أخبار الآن | دمشق – سوريا (آية الحسن)
بعد كل الاستنكار والغضب الذي رافق إعلان بدء الانتخابات البرلمانية في سوريا، البلد الذي هو بحاجة لحلول أكثر واقعية من انتخابات لا تٌقدم ولا تؤخر في حاله المأساوي على رأي الكثير من المُطلعين؛ وصف الكثيرون "بشار الأسد" بأنه بدأ يُغرد خارج الكون بإعلانه مثل هذه الخزعبلات، والتي يريد منها تشتيت الأنظار المتوجهة إلى جنيف.
عن أي انتخابات يتحدثون؟
يمكن اعتبار أن هذه الأيام التي تمر فيها سوريا من أكثرها إشكالية وتعقيدا، في ظل تعليق انعقاد مؤتمر جنيف حتى بداية شهر نيسان، والذي سيشهد إجراء تلك الحالة الانتخابية الواهية، إلى جانب ارتفاع سعر صرف الدولار الذي يقابله فقر وجوع أكبر يرزح تحته المواطن السوري، الذي يحاول الاحتجاج ولكن لا جدوى. فمن وقت لآخر يبدو هذا الارتفاع المتواتر كفيلا بتصعيد حدة تهالك الحالة الاجتماعية للمواطنين.
ومن هنا، وبين الغضب من الحالة الاجتماعية والاقتصادية، لم يجد السوريون حلاً إلاّ التهكم على حالة بلادهم السياسية التي لم ينقصها إلاّ انتخابات مجلس الشعب لازدياد أعداد أبواق النظام وتجديد دمائهم، على حدّ قول المُدرس "م. ل" الذي رفض التصريح عن اسمه وقال: "يبدو النظام في واد والعالم كله في واد آخر، من يعرف أن في بلادنا انتخابات برلمانية ربما يدرك أنها تعيش بسلام".
ويقول مروان: "شيء مضحك حقاً، ومتى كان هناك انتخابات نزيهة في سوريا؟ نعرف تماماً أنه منذ عام 1970 لم تجرِ انتخابات في سوريا، وإنما هذه مهزلة باسم انتخابات".
ويتابع أمير: "تبدو السخرية من الأمر أفضل من قبوله، من هم هؤلاء المرشحون، وماذا نستفيد منهم؟ نحن نعرف أن مجلس الشعب في سوريا وعبر سنوات ماضية لم يؤثر على حياة المواطنين إلاّ بالمحسوبيات والفساد".
ملصقات تهكمية
قام العديد من الناشطين بإيجاد حلّ مناسب وسريع للتعبير عن مقاطعتهم لهذه الانتخابات، فلجئوا إلى تعديل صور المرشحين والملصقات الانتخابية التي ملأت الشوارع والطرقات، عبر استخدامهم لبرنامج الفوتوشوب، ونشرها مرة أخرى عبر مواقع التواصل الاجتماعي، لتصبح هذه الصور بمثابة إدانة لهذا المشروع الانتخابي والمرشحين له.
من خلال تغيير بعض العبارات والأسماء التي تكتب تحت صور المرشحين، تُظهر وجوههم وكما اعتدنا عليها واثقة من نفسها تطرح برنامجاً واهيا تُريد منه استقطاب أكبر عدد من المنتخبين، وكأننا لا نعرف حقيقتها.
يقول "كريم" أحد المشاركين في نشر هذه الصور على فيس بوك: "الانتخابات في سوريا لا يمكن اعتبارها إلا نموذجا متجددا لكذب النظام وتوهم لشكل ديمقراطي مفقود من الحياة السياسية فيها. ومن هذا المبدأ أرى أن الاحتجاج عليها بهذه الطريقة أفضل من السكوت. لم نعد مضطرين للقبول بكل شيء يفرضه علينا النظام للتأكيد على نزاهته".
ويقول "شاكر" 40 عاما: "في الواقع ننتظر الكثير من حملات الرفض والاستهجان من جميع السوريين في الخارج، حتى لو بنشر صورة تستنكر هذه الانتخابات الكاذبة".
وهو ما حصل بالفعل، فقد تناقل العديد من السوريين هذه الصور وعبّروا عن رفضهم لهذا "العرس الديمقراطي" كما يسميه النظام وأجهزته، معلنين الرفض من خلال السخرية من المرشحين وأقوالهم التي لا تنبئ بجديد، ولا تشي إلاّ بقصور رؤية وانفصال عن الواقع. وهذا ما ركز عليه الكثير من المتهكمين.
عقلية البعث المستهلكة
يمكنك أن تعرف مدى كذب هذا المجلس من الشعارات التي يطلقها، يقول سامر: كالعديد من الجمل التي مازالت تدور في فلك الحفاظ على الثروة الحيوانية، والإصلاح الزراعي، لا يمكنك التعويل عليها، الأجدى بهم الاهتمام بالحفاظ على حياة البشر التي باتت مهددة أكثر من أي شيء في سوريا.
ويكمل حسين بعبارة: "عتيقة يا بلد" هل من أمل يرجى في هذه المسخرة الانتخابية؟ أرى أن مجلس الشعب من أول المؤسسات التي يجب حلّها وإعادة هيكليتها فهي شكليّة وعتيقة وغير مؤثرة في هذا الوقت.
وتكمل سناء: كنا ننتظر من أي مرشح أن يتعهد بمساعدة النازحين والمنكوبين والفقراء، هذا العمل المجدي والذي يحتاجه السوريون، ولكن مجلس الشعب مجرد أوهام وكلمات.
لا تزال عقيلة البعث مؤثرة وراسخة في عقول المؤيدين، خصوصاً السياسيين الذي لم يروا في هذه السنوات الخمس إلاّ تهديداً لهم ولأمنهم، ومثلهم الكثير ممن بقي على مسافة بعيدة من مطالب الشعب الحقيقية ومظلوميته، وهذا ما يبدو واضحاً اليوم بشكل جليّ، أن هناك أطراف ما زال يشغل بالها الانتصار على هذه المؤامرة الكونية، متناسين أن هناك ثورة حقيقية تجري على الأرض السورية لها مطالب وحقوق، واستمرارها هذا يعني تفوقها، مقابل كل الفساد والتدهور الذي تشهده البلاد.