أخبار الآن | الحسكة – سوريا (عبد الرحيم سعيد)
منذ أن أعلن المجتمعون في "الرميلان" شمال شرق سورية تبنيهم لإقامة نظام فيدرالي في المناطق الخاضعة لسيطرة وحدات الحماية الشعبية من طرف واحد، باسم "النظام الاتحادي الديمقراطي لروج آفا– شمال سوريا" دون العودة إلى أطراف المعارضة، ودون أن تنتظر نتائج اجتماعات جنيف 3، بدأت ترتفع الكثير من الأصوات التي ترفض هذه الخطوة.
أسباب الرفض تعددت فمنهم من يعتبرها الخطوة الأولى للتقسيم، ومنهم من يرفض طريقتهم الفردية في الإعلان، وآخرون دعوا إلى أن تكون الفيدرالية من مقررات جنيف وليس من مقررات مؤتمر الرميلان، أمام هذه الأصوات الرافضة يدافع مؤيدو الإدارة الذاتية عن قرارهم بإعلان الفدرالية من طرف واحد.
رافضون وأسباب
كان لأخبار الآن عدة لقاءات مع شخصيات رسمية، للاطلاع على أسباب رفضهم لهذه الخطوة.
"المجلس الوطني الكردي" الذي يدعو في بياناته السياسية إلى تبني الفدرالية والنظام الاتحادي في سورية كان من الرافضين لهذه الخطوة، واتّهم حزب الاتحاد الديمقراطي وشركائه في اجتماع "الرميلان" بالتفرد في اتخاذ القرارات المصيرية، المجلس الكردي أصدر بياناً رسمياً، أكّد فيه رؤيته بأنّ النظام الفدرالي مطلب من مطالب المجلس ولكنّه يرفض إعلانها من طرف واحد دون اشراك أطراف المعارضة الأخرى، واعتبر هذه الخطوة تبعد الشعب الكردي عن تطلعاته القومية والوطنية المنشودة.
"يونس أسعد" رئيس المجلس المحلي للمجلس الوطني الكردي يقول لأخبار الآن: "مطلبنا هو اللامركزية السياسية، ولكنّ الفيدرالية المعلنة من قبل الإدارة الذاتية غير مقبولة لأنّها من طرف واحد، وكان يجب أن تشارك فيها جميع الأحزاب والتجمعات الموجودة"، ويضيف: "نحن نريد فيدرالية دستورية شرعية يشارك فيها جميع السوريين ونريد أن نقنع جميع مكونات المعارضة أنّ الفيدرالية لا تعني التقسيم ونريد تثبيتها عن طريق الدستور السوري وبموافقة مكونات الشعب السوري".
"الحزب الديمقراطي التقدمي" الذي يحظى بشعبية كبيرة في الجزيرة السورية، كان له موقف مشابه لموقف المجلس الوطني الكردي، فقد أعلن الحزب التقدمي في بيان رسمي أنّ: "قرار كهذا ليس فقط يتعلق بمصير الشعب الكردي في سوريا، وإنما بمستقبل عموم الشعب السوري، ولا يمكن أن يؤخذ هكذا قرار وبشكل انفرادي دون استشارة، أو إشراك بقية الأطراف في الحركة الكردية من جهة، ودون توافق وطني مع المكونات السورية الأخرى، وخاصة العربية منها التي يربطنا معها مصير مشترك".
ويقول "محمد قجو" مسؤول منظمة الحزب الديمقراطي التقدمي لأخبار الآن: "لقد كان حصول الشعب الكردي على حقوقه مطلباً للحركة السياسية الكردية منذ عام 1957 وحتى اليوم، ولكنّ تاريخ وطريقة إعلان الفيدرالية لم تكن محل ارتياح لدى قسم كبير من الشعب الكردي، وعند القسم الأكبر من السوريين، هذا بالإضافة إلى الرفض الدولي الذي جاء رداً على طريقة اعلانهم لهذه الخطوة الانفرادية"، ويضيف قجو: كان من الواجب عليهم أن ينسقوا أكثر مع أطراف المعارضة الأخرى في سوريا العربية والكردية.
أطراف أخرى التقت بهم أخبار الآن رفضوا مبدأ الفدرالية، واعتبروها خطوة لا تعبر عن رأي مكونات المناطق التي شملها إعلانهم لنظام اتحادي فيدرالي، وإنّما هي فقط خطوة تعبر عن رأي حزب الاتحاد الديمقراطي الذي جمع مجموعة من الموالين له في مدينة "الرميلان"، واعتبرهم ممثلين عن مكونات تلك المناطق.
كما يتهم البعض النظام السوري الذي يعتبرونه من ممولي حزب الاتحاد الديمقراطي بالوقوف وراء هذه الإعلان، وهو غير جدي في معارضته للفيدرالية فهو الذي يعمل دائماً على ترتيب مثل هذه الاجتماعات في المنطقة بسبب العلاقة الوثيقة بين الجانبين، يقول لأخبار الآن "سامر الأحمد" إعلامي من الحسكة: "لا يمكن اعتبار هذه الخطوة من قبل الاتحاد الديمقراطي صحيحة، لأنّها غيبت الكثير من الأصوات التي من المفترض أن تكون شريكة في مثل هذا القرار، الذي يعني جميع السوريين، وخطوتهم هذه تشبه ما تقوم به الأحزاب الشمولية عادةً، حيث اعتمدت على مجموعة من مناصريها وقدمتهم بوصفهم ممثلين عن باقي المكونات"، وعن علاقة النظام مع هذا الإعلان يقول الأحمد: "لا أعتقد أن يكون النظام بعيداً عن هذه الخطوة فقد عوّد خصومه على استخدام أوراق ضغط تسبق كل خطوة تفاوضية، وتعتبر هذه إحدى أوراق الضغط والتهديد بالتقسيم، وهو لم يكن جدي في معارضته، فهو داعم كبير للإدارة الذاتية".
"سامر" يريد أن يقرر السوريون شكل الدولة والحكم الذي يناسب التركيبة السورية، ومن حق الأكراد أن يكون لهم دور في تقرير ذلك وبالضرورة أن يتم هذا في إطار الشراكة الوطنية بين الجميع.
ردود فعل المؤيدين
أمام هذه الانتقادات يصر مناصرو الإدارة الذاتية والمشاركون في اجتماع الرميلان على أنّ هذه الخطوة صحيحة، وإعلان الفيدرالية بنظرهم لا يعني التقسيم بل العكس سيحافظ على وحدة سورية، فالعيش ضمن نظام مركزي كنظام الأسد أصبح غير مقبول، والحل إما الفيدرالية أو ستحدث مشاكل كبيرة بين مكونات الشعب السوري.
"عماد مجول" عضو التحالف الوطني الكردي في سوريا، والذي شارك في مؤتمر الرميلان، يقول للأخبار الآن: "الفدرالية كان مطلبنا منذ بدء الثورة، وهذا المؤتمر تمّ التحضير له تلبيةً لنداء المقاطعات الثلاث "الجزيرة – كوباني – عفرين"، وعدم حضور بعض القوى السياسية لا يعني أنّها خطوة فردية"، ويتابع: "نرى أنّ الفيدرالية هي الحل الأمثل لسوريا، ويجب أن تأخذ شكلها الاتحادي بعيداً عن المركزية، ومعارضة النظام والمعارضة لهذه الخطوة تعني أنّ الطرفين لديهم عقلية البعث، فكافة الدول المتقدمة في العالم لديها نظام فدرالي ناجح فلماذا الرفض؟".
من جهة أخرى، عقدت "الهيئة التنظيمية" التي شكلها اجتماع الرميلان والمكونة من "31" عضواً لمتابعة تطبيق مقررات الاجتماع؛ اجتماعها الأول لتشكيل اللجان المشرفة على أعمال المجلس، ووضع خطة للعمل، وانعقد الاجتماع بحضور "26" عضواً مع الرئيسين المشتركين للمجلس "هدية يوسف ومنصور السلوم"، مع غياب خمسة أعضاء آخرين من عفرين وريف حلب لانقطاع الطريق.
تمكنت أخبار الآن من التواصل مع "نصر الدين ابراهيم" سكرتير الحزب الديمقراطي الكردي، وهو من أعضاء الهيئة التنفيذية والذين حضروا الاجتماع، وحصلنا على أخبار لم تنشر على وسائل الإعلان حتى اللحظة، وهي أنّ الاجتماع الذي ما زال مستمراً قرر تشكيل أربع لجان مع مراعاة مشاركة كافة المكونات من جميع المناطق في هذه اللجان، وقد تم تشكيل اللجنة الدبلوماسية من "7" أعضاء منهم الرئيسين المشتركين للهيئة، وكذلك تشكيل لجنة من "11" عضواً مهمتها إعداد مشروع لعقد اجتماعي، وكذلك تشكيل لجنة إعلامية من "3" أشخاص ولجنة للنشاطات والفعاليات من "6" أشخاص.
"نصر الدين ابراهيم" قال لأخبار الآن أنّهم ناقشوا أيضاً في الاجتماع الأول ردود الفعل السورية والدولية حول إعلانهم لمشروع الفدرالية، وقرروا تكليف اللجنة الدبلوماسية للتواصل مع الأطراف السياسية السورية والدولية لتقديم توضيحات أكثر عن مشروعهم وإزالة فكرة التقسيم عن أذهان الرافضين لهذه الخطوة.