أخبار الآن | دبي – الإمارات العربية المتحدة – (جمال لعريبي)
تناولت مجلة دابق الصادرة عن مركز الحياة للاعلام التابع لداعش في عددها لشهر يناير.. تناولت مقالا تصف فيه القاعدة و زعيمها أيمن الظواهري بانه اداة ايرانية تستعملها لحماية مصالحها مستندة فيما ذهبت إليه إلى عدة معطيات نستعرضها مع الزميل جمال لعريبي
ينخرط كل من داعش والقاعدة في التفوق في الدائرة الجهادية المؤثرة ، فلا توجد رحمة بينهم أو تجاه بعضهما البعض، ولا يتردد أحدهم في أن يقتل الآخر في أي فرصة
ومع ذلك، فإن الحرب بينهم تذهب لأبعد من ساحات القتال، حيث تهدف أيضا إلى السيطرة على قلوب وعقول المناصرين.
الحرب النفسية هي نقطة فاصلة لتنظيمي البغدادي والظواهري، لانها تؤثر بشكل مباشر على تجنيد العناصر وتمويل التنظيم. ويبدو أن داعش يريد استغلال هذه الفرصة: علاقة القاعدة وموقفها تجاه إيران.
تهدف دعاية داعش المحسوبة بدقة، عن طريق تصريحات القاعدة السابقة، الى اثبات أن القاعدة في الماضي كانت تتعاون مع إيران وتتجنب استهداف المصالح الإيرانية مهما كلف الأمر.
أحدث مثال على هذا الهجوم المتعمد حول ملف القاعدة وايران جاء في عدد شهر يناير من مجلة داعش الناطقة بالانجليزية "دابق".
بالتزامن مع مهاجمة داعش لعلاقة القاعدة بايران، داعش ايضا يوجه ضرباته نحو الشيعة وينعتهم بالكفار. بهذه الطريقة يريد داعش أن يستهدف عصفورين بحجر واحد: تشويه سمعة القاعدة بين الجهاديين، اضافة الى زيادة التوتر الطائفي بين الجمهور العام.
مجلة داعش الناطقة بالانجليزية "دابق" قالت: أن حجج القاعدة لتجنب استهدافها لايران غير صالحة.
من الواضح أن سياسية الظواهري ضد الروافض مبنية على فكره الضال، بأنهم مسلمون
وبحسب ادعائه، فإنه لا يوجد دولة اسلامية على مر التاريخ قامت بقتل الروافض،
إلا أن هذا الواقع تغير عند ظهور الدولة الصفوية منذ أربعمائة سنة.
بالطبع يجب على المرء أن يتذكر أن داعش ذاتها لا تهتم بالدين ولا بالشريعة الدينية، بل انها تنتهك الدين لتحقيق أهداف سياسية. إلا أن هذه الرسالة ليست للمسلمين العاديين، هذه الرسالة تهدف لضرب القاعدة ضمن صفوف الجهاديين. تتهم مجلة دابق تيار الظواهري بكونه ليس عنيفاً بالدرجة المطلوبة:
(يقول الظواهري: "لا يجب على المجاهدين قتال الطوائف الضالة مثل الروافض، الاسماعليين والصوفيين الضالين طالما ان هذه الطوائف لا تقاتل أهل السنة
إذا قاموا بقتال أهل السنة، فيكون الرد عليهم مقتصراً على المقاتلين من هذه الطائفة فقط،
يجب ان نتجنب الهجوم على غير المقاتلين، عوائلهم، منازلهم، أماكن عبادتهم واحتفالاتهم وتجمعاتهم الدينية.
يجبالتعامل مع أهل هذه الطوائف بالحكمة والدعوة ونشر الوعي بينهم
يجب تحذيرهم من الفتنة التي يحاول أعداء المجاهدين استغلالها لاحتلال هذه المناطق
بعد ذلك تحاول دابق ربط رسالة الظواهري بأبو مصعب الزرقاوي. يبدو أن داعش يريد القول أنه من أتباع الزرقاوي وليس القاعدة. تقتطف دابق هذه الفقرة من الرسالة حيث يطلب الظواهري من الزرقاوي التوقف عن مهاجمة وقتل أناس أبرياء بناءاً على معتقداتهم الدينية فقط.
(في رسالته المخزية، يقوم الظواهري بتوبيخ الشيخ أبو مصعب الزرقاوي قائلاً: "إذا كان استهداف كبار قادة الشيعة ضرورياً كما تدعي، فلماذا تقوم بمهاجمة الأشخاص العاديين من الطائفة الشيعية؟
أليست مسؤوليتنا أن نتحدث معهم ونقوم بدعوتهم و نرشدهم للطريق الصحيح؟
هل قامت أي دولة اسلامية على مر التاريخ بفعل هذا؟
وما الذي كنا سنخسره اذا لم نقم باستهداف الشيعة؟
وهل نسي إخواننا أننا وإيران بحاجة بعضنا البعض ولا يجب على أحدنا أن يؤذي الأخر خصوصاً في هذه الحقبة التي يتم فيها استهداف كلانا من قبل أمريكا؟")
هذا دليل أخر على عنف داعش الطائش، وعلى ان التنظيم الارهابي غير قادر على الحفاظ على أرواح المدنين الأبرياء. تقوم دابق بتقييم رسالة أخرى للظواهري، لتجادل وتقول أن القاعدة غير جادة في مهاجمة إيران.
(و في رسالة أخرى يوبخ الظواهري الذين يقومون باستهداف المعابد الشيعية، والأسواق والأحياء الشيعية حيث يقول:
"هذه الأفعال تهدر دم يحرم هدره، حيث يحرم هدر دم النساء والأطفال والعوام من الشيعة -ما عدا المقاتلين- لأنهم معذورون نتيجة لجهلهم".
ومن ثم يقول ساخراً
" هل تريدون قتل كل الشيعة في العراق؟ ومن بعدها قتل كل الشيعة في العالم؟!")
هذا الانتقاد تم توجيهه للقاعدة سابقاً من قبل آخرين، ومن ضمنهم جهاديون آخرون. ولكن هذا اتهام رسمي نادر من قبل داعش ويظهر في أبرز منابر داعش العامة.
الطريقة التي يهاجم فيها داعش القاعدة تظهر مجدداً طبيعة داعش الاجرامية وافتقاده لأي حس منطقي ، حس عدالة أو حتى حس انسانية. كل هذا يؤكد على أهمية التحالف الذي تم تشكيله لقتال داعش.
لكن هذه الهجمات التي يشنها داعش على القاعدة لا تستهدف العامة من الناس، انما تستهدف المجاهدين ليوضحوا لهم بأنه لدى القاعدة أجندة للتعاون والتنسيق مع إيران. ليس من السهل على القاعدة انكار هذه الاتهامات، خصوصاً انه من المعروف أن كبار قادة القاعدة أمضوا العديد من السنوات في ايران.
المتعاطفون مع القاعدة أيضا منزعجون من عدم صدور أي رسالة فيديو من الظواهري نافياً فيها اتهامات داعش حول تواطؤ القاعدة مع ايران في الآونة الأخيرة.
ومن الجدير بالذكر أيضاً هو توقيت هجوم داعش على القاعدة حول مسألة إيران. يأتي هذا الهجوم عندما تكون هناك دلائل تشير إلى أنه من الممكن للقاعدة أن تعيد تقييم علاقتها مع الحكومة الايرانية في محاولة لدحض وتفنيد هذه الادعاءات، وبالتالي تشكل خطراً متزايداً على إيران ومصالحها.
هجوم داعش المحسوب توقيته بدقة قد يزيد أيضا مخاوف إيران حول القاعدة ويدفع طهران لتقييد أنشطة أعضاء القاعدة الموجودين حالياً في إيران. وهذا بدوره سيقنع أعضاء القاعدة في إيران أن إيران لم تعد الملاذ الآمن ولم تعد قابلة للحياة بسبب إجراءات الحكومة الإيرانية المحتملة ضدهم.
يبدو بأن داعش قد اتخذ خطوة مدمرة مما سيضطر القاعدة إما أن تقبل هذه الاتهامات من خلال الصمت وعدم التعليق عليها، أو اتخاذ خطوة مضادة للرد عليها.