أخبار الآن | دمشق – سوريا (آية الحسن)
في الوقت الذي ينتظر فيه الجميع كل ما يستجد عن محادثات مؤتمر جنيف وما خلفها من جهود دبلوماسية لإنهاء الحرب، وبين كر وفر من وفد المعارضة وما يقابله من تعنت وفد النظام حول موضوع تقرير مصير الأسد "بالأخص"، لا يزال الأسد يحظى بثقة تخوله لإكمال مهامه الدستورية على أكمل وجه "كما يرى نفسه بعد إقراره بضرورة قيام انتخابات برلمانية"، حيث امتلأت مؤخراً شوارع دمشق بمشهد لم يسبق لنا مشاهدته منذ عام 2012 بإعلانات تدعو المواطنين للمشاركة في الانتخابات البرلمانية المزمع عقدها يوم 13 أبريل/ نيسان المقبل.
ولا تقتصر حملات الترويج للانتخابات البرلمانية على إعلانات الشوارع، فقد أخذت وسائل الإعلام الرسمية على عاتقها مهمة الترويج للانتخابات البرلمانية باعتبارها حدثا ديمقراطيا يعدّ استكمالاً لمسار صمود السوريين في وجه المؤامرة والحرب الإرهابية، على حد تعبيرهم.
انتخابات مزيفة واستخفاف بعقول السوريين
وكما عودتنا حكومة النظام ومجلس الشعب، فهي بعيدة كل البعد عن كل ما يشغل بال المواطن ويؤرقه، باعتبار أن تاريخها يشهد بفساد كبير وقلة مسؤولية بالإضافة للمحسوبيات. تقول المحامية "بتول. ش" تعقيباً على إعلان اللجنة القضائية العليا للانتخابات عن تقديم ما يزيد عن 11 ألف طلب للترشح عن مختلف المحافظات، إذ استغربت في أن يكون هناك ما يزيد عن 500 طلب من أغلب المحافظات المنكوبة، كما سمتها، وتابعت: "لا يمكن تصديق هذا الأمر، فمن غير المعقول أن يكون هناك مرشحين من إدلب ودير الزور والرقة ودرعا، إلاّ من هم أعوان النظام وحاشيته، وهذا دليل واضح على قلة النزاهة وعدم احترام المواطن، وإلى جانب كل ذلك فلم نعد نحلم بشيء يقدمه البرلمان السوري، وهو المشهور بإلقاء الأشعار والتصفيق المتواصل".
"هذا استخفاف من الحكومة بعقول السوريين"، تقول "ندى" طالبة حقوق: "كلنا نعلم جيداً أن هذه الحملات الانتخابية مزيفة، لأن أسماء المرشحين الناجحين معدّة سلفاً، إضافةً لأنه فعل أحمق يحدث في بلد مدمر، يجب أن يناقش مصيره بعيداً عن انتخابات برلمانية لا تحل ولا تربط فيه".
"العرس بدوما والطبل بحرستا"، هذا ما قاله "فراس" مستعيناً بمثل دمشقي يصف حالة التوهان والانفصال كما يسميها بين الشعب والحكومة؛ التي لا تهتم بكل ما يجري حولها من أحداث وتصّر على التصرف وكأن البلاد في أحسن حال.
وتساءل "عمار" عامل حرّ: "عن أي انتخابات يتحدثون وأغلب الشعب السوري نازح ومعتقل ومنفي، نحن بالكاد نؤمن لقمة العيش، وصراحةً هذا أكثر ما يهمنا اليوم، نريد أن تنتهي الحرب لنعيش بسلام".
مقاطعة داخلية وخارجية
في حركة غير متوقعة، دعت "هيئة التنسيق لقوى التغيير الوطني الديمقراطي" وهي أبرز مكونات المعارضة في الداخل، إلى مقاطعة الانتخابات التي اعتبرتها "مصادرة للجهود الدولية والإقليمية لتحقيق الحل السياسي التفاوضي في مؤتمر جنيف"، وذلك بحسب بيان نشر على صفحتها على موقع التواصل الاجتماعي، لقناعتها بعدم شرعية ونزاهة انتخابات تجري في ظل نظام مستبد غير شرعي، وإقدام النظام على هذه الخطوة يشير إلى عدم جديته والتزامه على الإطلاق بالعملية السياسية.
بينما اعتبرت أطراف أخرى من المعارضة أن أية محاولة من جانب الحكومة لتأخير الجولة المقبلة من مفاوضات السلام في جنيف بسبب الانتخابات البرلمانية تعتبر مرفوضة، وطالبت روسيا بالضغط على حلفائها في دمشق، للدخول في مفاوضات جادة للتوصل إلى الانتقال السياسي.
وجاء في تصريح النائب المنسق العام للهيئة العليا للمفاوضات، التي تمثل فصائل معارضة في مؤتمر صحفي بجنيف: "نحن على دراية بطلب النظام تأجيل الجولة المقبلة لأسبوعين، النظام يحاول التنصل من مسؤولياته وتأجيل المفاوضات، مضيفاً نحن مصرون على عقد الجولة التالية في موعدها، لا يحق للنظام فرض أي تأجيل للجولة المقبلة ونأمل أن تستخدم روسيا نفوذها على نظام الأسد، للدخول في مفاوضات جادة بشأن الانتقال السياسي، نحن مع مواصلة المفاوضات، لن نقبل تأجيلًا من أجل إجراء انتخابات غير شرعية".
إلى جانب ذلك ما زال موضوع مناقشة مصير الأسد معلقاً بين رفض وقبول، وعلى وقع الكثير من التكهنات تبدو دمشق أبعد ما يكون عن جنيف وما يدور فيها، وما يبدو أكثر وضوحاً أننا مقبلين على فترة أكثر إشكالية وغموضا، في ظل تقدم النظام على العديد من الجبهات كتدمر، هذه النقطة التي ستفتح أمامه مجال الشرق السوري، واستمراره الأرعن بإدارة الحياة السياسية ببلده متناسياً كل التهالك والظلم الذي أوصله إليه، وهنا ربما سيغلب زيف الانتخابات على جديّة المحادثات.