أخبار الآن | إسطنبول – تركيا (جابر المر)

قضى 37 شخصا وأصيب 125 آخرين جراء تفجير استهدف العاصمة التركية أنقرة، التفجير الذي هز البلاد ليس الأول من نوعه في ظل التعقيدات السياسية التي تشهدها تركيا داخليا وخارجيا، وأبرز هذه التعقيدات هي ملاصقة جنوب البلاد لدوامة الدم في سوريا، واستقطابها أكثر من مليوني لاجئ لكل ظروفه وطبيعة حياته في تركيا، كانوا أبرز المتخوفين في كل ما يدور في البلاد من عنف.

أتينا طلبا للأمان

السوري الناجي من العنف والموت بعد خمسة أعوام، تعتبر الأكثر فزعا في حياة أي فرد ترك البلاد طلبا للأمان، يجد نفسه اليوم في بلد تطالها تهديدات جميع التنظيمات الإرهابية في المنطقة على اختلاف مشاربها وأسباب تهديداتها، فيوم تسمع بمحاولة فاشلة لتفجير في إسطنبول في شارع مكتظ بالمدنيين، ويوم تستفيق إسطنبول فيه على تفجير بسياح ألمان بالقرب من مسجد "السلطان أحمد" السياحي، وآخر أعمال العنف كان تفجيرات أنقرة التي لم يفصلها فاصل زمني طويل، مما يفتح باب السؤال أمام السوري اليوم، هل أنا حقا في مأمن أكثر مما كنت عليه في سوريا؟.

بالتأكيد الجواب: نعم، لكن اللغط الحاصل نتيجة الحرب يترك السؤال متاحا بدافع الخوف المتراكم، "لم أعد أرسل أطفالي إلى المدرسة بعد آخر تفجير في أنقرة" هكذا تخبرنا أم محمود عن مخاوفها، أما شادي النجار فيقول: "أعمل في محل لبيع النحاسيات في منطقة سياحية وأخاف أن يتم استهداف السياح بالقرب من مكان سكني، لم آت من سوريا إلا لرغبتي في الآمان".

هل نحن المتهم الأول؟

لأن بلدهم بات المصدر الأول لتكالب القوى الإرهابية عليه، باتت أصابع الاتهام تتجه صوبهم إثر كل تفجير أو عملية إرهابية، مما أصبح يروّع السوريين كما يروعهم أن يقضوا إثر التفجير نفسه، وعلى الرغم من أن الحكومة التركية لم تضيق على السوريين لمجرد أن أحد العمليات كان منفذها سوري، إلا أن الصورة المسبقة لديهم تجعلهم يتصورون أن قوى الأمن في كل بلاد الأرض هي ذاتها، وكما هو حال أجهزة الأمن والاستخبارات السورية فإن الاستخبارات التركية ستلجأ للتعميم وسيقضي صالح السوريين مع طالحهم.

ليس الوضع هكذا بالتحديد، لكن الشعب المكلوم الذي شن نظام الحكم في بلده حربا شعواء ضده مستعينا بكل قوى الشر بالعالم، بات الخوف هاجسه في أي مكان يحيا فيه، "سيقولون عن الارهابي الذي قام بالتفجير بأنه سوري قبل إتمام التحقيقات حتى، كل الكوكب يريد أن يحملنا مصائبه"، هكذا يصرخ "أبو عمار" عندما نسأله عن التفجير في أنقرة، أما "محمد العز" الذي يعيش في أنقرة منذ خمس سنوات والذي خرج من تصور الأجهزة الأمنية والمخابرات وكأنه يحيا بدولة الأسد، فرأيه أن: "التحقيق سيأخذ مجراه ونعرف من الفاعل، لا أنا ولا حتى قوى الأمن تستطيع التخمين حول هوية المجرم الذي قام بالتفجير، وأي كان الفاعل ومهما كانت جنسيته، تركيا دولة قانون ولن يؤخذ أحد بجرائم أحد".

يدعو جميع السوريين في تركيا أن تهدأ أحوالها وأن يخف العنف والاحتقان الذي بات يتفشى على شكل عمليات إرهابية متكررة ومتواترة، ويتمنون ذلك لبلادهم التي أنهكت وحان وقت العودة إليها، والاهتمام بقضاياها بالدرجة الأولى، فهي بحاجة الكثير من التركيز والعمل.