أخبار الآن | إسطنبول – تركيا (جابر المر)

أكثر من 13 ألف لاجئ، يشكل السوريون نسبة كبيرة منهم، عالقون على الحدود اليونانية المقدونية، بعد القرار المقدوني المتعنت والمفاجئ بالغلق الكامل للحدود وعدم السماح للاجئين بالعبور. ظن الجميع في البداية أنها ما هي إلا أيام وينقضي الأمر، فدول البلقان لطالما أغلقت الطريق في وجه اللاجئين خلال الأعوام الماضية، ثم ما لبثت أن فتحته مقابل نقود الاتحاد الأوربي، أما اليوم وبعد الاتفاق التركي الأوربي الجاري فقد اختلف الوضع، ولا يبدو أن الطرق ستعود ملكا للاجئين بحال من الأحوال.

لن نذهب .. لكن ما هو مصير الذين ذهبوا؟

هذا السؤال تطرحه العديد من عائلات اللاجئين العالقين، والذين بقيت أسرهم في تركيا، كما تطرح العائلات العالقة على الحدود أسئلة مشابهة، حيث يقال أن الاتفاق التركي الأوروبي قضى بعودة أولئك جميعا، وأن يسافر إلى أوروبا شخص واحد بطريقة شرعية مقابل كل شخص يعود، لكن هذا البند لم يعرف إلى الآن كيف سيتم تطبيقه، هل سيعود الجميع إلى تركيا ومن ثم تسوى المسألة هنا؟ أم سيعود النصف إلى تركيا والبقية سيكملون رحلاتهم طيرانا إلى أوروبا؟ متى يبدأ تنفيذ هذا الاتفاق؟ حيث من المستحيل بقاء الآلاف في الوضع المزري الذين يعيشونه الآن على الحدود المقدونية، ومن غير الممكن أن يعودوا إلى تركيا بطريقة غير شرعية كما ذهبوا، فكل ركاب القوارب المطاطية الماضون إلى أوروبا من تركيا يعلمون جيدا أنها رحلة ذهاب فقط، لا تتضمن الإياب بحال من الأحوال، هذه الأسئلة وسواها الكثير بدأت تتلاشى من أذهان من باع حياته وركب البحر أمام الظروف المعيشية التي يعانونها هناك منذ أكثر من أسبوعين.

على ضفاف المستنقع

13 ألف لاجئ يقضون وقتهم اليوم في خيم على ضفاف مستنقع تصب به قاذورات 140 مرحاضا فقط، حسب إحصاءات المنظمات غير الحكومية العاملة في المنطقة. هذا العدد القليل جدا من المراحيض مطلوب منه تغطية عدد اللاجئين المهول، أما عن الحمامات فهي 24 غرفة استحمام لكل اللاجئين، من غير الممكن أن يصل اللاجئ إلى دوره بيسر وسهولة إطلاقا، هذا فيما لو تحصّل على دور أصلا. الناس تشتكي انعدام وجود مياه صالحة للشرب عدا ما تؤمنه المنظمات التي أعلنت أن الموضوع بات كارثة إنسانية بكل المقاييس.

وفي ليالي البرد والمطر، يحاول اللاجئون وضع سوار طيني حول الخيم من الخارج كي لا يدلف المطر إلى داخلها ويعرض الأطفال للمرض، خصيصا وأن عدد المرضى حسب أطباء بلا حدود فاق الخيال.

الناطقة باسم المنظمة هناك تقول: "لا يوجد معدل لعدد المرضى الآن بسبب الأعداد الهائلة من الناس، أما عن عدد الاستشارات الطبية التي قدمناها فقد استطاع أطباؤنا تقديم ما يزيد عن ألفي استشارة طبية خلال أسبوعين".

لن نعود

بعد العديد من الاتصالات مع العالقين هناك بغية سؤالهم إن كانوا يعرفون ما القرار الدولي الذي اتخذ بحقهم، وما الذي ينتوون فعله جائت الأجوبة على الشكل التالي:

"فيرا علي" تقول: "غرق بنا البلم مرتين وفي المحاولة الثالثة تمكنا من الوصول أنا وابني الصغير، هل يظن المجمتع الدولي أني سأخاطر مجددا بالعودة إلى تركيا، لو جاءت كل قوى الأرض إلى هنا، لن أتراجع عما وصلت إليه".

"أبو باسل" يقول: "العودة لنا جميعا مقابل أن يصل نصفنا إلى أوروبا بسلام؟ جميعنا هنا بسلام بعد أن اجتزنا البحر، لا نريد من أحد أن يؤمننا بعد اليوم، فقط اسمحوا لنا بالعبور على الأقدام ونحن لها، من الجنون العودة إلى تركيا بعد كل ما عانيناه".

"أدهم فياض" يقول: "إن كنت تسألني عن رأيي أنا لا أريد الرجوع إلى أي مكان حتما، لكن لا أعلم بالضبط ما الآلية التي سيتم الضغط بها علينا لكي نعود، ومهما كانت أتمنى أن نستطيع مقاومتها".

أقل من أسبوع ويتضح الجواب على ما يواجه اللاجئين العالقين بين اليونان ومقدونيا، لا اليونان تريدهم ولا الاتحاد الأوروبي برمته، مشكلتهم الوحيدة التي تجعل العالم أقل تعاطفا معهم هي أن البحر لم يبتلعهم وتركهم أحياء هذه المرة.