أخبار الآن | طرطوس – سوريا (سمارة علي)

يعتقد كثيرون أن مدينة طرطوس تعيش عصراً ذهبياً من خلال "الأمن" المخيم عليها، ومن خلال الكثير من المؤشرات الهلامية التي توحي بذلك.

في عيد الأم، بات كل بيت في طرطوس يفتقد لأحد شبابه أو ربما للأب أو لأحد الأشخاص، فما تخيم أجواء من الحزن على المدينة في كل الأوقات وليس فقط في عيد الأم؛ يصعب وصفه أو معرفة خفاياه.

"أم سمير" امرأة في حي "العريض"، أم لثلاثة شبان قتلوا خلال القتال إلى جانب النظام، يسمع سكان الحي بشكل يومي صراخها وشتمها للجيش والقوات المسلحة، بسبب فقدانها شبانها الثلاثة، لكن عيد الأم كان بتفاصيل متغايرة.

منذ الساعة الثامنة من يوم الإثنين 21 آذار/ مارس، سمع أهالي حي العريض صراخ أم سمير وهي تشتم القيادة وتوجّه عبارات إلى قائد الدفاع المدني بطرطوس، الذي جند اثنين من أولادها، وشوهدت تحمل صورهم وتتجه نحو المقبرة، والدموع تغطي وجهها الشاحب، فراح أهالي الحي يبررون تلك الأفعال بأنها فقدت عقها، إلا أن الجميع في المدينة غير راضين عن ما يجري من فقدان المدينة للشباب بسبب الصراع.

حال أم سمير يشابه حال الكثير من الأمهات اللاتي فقدن أبنائهن، فلقد تكشفت الكثير من الحقائق حول عدم رضا ذوي القتلى بما يجري من صراع؛ وقوده دماء أبناءهم، لكن الخوف من الاعتقال والاختفاء القسري، جعلهم دائما في حالة سكوت خلفه الكثير من التساؤلات.

النظام أقام فعاليات بسيطة حول تكريم أمهات قتلى الحرب بالمدينة، ومن أصل أكثر من أربعة آلاف دعوة حضرت نحو سبعمائة أم.

"وصال" أم لأحد القتلى: "من المفترض أن يعايدني ابني "علي" فلو كان غير قادر على المجيء في هذه المناسبة سيتصل بي هاتفيا، اليوم علي تحت التراب وأنا أعيش أصارع الموت، الحرب تجري والثمن شباب سوريا، ولكن ما الذي نجنيه؟ ما الذي يقابل دماء أبنائنا؟ شباب سوريا تموت بسبب مكافحة الإرهاب".

"أم حيدر" والدة قتيل ومفقود: "حيدر وأنيس كل ما أملك في هذه الحياة، اليوم عيد الأم، من سيجلب لي الهدايا؟ ومن الذي سيعايدني؟ حيدر قتل في معارك حلب ما شأن طرطوس بالدفاع عن حلب؟ لقد ذهب إلى الخدمة العسكرية مكرها، وأنيس فقد في معارك مرج السلطان، وما يجعلنا حزينات أكثر أن أحدا لا يستمع لمناجاتنا، نريد شبابنا وأبناءنا".

في طرطوس قصص كثيرة مؤلمة بكل ما تحمله طيات الكلمة من معنى، فاليوم تجلس الأمهات لتشكو حالها لبعضها وكل يقول "مصيبتي أقل وأخف من مصيبة غيري".