، ليقول بعباراته المُدينة: "ما آلت إليه الأمور اليوم في المخيم ظالم ومهين لكل فلسطينيّ العالم، هناك الكثير من المدنيين يجب إنقاذهم سريعاً. يتحمل النظام السوري والسلطة الفلسطينية التي تقف مكتوفة الأيدي مسؤولية كل هذا الإهمال والتهميش".
فبعد مرور أسبوعين على الاشتباكات الأخيرة الحاصلة بين جبهة النصرة وداعش، وفي محاولة من الأخير لبسط سيطرته على كامل الأراضي المتبقية في اليرموك؛ والتي تم خلالها قطع الطرق عن المناطق المأهولة، بغرض قطع طرق الإمداد عن جبهة النصرة "التي بايع بعض من عناصرها داعش"، ما أدى لنشوب هذا الصراع؛ فباتت الحياة شبه مستحيلة في المخيم.
إلى جانب هذا يخبر عبدالله أحد الإعلاميين في المخيم: عن اتفاقٍ تم في الخفاء بين بعض العناصر من داعش والنظام السوري، الذي قايضهم على خروجهم أحياء من المخيم باتجاه الرقة، مقابل أن يسلموه المخيم مطهراً من أيّ تواجد لجبهة النصرة فيه.
كل ذلك يحدث في ظل تعتيم إعلامي وتناس متفق عليه من العالم تجاه هذه المأساة، فساكنو المخيم المحاصرين منذ ثلاثة أعوام أصبحوا اليوم أكثر قرباً من الموت. وهو ما دفع العائلات العالقة في مناطق المواجهات الى مناشدة الجهات المتصارعة والنظام السوري بفتح الطرق وتأمينها لإيصال الماء والمواد الغذائية لهم للبقاء على قيد الحياة. وفي حال استمرار هذا الصراع لوقت أطول وهو ما ينذر بعودة حالات الموت جوعاً إلى الواجهة، الأمر الذي يخشاه من تبقى من أهل المخيم.
يقول "محمد. س" ناشط مدني من المخيم: أن الاشتباكات الدائرة والقنص المستمر حال دون خروج الأهالي لجلب الماء من نقاط توزيعها، كما أنه حال دون وصول باعة الماء عبر خزانات محملة على السيارات إلى مناطقهم.
مآسي المخيم المتراكمة
يقول "إياد" عسكري منشق عن "جيش التحرير الفلسطيني": "دم شعبنا برقبة الفصائل الفلسطينية التي تحاصر المخيم وتتآمر مع الأسد، وأولهم منظمة التحرير الفلسطينية ورئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس"، ويكمل: من المؤسف أن هناك العشرات من مجنديّ جيش التحرير يُقتلون في معارك الضمير لحماية منشآت ومقرات النظام، بينما يموت أهلهم جوعاً وقهراً في المخيمات.
تقول "أم أسعد" 50 عاما: "بات المخيم ساحة صراع مشتعلة لا تهدأ، الحصار مستمر والجوع كذلك والدمار يزداد، العالم كله يعرف ما الذي يجري في مخيم اليرموك، وأكاد لا أصدق أن الحياة شبه طبيعية على بعد مئات الأمتار من هنا".
ويتابع "عمر" 30 عاما: على ماذا تتقاتل هذه الأطراف، لم يعد هناك شيء يستحق الحياة هنا، كل ما نريده هو إخراجنا من هذا الجحيم.
من بقي من سكان المخيم شتتهم دخول داعش الأخير قبل عام، وباتوا يعيشون تحت وطأة هذا الصراع الطويل المضني، متوزعين بينه وبين مناطق قريبة منه كمناطق "ببيلا ويلدا وبيت سحم".
وأمام كل هذا، لا يبدو أن هناك حلاً ما يلوح في الأفق، فبعد أن كان يعول أهالي المخيم على خروج داعش إلى الرقة، لعله يخفف من وطأة الحصار وينهي فصلاً من فصول معاناتهم، وجدوا أنفسهم أمام معارك يدفعون وحدهم ثمنها.