أخبار الآن | السويداء – سوريا (عبيدة النبواني)
بعد انسحاب داعش من تدمر قبل أيام، بدأت أرتاله بالتوجه إلى مدينتي الرقة ودير الزور عبر الصحراء السورية المكشوفة، على مرأى من طائرات النظام والطيران الروسي والأمريكي، فيما توجهت بعض السيارات والآليات الثقيلة باتجاه منطقة "بئر القصب" جنوب شرقي الغوطة الشرقية، والقريبة من محافظة السويداء، إضافة لورود أنباء عن توجه أرتال أخرى نحو منطقة اللجاة بين ريفي درعا والسويداء.
ويشير بعض الناشطين أن النظام يسعى لاستخدام داعش كأداة تحقق له ما يعجز عن تحقيقه سواء كمحاربة بعض الفصائل داخل سوريا، أو لتحقيق مكاسب سياسية بحجة محاربته للإرهاب، مضيفين أن النظام يسعى لاستغلال بعض المناطق الهامة أو ذات الخصوصية للوصول إلى تلك الغايات كما فعل بمدينة "تدمر" التاريخية، محذرين من احتمال استخدام النظام أسلوبا مماثلا مع مدينة "السلمية" ذات الغالبية الإسماعيلية ومع محافظة "السويداء" ذات الغالبية الدرزية، للعب مجددا بورقة حماية الأقليات وخطر داعش عليهم.
"محمد علي" أحد أبناء السويداء وجه نداءً فيه تحذير لأبناء السويداء قائلا: "إن النظام كما استطاع أن يلفت نظر العالم لـ "تدمر" بالبكاء على آثارها، كذلك سيلفت نظرهم للسويداء بالبكاء على الأقلية الدرزية فيها، مضيفا أن النظام يمكن أن يقوم بتسليم السويداء لـ "داعش" ليقوم باستلامها فيما بعد عقب تهجير أهلها، ما يمنحه تعاطفا دوليا إضافة لاستقطابه مؤيدين أكثر من أبناء المحافظة بصفته المدافع عنهم".
كذلك يربط بعض الناشطين ذلك بما تم الحديث عنه مؤخرا من أن إيران قامت بحلِّت ميليشياتها في المدينة حيث سحبت مكتب "لواء الإمام زين العابدين" المتواجد على طريق قنوات بسبب تذمر الأهالي ومعارضتهم لوجود المكتب، بينما يقول "إحسان" وهو محامٍ من مدينة السويداء، إن هذه الخطوة لم تكن إلا تحضيرا لخطوات لاحقة تتبعها قد تتمثل بسحب النظام قوات أكثر من المحافظة، تتزامن مع تسهيل تعزيزات أكبر لـ "داعش" إلى المناطق القريبة من المحافظة كـ "بئر القصف" في الشمال الغربي ومنطقة اللجاة وأطراف السويداء الغربية القريبة من البادية السورية حيث تتواجد العشائر المبايعة لداعش.
ويحذر الناشطون من استخدام الأسلوب ذاته الذي استخدمه النظام في مدينة "تدمر" عبر ما يصفونه بتسليمها لداعش بهدف إثارة الرأي العالمي، بينما يحذّر بعض ناشطي مدينة "السلمية" ذات الغالبية الإسماعيلية في ريف حماة، من مصير مماثل لمدينتهم، خصوصا مع اقتراب داعش منها وشنه هجمات متكررة تركزت عند محيط قرية "الشيخ هلال" وعلى طريق "السلمية–أثريا"، حيث يقول الناشط "أبو عمار السلموني" أحد أبناء المدينة، إن هجمات داعش باتت موضع شك، نظرا لوضوح التنسيق بين التنظيم ونظام الأسد، إذ يتقدم التنظيم باتجاه المدينة كلما شعر النظام بضعف قبضته في المنطقة، مشيرا أن الأهالي باتوا يستشعرون خطر سقوط مدينتهم بيد داعش في أي وقت، لتصبح ورقة جديدة يستخدمها النظام في حجة محاربة الإرهاب وحماية الأقليات.
"عمار" الذي هاجر من السويداء إلى ألمانيا منذ نحو عام، يقول إن أبناء المناطق ذات الأقليات الإثنية أو المذهبية في سوريا، باتوا يدركون تماما أن الأسد يستخدمهم كجواكر يلعب بها عند الحاجة، ويعلمون أنه لن يتردد بالتخلي عنهم إذا اقتضت مصالحه ذلك، بينما يبقى البعض مخدوعين ببعض الأفكار التي زرعها النظام، وأهمها أن سقوطه يعني تسليمهم لجماعات متطرفة، ستقتل رجالهم وتستبيح أملاكهم وأعراضهم، مغمضين أعينهم عن علاقة المصالح المتبادلة بين النظام وتلك الجماعات.