أخبار الآن | عمان – الأردن (ريم الحمصي)
بالتزامن مع يوم تتفتح فيه الأزهار والورود وتكتسي الأرض باللون الأخضر استعداداً لاستقبال فصل الربيع، تتفتح مواجع أمهاتنا السوريات وتكتسي قلوبهم بالدموع والحسرات استقبالاً لعيد الأم.
21 آذار/ مارس يوم صنع لتكريم الأمهات والأمومة على ما قدموه في سبيل بناء المجتمع، عيد علماني أصبح ينافس الأعياد الدينية في شعبيته. في السابق كان لهذه المناسبة قدسية خاصة على حد قول "فرح": "أغلب السوريين اعتادوا الاحتفال بهذه المناسبة مهما كانت الظروف، كنا نحاول أن نجمع شملنا بهذا اليوم، ازدحام المطارات والشوارع والأسواق المكتظة بالناس الذين امتلأت أيديهم بالأكياس والهدايا والمطاعم المحجوزة، يحكي عن هذا اليوم"، وتتابع: "ويلي ما عندو أم بيعمل لحالو أم متل خالة أو عمة أو أخت كبيرة المهم ما يحسو باليتم".
وها هم السوريون يعيشون العيد الخامس على التوالي بمشاعر الحزن والقهر واللوعة والحرمان. تعددت روايات الألم بين السوريين في هذا اليوم، فكثير من الأطفال فقدوا أمهاتهم فيما اضطرت بعض الأمهات لتغييب أطفالهن عن أعيونهن، خوفاً عليهم من مستقبل يسوده القتل والدمار.
"فواز" طفل لا يتجاوز عمره 12 عاماً، يحدثنا عن شعوره وهو بعيداً عن أمه التي أرسلته إلى تركيا ليكمل تعليمه أو علها تحمي ما تبقى من ذكور عائلتها بعد أن فقدت أبيه وأخيه في الحرب، ليعيش بين مجموعة شبان وإن كانوا كالإخوة إلا إنه في منزلٍ ينقصه مقومات الوضع الأسري وما يحمله من ألفةٍ ودفء، يقول: "عيدي هو عند لقاء أمي وأخواتي الصغيرات وإن كنت أتحدث معهم إلا إنني مشتاق لحضن أمي جدا".
"أم عبدو" التي لا تعرف عن ابنها "عبد الوهاب" البالغ من العمر 19 عاماً والذي اختفى منذ عامين أثناء سفره إلى دير الزور لشراء المازوت، سوى أنه معتقل لدى النظام هو ومجموعة شبان من أقاربه، مؤكدةً لنا في معرفة مصير ابنها وإذ ما كان على قيد الحياة خصوصاً أنها تلقت منذ عام خبر وفاته، ولكن ما إن تقبل قلبها فكرة موته حتى جاءها خبر آخر يفيد بأنه على قيد الحياة من أشخاص رأوه في صيدنايا، وبدموع الأمهات الثكالى التي تغمر وجنتيها، قالت: "ما في أم بتتمنى ابنها يموت، بس إذا كان معتقل وعم يتعذب فموتو أهون عليه وعلّي".
"أم أدهم" أم لثلاث شُبّان وفتاة كان لها أيضاً نصيب من العذاب حيث استشهد ابنها أثناء دفاعه عن مدينته وأصيب ابنها الآخر إصابة خطيرة مما اضطرها إلى اللجوء للأردن لعلاجه حيث لقي حتفه هناك، ولم يبق لديها معيل سوى ابنها البالغ من العمر 15 عاماً وابنتها التي لم يمضي على زواجها أشهر قليلة، لتصحو على كابوس أصاب زوجها وأبوه وأخوته الذكور حيث حُرقوا أمام أعين نسائهم، ذكريات مؤلمة من واقع مرير.
ليس بعيداً عن "أم أدهم" تعيش أمهات فجعن بأبنائهن بعد أن شاهدن صورة لأحد الشهداء الذين ماتوا تحت التعذيب، لهذه الصورة رواية جديدة من روايات ألم الأمهات السوريات.
إذ انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي صورة لشاب استشهد تحت التعذيب لتتعرف سيدتان على هذه الصورة، وتقول كل منهما أن هذه الصورة لابنها وذلك نتيجة الشبه الكبير بين الشابين، وعلى الرغم من أن معالم الإنسان تتغير أثناء التعذيب والجوع لكن يبقى هناك علامات تميزه عن غيره كالشامة وشكل الوجه والأذنان فكيف إذا تطابقت كلياً بين شخصين، هنا ارتبطت هاتان السيدتان بمصير واحد بانتظار حقيقة تؤكد شخصية الضحية وعندها ستخرج إحداهن من حافلة الانتظار المؤلم إلى حافلة أكثر قساوة وربما أكثر أمانا واطمئنان.
قصص كثيرة وأمنيات أكثر، أمهات تمنيّن أن يعم السلام في بلدنا وأن يعودوا إلى حضن الوطن، وأمهات تمنين الشفاء لأبنائهم ولقائهم ومنهم من تمنت سماع صوت ابنها ولو للحظة.