خاص أخبار الآن – جمانة عيسى —
470,000 قتيل ،
عشرات الآلاف من القابعين في غياهب سجون التعذيب
نصف شعب مشرّد ، لاجئ و نازح
دمار لم يُر مثله منذ الحرب العالمية الثانية
والعدّ مستمرّ …
دمشق ، حلب ؛ حماة ، حمص ، وكذا كل أسماء المحافظات والمدن بل والشوارع السوريّة ملأت أسماعنا على مدى السنوات الخمس الماضية حتى أصبح السوريّ مجرّد رقم يضاف إلى قوائم الموتى والجرحى والمشرّدين ومن هم تحت خط الفقر!
من كان يصدّق ما يجري ؟
فالثورة سلميّة ، والأحلام بالحريّة وفكّ القيد مشروعة .
مطالب شعبية ابتدأتها مجموعة تلاميذ مدرسة ابتدائية بالكتابة على جدران المدرسة"الشعب يريد إسقاط النظام" فسقطت الطفولة مع إعلان اليونيسيف بأن لا مكان للأطفال في سوريا .
ربيع 2011، ومع رائحة ياسمين نزار قباني الدمشقي ، بدأت ثورة سلمية للتخلص من استبدادية النظام في سوريا والقول بصوت واحد"الشعب السوري واحد" ، تعود بي الذاكرة إلى ذلك التاريخ عند زيارة السفيرين الفرنسي والأمريكي مدينة حماة حين جلسا مع عشرات الآلاف من المتظاهرين السلميين المطالبين برحيل الأسد ونظامه.
وفي لحظة صدرت الأوامر لجيش النظام بإطلاق النار على شعبه؛
ما الذي دفع النظام إلى استخدام كل هذه الوحشية، وارتكاب كل هذه الجرائم والمجازر، علناً أمام عدسات التصوير؟
لم يخجل من نفسه ، من الغير ، من التاريخ ، إذ ما لم تلتقطه عدسات المعارضة تفاخرت أجهزته الأمنية بنشره لبثّ الرعب والخوف في نفوس المواطنين، فبدأ تشكّل ما عُرف بعدها بالجيش الحرّ وبدأت الانشقاقات من العسكريين الذين رفضوا توجيه بنادقهم نحو صدور أهاليهم، ثم بعد ذلك بدأ السوريون يشعرون بأنهم بحاجة للأسلحة لحماية أسرهم من فتك العسكريين وتدفّق الميليشيات المذهبية من لبنان والعراق وأفغانستان خصوصا ، للدفاع عن نظام الأسد، فعزف النظام السوري على النغمة التي تخيف الغرب ليظهر الوضع على أنه "حرب ضدّ الإرهاب"، مراهنا منذ بداية الثورة منتصف مارس/ آذار 2011 على دعم ما أسماها "الحاضنة الشعبية" له، فخاض حرباً دعائية واسعة لكسب تأييد أكبر عدد من السوريين، في الوقت الذي كان يخرج فيه عشرات الآلاف من المتظاهرين مطالبين بإسقاطه في العديد من المدن السورية.
ليس سرّا أنّ النظام استطاع خلال العامين الأوّلين من الثورة حشد بعض الموالين له واستخدامهم أمام الرأي العام المحلي والعالمي لتبرير أفعاله وعملياته العسكرية ضد قوات المعارضة بحجة حماية "الشعب السوريّ" ممن وصفهم بـ"الإرهابيين"، ولكن الصورة الحقيقية تكشّفت حتى لهؤلاء خلال الأعوام الثلاثة الأخيرة، إذ ارتفعت أصوات الموالين له المحتجين على سياسات النظام وتصرفاته وتجاوزات قواته والميليشيات المؤيّدة له حتى ضدّ الموالين، وانعكس ذلك بشكل واضح على مواقع التواصل الاجتماعيّ، لنرى عشرات الصفحات لمؤيدين،أخفوا أسماءهم الحقيقية خوفا من الملاحقة ، تنتقد ما آلت إليه أوضاعهم من حالات التشبيح لمحسوبي النظام .
ما بعد الحرب والقتل والاعتقال والتعذيب ليس كما قبله ،
الدمع يتصبب من عيون كثيرة والغضب يملأ قلوبا كثيرة،
وما بين الحسرة والأسى ، والحزن والغضب ، والموت النازف على كلّ مفرق ، يقف الشعب السوري، والخوف يجتاح يوميّاته ،
على أبواب جنيف ينتظر وينظر إلى الكبار الذين يقرّرون مصيره ، لعلّ وعسى ….