أخبار الآن | ريف إدلب -سوريا (إبراهيم الإسماعيل)
ينتظر دوره بخوف وترقب شديدين على باب النقطة الطبية البسيطة المتواجدة في منتصف قريته المتواضعة، طفلٌ صغير من أطفال الثورة السورية شردته الحرب ومزقت كل ما خزنته ذاكرته خلال سنوات حياته القصيرة.
تعاني المناطق المتضررة في الداخل السوري من مشاكل صحية كثيرة وأهمها انتشار الأمراض المعدية بكثيرة وسرعة كبيرة، فمع قلة الأدوية المضادة وحملات التلقيح أصبح انتشار الأمراض أسرع من انتشار طائرات النظام في سماء تلك المناطق.
الأمراض الأكثر ضرراً للأطفال والكبار
تعتبر الحصبة الألمانية والحصبة Measles من الأمراض المعدية والخطيرة التي تصيب الأطفال وكبار السن والتي تتميز بظهور طفوح جلدية على جسم المريض، كما يسبب المرض مضاعفات عدة منها: التهاب الحنجرة والنزلة والسعال والتهاب الرئة والتهاب الدماغ.
تعتبر حالات الوفاة بهذا المرض أكثر شيوعاً بين الوضع وكبار السن، إذ يموت طفل واحد بين كل ألف شخصٍ مريض بالحصبة، حيث يكون سبب الوفاة التهاب الرئة، أما لدى البالغين فيكون سبب الوفاة التهاب الدماغ.
تقوم المنظمات الطبية وبشكل دوري بالقيام بحملات لقاح ضد هذا المرض، حيث انطلقت في الآونة الأخيرة حملة لقاحٍ شملت جبل الزاوية والريف الشمالي لمحافظة إدلب اضافةً إلى الريف الجنوبي والشرقي لتلقيح الأطفال ضد هذا المرض.
بدأت الحملة في الخامس عشر من الشهر الجاري وتستمر حتى الرابع والعشرين منه لتشمل الحملة محافظة ادلب بشكل كامل.
التقينا الطبيب المشرف عن الحملة في بلدة مرعيان بجبل الزاوية وأفادنا بالتالي: "نقدم اللقاح MR للحصبة والحصبة الألمانية، تهدف الحملة إلى تمنيع الأطفال وخاصة ممن هم تحت سن الخمس سنوات ضد مرض الحصبة والحصبة الألمانية، يعتبر هذا اللقاح مهماً بالنسبة للأطفال لإكسابهم المناعة ضد هذا المرض".
كما تنتشر الحملة في القرى الجنوبية والنائية وعديمة الخدمات الطبية، حيث تم توزيع اللقاحات على المراكز النقاط الطبية في كل قرية وبلدة ومدينة، بهدف تعزيز المناعة لأكبر عددٍ ممكن من الأطفال في محافظة إدلب.
"نور" أحد العاملين في النقطة الطبية لقرية "الشيخ مصطفى" في الريف الجنوبي يقول في حديثه: "استطعنا ولله الحمد إبلاغ كافة العوائل داخل القرية من السكان والنازحين من أجل تحصين أطفالهم ضد هذا المرض، وكانت الاستجابة سريعة بشكل كبير من الأهالي وإحضار أطفالهم إلى المركز الطبي الخاص بالقرية".
حملات غير كافية
اعتادت الأمهات في كل بداية أسبوع أخذ أولادهنّ إلى المراكز الطبية وتلقيحهم ضمن برنامج لكل طفل قبل بدء الثورة، أما بعد انقطاع الأدوية من قبل النظام فقد لجأ الأطباء للاستعانة بالمنظمات الطبية لتقديم اللقاحات بشكل مستمر.
ندرة اللقاحات وقلة الأدوية المطلوبة زاد من صعوبة الأمر، الأمر الذي يعمل على زيادة نسبة الإصابة بالأمراض المزمنة عند الأطفال كشلل الأطفال والحصبة وغيرها من الأمراض الكثيرة.
"أم أحمد" لبت دعوة المركز وأتت بطفلها من أجل الحصول على اللقاح، تقول: "اعتدنا في السابق على اللقاحات ضمن جداول من قبل المركز الطبي، أما اليوم فلا نجد الكثير من هذه الحملات، أتى عدد من الشبان وأعطوا صغارنا لقاحات في البيوت ضد شلل الأطفال، إلا أنها ليست كافية ولا تلبي حاجة الجميع في القرية".
تنتشر بين الفينة والأخرى حملات مماثلة تجوب الشوارع والبيوت بحثاً عن الأطفال لتزويدهم باللقاحات اللازمة لتحصينهم ضد الأمراض التي تصيبهم، حيث تعمل المنظمات الطبية على تقديم العون لكافة المناطق المحررة وغير المخدمة طبياً لحل هذه المشاكل ونشر الوعي الطبي لدى الأهالي لتقديم الوقاية لأطفالهم بشكل دوري ومستمر.