أخبار الآن | غازي عنتاب – تركيا ( ياسمينا بنشي )
عائدة ابنة الثلاثون عاما إمرأة من الغوطة الشرقية هي أرملة وأم لثلاثة أطفال (مات كبيرهم بحادث سير و كان عمره سنتان ) اعتقلت على حاجز تابع لقوات الأسد في مدينة دمشق خلال فترة عيد الفطر منتصف شهر آب (أغسطس) عام 2013، التهمة كانت أنها منقبة ومن أبناء الغوطة الشرقية، تم إعتقالها ونقلها الى فرع الامن العسكري 215 المعروف بفرع الموت.
دخلت عائدة الى الفرع 215 بحالة صحية جيدة، وكما كافة المعتقلات في هذا الفرع، إذ تتعرض النساء فيه لأبشع أنواع الانتهاكات الجسدية، ويتم تفتيش السجينات عاريات من قبل رئيس السجن أحمد عليا (الملقب بشرشبيل الفرع).
تعرضت السيدة للضرب بأنبوب بلاستيكي من قبل المحقق، بالإضافة إلى شتمها وإهانتها وإجبارها على خلع نقابها، كان هذا المحقق بحسب وصفها لم يتجاوز الخامسة والعشرين من عمره، مربوع القامة، حنطي البشرة، يتحدث بلهجة جبلية.
بعد أيام من اعتقالها داخل الفرع حدثت مجزرة الكيماوي في الغوطتين الشرقية والغربية حين دخلت إحدى المعتقلات الجدد لتخبر المعتقلات عن هول المجزرة المرتكبة وعن عدد الضحايا من المدنيين وبالرغم من حرص المعتقلات في مهجع الفرع من عدم إخبار عائدة، إلا أنها كانت تسترق السمع وكانت المعتقلات تعتقد أنها نائمة إلا أنها كانت تسترق السمع لتعرف ماذا حدث لأبنائها.
فتحت عينها ونظرت مذهولة خائفة، كانت تفكر بحال أهلها وولديها، دون أن تبدي أية ردة فعل، وعندما حاولت النهوض وقعت على رأسها، وأصابتها نوبة من التشنج والاختلاج، كانت ترتعش بشدة دون أن تتلفظ بأي كلمة، قبل ان تفقد وعيها، حاول المعتقلات إيقاظها من حالة الإغماء لكن دون جدوى.
بقيت عائدة على هذا الحال عدة ساعات، ما دفع المعتقلات إلى طلب المساعدة من السجان لإيقاظها، فأخذها محملة الى أحد مكاتب التحقيق، حين عادت للمهجع وهي تمشي، لكن ثمة كدمات كانت واضحة على وجهها، فالطريقة الوحشية التي قام بها السجان والعناصر بإيقاظها كانت مؤلمة جدا حينما استفاقت، وأثار الأصابع الوحشية حول رقبتها كانت واضحة في عملية إعادتها للوعي، قالت لنا عندما دخلت المهجع إنها كانت تشعر بالاختناق عندما استفاقت.
عادت السيدة لحالة الاغماء مرة أخرى، وطلب بعض المعتقلات من السجان مساعدتها ثانية، لكنه قال لهن "دعوها تموت" فثمن من يموت عندهم كما يقولون هو بطانية، حاولت بعض المعتقلات مساعدتها وتعاون الجميع في ذلك، خاصة إحدى الممرضات المعتقلات التي ساهمت لاحقا في تحسن بسيط بحالتها، لكنها كانت حين تستفيق تهذي بأن والدها وولدها الأصغر قد ماتا خلال المجزرة، لتعود مرة أخرى لفقدان الذاكرة والوعي وتبدأ بالحفر بأظافرها في الحائط بحثا عن جثث أهلها.
بقيت عائدة عدة أيام على هذه الحال داخل الفرع الى أن تم تحويلها الى سجن عدرا منتصف شهر أيلول (سبتمبر) عام 2013 لتقضي هناك مدة اثنا عشر يوما تحسن حالها خلال تلك المدة، قبل أن تعرض على قاضي محكمة الإرهاب، ويأمر بإخلاء سبيلها لعدم وجود تهمة محددة.
وعندما خرجت من السجن، تواصلت إحدى المفرج عنهن والتي كانت في منطقة قريبة من مكان عائلتها وعلى تواصل مباشر مع عائدة وقالت بأن والد عائدة وولدها الأصغر قضيا في مجزرة الكيماوي، ولم يبق لها أحد.