أخبار الآن | دمشق –  سوريا (أحمد الدمشقي)

ضرب النظام السوري منذ عدة أيام حصاراً خانقا على "حي برزة" الواقع إلى الشمال من العاصمة السورية دمشق، والذي يتربع على أهم مداخلها الرئيسية وثكناتها العسكرية المتصلة مباشرة مع ألوية جبل قاسيون، بالإضافة إلى أفرع المخابرات والبحوث العلمية والمشافي العسكرية، فيما لم يتم الإعلان عن الأسباب الكامنة وراء هذا الإغلاق الكلي المفاجئ.

اتهامات للأهالي بخطف ضباط تابعين لقوات النظام

تعددت الروايات التي أثيرت حول هذا الحصار، حيث سربت مصادر مقربة من النظام أخبارا عن قيام الجيش الحر في برزة باختطاف عناصر تابعة للنظام، فتحدثت بعض المصادر عن اختطاف ستة من ضباط وعناصر جيش النظام، فيما ادعت مصادر أخرى أن 11 عنصراً للنظام بينهم ضباط رفيعي المستوى قد فقدوا على أطراف الحي، لتعود وتذكر صفحات تابعة للنظام أن عنصرين تابعين للنظام تم اختطافهم قبل إغلاق الحي بأيام، لكن "مكتب برزة الإعلامي" نفى كل هذه الأخبار جملة وتفصيلاً.

الناشط "أبو أكرم" تحدث عن الوضع الكارثي الذي يتربص بالحي في حال استمرار الحصار، حيث يأوي الحي أكثر من 150 ألف مدني، أكثر من ثلاثة أرباعهم من النازحين من الغوطة الشرقية ومن مختلف المناطق السورية ممن يعيشون أوضاعاً صعبة للغاية بسبب النزوح والفقر الذي أصاب شريحة كبيرة جداً من المجتمع السوري، خاصة ممن دمرت مدنهم وقراهم.

وأشار "أبو أكرم" إلى أن حي برزة ليس بحديث العهد بالحصار، حيث قام النظام منذ دخول الحي بالهدنة مطلع 2014 باستخدام سلاح الحصار الكلي مراراً للضغط على الثوار والأهالي الذين يعيشون حالة مستمرة من الحصار الجزئي المفروض على الحي، فلم تكن الطرقات مفتوحة بشكل كامل في يوم من الأيام فيحاسب الداخل على الحي على كل المواد الغذائية التي يحملها وقد تصادر في أحيان كثيرة، فيما منعت سيارات الأغذية من الدخول إلى الحي وأقفلت معظم المحلات ليضطر الأهالي إلى الخروج من الحي يومياً لتأمين احتياجاتهم وبكميات بسيطة جداً تكفي ليوم واحد حسب تعليمات الحواجز التابعة للنظام "على غرار المناطق المهادنة كالمعضمية والتل وقدسيا" وهو ما هيأ البيئة لظهور تجار الدم كما في كل الحروب والمجتمعات.

الحصار بقصد التركيع والتجويع .. وتحذيرات من سيناريو مضايا

أما عن الحصار الحالي للحي، فقال "أبو أكرم" أن لجنة الحي دخلت في مفاوضات مستمرة منذ توقيع الاتفاق الذي أفضى إلى وقف إطلاق النار مطلع العام 2014، وتتمحور هذه المفاوضات حول ملف المعتقلين بالدرجة الأولى وتأمين احتياجات عشرات الآلاف ممن يسكنون الحي، كما تعمل على وقف الاعتقالات بحق أهالي الحي.

وفي المرحلة الأخيرة زاد النظام من طلباته التعجيزية بالتزامن مع الحديث المستمر عن الحل السياسي الذي سيفرض من قبل الدول الكبرى، فلمنطقة استراتيجية مثل برزة أهمية قصوى يسعى النظام لاحتوائها والسيطرة عليها مستقبلاً، وهو ما استشعرته لجنة الحي ورفضته بشكل قاطع ليتم فرض الحصار بغية "التجويع والتركيع" وهو ليس بجديد على نظام الأسد حيث سبقها إلى ذلك مدن عدة كمضايا، لكن أبو أكرم أوضح أن الجيش الحر يمتلك أوراقا يلعبها كإغلاق طريق الحنبلي وطريق مشفى تشرين، واللذين يؤديان إلى قيادة الشرطة العسكرية وضاحية حرستا الواقعتين تحت سيطرة النظام على التوالي، وهو ما تم بالفعل منذ إغلاق طريق دمشق برزة التل ومنع الدخول والخروج من الحي.

كما أوضح أبو أكرم أن العشرات من أهالي الحي قد تم احتجازهم في مسجد الخنساء القريب من البحوث العلمية عندما علقوا خارج الحي لحظة إغلاقه بعد أن طلبوا المبيت في المسجد تجنباً للبرد ليقوم عناصر النظام بجمع هوياتهم الشخصية ومنعهم من الخروج من المسجد.

وتحدثت الأنباء الواردة من المسجد لاحقاً عن السماح لغير أهالي برزة بمغادرة المسجد، والإبقاء على كل أهالي الحي المحتجزين، وفي ظل كل هذه التطورات تسعى اللجان المختصة في الحي إلى التوصل إلى صيغة تفضي إلى إعادة فتح الطرقات وفك الحصار بالتزامن مع وعود يومية من جانب النظام بفتح الطرقات دون تنفيذ أي منها، بحسب أبو أكرم؛ الذي أكد أن كل المنظمات والهيئات المدنية والعسكرية في الحي تسعى بكامل طاقاتها لتأمين حاجة الناس اليومية من خلال طرح المواد المتاحة في الأسواق والعمل على ضبط الأسعار واستخدام كل الموارد الممكنة للخروج من هذه الأزمة وهو ما أثمر عنه تأمين كمية كبيرة من الخبز وزعت على أهالي الحي بسعر 200 ليرة للربطة الواحدة بعد أن تحمل المجلس المحلي 150 ليرة من سعر التكلفة للربطة الواحدة، مع استمرار المساعي لتأمين الموارد وترشيد استهلاكها لكن كل ذلك لا يعني أن الحي غير مقبل على أزمة خطيرة في حال استمرار الحصار.