أخبار الآن | ريف إدلب – سوريا (سونيا العلي)

تبددت أحلام الكثير من الشبان في سوريا، فقد اضطروا لترك دراستهم وخسروا فرصهم ببناء مستقبلهم حيث أخذت البطالة تنتشر بشكل كبير فيما بينهم حتى لم يعد لديهم أي رجاء أو أمل مما دفع بعضهم للجوء إلى الدول المجاورة أو ركوب قوارب الموت إلى الدول الغربية بحثاً عن الأمان والعمل أو الدراسة.

ضرورة افتتاح المعهد

افتتح معهد إعداد المدرسين في ريف إدلب عام 2013 لاستقبال الشبان وفتح آفاق جديدة أمامهم ومساعدتهم في إيجاد فرص عمل تساعدهم على استمرار الحياة الكريمة وضمان مستقبل أكثر أماناً لهم. يتحدث عن المعهد السيد مدير التربية الحرة في إدلب "جمال الشحود": "لقد حصل عدد كبير من الطلاب في إدلب على الشهادة الثانوية، لذلك رأينا بأن هذه الشهادة لن يكون لها أي قيمة دون أن يكمل الطالب دراسته، ومن الصعوبة بمكان القبول في الجامعات التركية، لذلك تم افتتاح المعهد لتوفير فرصة دراسية للطلاب واستيعابهم في مرحلة بعد الثانوية في سبيل فتح المجالات أمامهم".

ويؤكد السيد المدير بأن المعهد يتبع لمديرية التربية الحرة وله ثلاثة فروع متوزعة في أرجاء المحافظة "جرجناز- حارم- البارة"، لإتاحة الفرصة للجميع، كما أن الفروع الثلاثة تتبع لإدارة واحدة ونظام داخلي واحد، وكل معهد يشمل عدة اختصاصات وهي "لغة عربية- لغة انكليزية-لغة فرنسية- رياضيات- علوم- معلم صف".

تحديات كبيرة

بقي المعهد دون جهود داعمة، بحسب السيد المدير، لمدة سنتين حيث كانت النفقات تغطى من المنح والمساعدات ورسوم التسجيل، حتى تولت دعمه مؤسسة السنكري للأعمال الإنسانية، وقد تم تخريج الدفعة الأولى من طلبة المعهد والتي وصل عددها إلى 300 طالبا وطالبة، وتم توظيف خمسين خريجا وهم الأوائل على المعهد في مدارس المحافظة، أما بقية الخريجين فيخضعون لمسابقة من أجل الحصول على الوظيفة.

يقول السيد "رضا العبودي" رئيس شؤون الطلاب في معهد البارة: "تم اختيار مدرسي المعهد من حملة الشهادات الجامعية والدراسات العليا وكلهم من أصحاب الخبرة والكفاءة، أما المناهج المقررة فقد وضعت بعناية من قبل لجان مختصة واستمر العمل عليها مدة سنة كاملة، ويعاني المعهد من ضعف الإمكانات المادية وبالتالي قلة الوسائل التعليمية إضافة إلى تعرض بناء المعهد للقصف مما اضطرنا لنقله إلى مكان آخر غير مؤهل بشكل جيد."

رفد المدارس بالكوادر

تعاني معظم مدارس محافظة إدلب من قلة في عدد المدرسين والمعلمين والاعتماد على مدرسين ذوي خبرات محدودة من حملة الشهادة الثانوية. يقول "أبو علي" وهو مدير إحدى المدارس في ريف إدلب: "لقد قام النظام بفصل عدد كبير من المدرسين إضافة إلى نزوح البعض إلى مناطق أكثر أماناً حتى كادت تخلو المدارس من مدرسيها، ما أدى إلى تشكل فجوة كبيرة في أعداد المدرسين وتعطل العملية التعليمية، وبعد افتتاح معهد إعداد المدرسين تم رفد المدارس بهم، حيث يعتبر التعلم من أهم حقوق الأطفال ويجب الحفاظ على هذا الحق مهما كانت الظروف وإلا سيكون الجيل القادم مهدداً بالجهل والأمية ."

"خالد العبدو" من قرية تلمنس وهو أحد الطلاب الذين درسوا في المعهد يقول :" لقد اضطررت إلى ترك دراستي الجامعية لما شاهدت من ظلم واستبداد النظام فبعد اندلاع الثورة كان من الطبيعي أن تخرج المظاهرات السلمية من الجامعات، ولكن الطلبة لم يجدوا إلا القمع وتحولت معظم الكليات والأقسام إلى مراكز تتبع لنشاط الطلبة والأساتذة وكتابة التقارير الأمنية، إضافة إلى انتشار الحواجز الأسدية بكثرة على طول الطريق الواصل إلى الجامعة واحتمال تعرض أي طالب لخطر الاعتقال، وبعد ترك دراستي سجلت بالمعهد وحصلت بعد تخرجي على فرصة التوظيف في مدرسة بجانب قريتي، وتمكنت بذلك من الحصول على مورد مادي يساعدني في تأسيس حياتي الاجتماعية وبناء مستقبلي ."

في ظل ظروف عمل صعبة ورغم المعاناة الكبيرة تتضافر الجهود في إدلب لتحريك عجلة التعليم قدماً وإنقاذ الجيل القادم من الأمية وتبعاتها،ولن يكون ذلك دون تفعيل دور الشباب الذين هم جيل الطاقة ومحور التغيير وسيظل أملنا بهم كبيراً لبناء سوريا حرة محررة من نظام القمع والاستبداد .