أخبار الآن | اسطنبول – تركيا (جابر المر)
لم يعرف السوريون أملا أكبر مما أتاهم في جمعة "لا بد من رحيل الأسد"، حيث اندلعت المظاهرات في كافة المدن والمناطق السورية كما لو أنهم يعيدون لعام 2011 ألقه وبريقه، ويعيدون آمال لم تستطع قاعات مجلس الأمن جلبها، ولا محاولات "أصدقاء سوريا" الخجولة.
المظاهرات التي عمت المدن السورية اتخذت شعار لا بد من رحيل الأسد، كثمرة أولى لأي حراك دولي يؤدي لتحقيق وقف إطلاق نار، حتى لو كان هذا الاتفاق مخروقا سلفا، إلا أن الثوار على الأرض انتبهوا لآليات استغلال هذا الاتفاق ومضوا يؤكدون على روح الثورة السورية من خلال الأغاني والأهازيج والرقصات نفسها، رافضين أن يكون الصراع حربا أهلية، ومصرين على المضي في ثورة شعبية هدفها إسقاط الطاغية الذي شن هذه الحرب وأمل أن يقتتل شعبه فيخرج كناج وحيد.
المظاهرات وتجدد الأمل للاجئين
وجوه السوريين التي رأيناها في التلفاز ومقاطع اليوتيوب، تلك التي تقطر فرحا، لم تقتصر على سوريا وحدها، وإنما عاد الأمل لكل اللاجئين السوريين بغد أفضل تصنعه ثورة مباركة، في لبنان والأردن وتركيا، وحتى في أوروبا.
هنا في اسطنبول كان السوريون جميعا، ليوم واحد، خارج مشاكلهم اليومية والتي يخلقها ضيق أحوالهم في الغالب، وانعدام الأمل بغد أفضل، حتى هنا وصلت روح الثورة وجلس الجميع مبتهجا بما وصله من فيديوهات أتاح وجودها شبكات التواصل الاجتماعي للثورة التي أعادته إلى لحظات بدايتها، فنسي الجميع خساراته وشحذ همته وتغيرت روحه لتعود لنقطة البداية: "نريد حريتنا من النظام، نحن لسنا قتلة إنما دعاة حياة".
"أيهم" طالب لغة تركية من حلب يخبرنا بالتالي: "لم أعرف اسم الجمعة منذ زمن بعيد وأظن أيام الجمعة لم يعد لها أسماء في الآونة الأخيرة، إلا أنني اليوم كنت فخورا جدا، وبحثت عن اسم الجمعة الذي يشعرك كما لو أن السوريين جميعا اتفقوا على اختياره "لا بد من رحيل الأسد" هذا الاسم الذي تطغى بساطة حقيقته على كل تعقيدات الوضع السوري، هذا هو الحقيقة المجردة "لا بد من رحيل الأسد".
"نورا" ربة منزل من حمص تقول: "لم أفكر بالعودة إلى سوريا بعد كل ما قاسيناه أنا وأولادي وزوجي، إلا أن اليوم لم يكن عاديا، أنا اليوم أكثر رغبة بالعودة إلى منزلي من أي وقت سابق، على العالم أن يفهم أنه لابد من رحيل الأسد، حتى تعود الحياة إلينا"
"أبو هادي"، ناشط إغاثي من دمشق: "خرجت حديثا من دمشق، لا أريد أن أكذب عليك أنا فقدت الأمل منذ أكثر من سنتين، لكني أشعر اليوم كما لو أنه علي العودة والمشي بشوارع دمشق مبتسما، اليوم وأكثر حتى من 2011 بت متأكدا من أن الأسد سيسقط، وسيكون كل شيء أفضل".
"هبة"، عاملة بمشغل خياطة في اسطنبول تقول: "لم أستطع أن أمنع دموعي عندما رأيت رسالة عبد الباسط الساروت وهو يعيد التأكيد على روح الثورة، لقد قالوا إنه داعشي في الفترة الأخيرة، كان الأمل بحياة جديدة قد اختفى، الساروت الذي اتهم بالداعشية يغني جنة يا وطنا كما لو أن الثورة بدأت الآن، كم أتمنى العودة للخروج بالمظاهرات".
"هاني"، صاحب بسطة يقول: "يعلم المتظاهرون في سوريا اليوم أنهم يحلون مشاكلهم بالتظاهر، هذا صحيح لكن ما لا يعلمونه أنهم يحلون مشاكلنا، منذ أن خرجنا من سوريا في العام الفائت ونفسيتنا محطمة، لا أستطيع التحدث حتى إلى أولادي فالهموم كثيرة، اليوم أعاد لي المتظاهرون الرغبة في الكلام، وبت أكثر راحة وأنا أنتظر أن يسقط الأسد وأعود إلى بيتي وأرى اللحظة قريبة جدا".
لم يؤكد أحد ممن التقينا بهم أنه يفضل السلاح، بل على العكس الجميع أكد أننا دعاة سلام لا سلاح ولم نخرج ضد الطاغية إلا لأننا نحب الحياة أكثر مما نحب الموت، وسلميتنا ما زالت قائمة، أما سلاحنا فهو للدفاع عن أعراضنا لا لتحويل الثورة إلى حرب لا تبقي ولا تذر كما أراد لها الأسد أن تكون.