أخبار الآن | الرقة – سوريا (عزام الحاج)

أفاد ناشطون محليون في بلدة تل أبيض السورية على الحدود مع تركيا إلى أن حدة المعارك داخل المدينة قد خفتت عند الساعة الثانية بعد ظهر يوم السبت بعد أكثر من 12 ساعة من المعارك المتنقلة والمحتدمة بين داعش و"الوحدات الكردية". وذكر ناشطون أن الطيران الحربي للتحالف حسم الأمور بقوة بعد أن شن عدة غارات على مواقع تمركز فيها ليل أمس انغماسيون من داعش، وأكد الناشطون أن مبنى المركز الثقافي تحول إلى ركام إثر استهدافه بثلاثة صواريخ كهربائية من قبل طيران التحالف بعد أن تحصن فيه عدد من انغماسيي وقناصة داعش.

انتهاء المعارك وعشرات الضحايا المدنيين حصيلة المعارك

وذكر أحد أبناء بلدة "عين العروس"، وهي الضاحية الجنوبية لتل أبيض، أن بلدتهم تحولت إلى ساحة حرب حقيقة خلال الساعات القليلة الماضية إثر تسلل بعض انغماسيي داعش إليها. إذ قصفها طيران التحالف من الجو بعدد من الصواريخ الكهربائية فيما قصفتها "الوحدات الكردية" بمدافع الدبابات مما أوقع خسائر مباشرة في صفوف المدنيين.

وفيما لم تتكشف حتى هذه اللحظة نوايا داعش أو حجم القوة المشاركة في القتال أو حجم خسائره في معارك ليلة الجمعة ونهار السبت، فإن المدنيين هم من دفع الضريبة الأكبر. إذ ذكر نازحون من بلدة عين العروس أن القصف بصواريخ الطيران وبمدافع الدبابات من قبل "الوحدات" قد أوقع العشرات بين شهداء وجرحى في صفوف المدنيين، اثنين منهم طفلتين سقطتا أمام منزل ذويهم. وفي الآن ذاته، كانت "الوحدات الكردية" تأمر سكان عين العروس بمغادرة بيوتهم فوراً. وبالفعل، فقد شوهد مئات الأشخاص، معظمهم من النساء والأطفال والمسنين، يسيرون في صف طويل شمالاً، باتجاه الحدود التركية السورية.

أما آخر مجموعة من انغماسيي داعش، وكانت تحصنت بالقرب من نبع عين العروس، فقد قضت عليها غارة جديدة من طيران التحالف عند الساعة الثالثة من بعد ظهر اليوم، ليعود الهدوء إلى المنطقة.

إعادة التوازن في تل أبيض!

لكن لا يبدو أن التداعيات السياسية والأمنية لمجريات الساعات الأخيرة ستهدأ قريباً. فبالنظر إلى غموض أهداف داعش من وراء هذه الهجمات، رأى ناشطون من تل أبيض أنها مجرد فصل جديد يؤديه على الأرض السورية. ويذهب هؤلاء الناشطين إلى أن الحكم على ما جرى في تل أبيض وقراها يجب أن يحكم عليه بنتائجه، فما دام هجوم داعش لم يحقق أية نتائج سياسية أو عسكرية ملموسة، فالأرجح أن تستفيد منه "الوحدات الكردية" في فرض المزيد من الوقائع على الأرض. وخير دليل على ذلك هو مسارعتها إلى إخلاء عين العروس من سكانها. يقول "أحمد العيدان" وهو معلم من تل أبيض، أن: "داعش أداة تحت الطلب، يمكن لأي طرف من الأطراف التي تخترقه أن يستخدمها لأغراضه الخاصة. لا أدري إن كانت هناك قوة أو دولة لم تستفد من خدمات داعش. فقط الشعب السوري، وتحديداً جمهور الثورة هو المتضرر من داعش وأشباهها".

وفي السياق ذاته شدد بيان أصدرته "جبهة ثوار تل أبيض وشمال الرقة"، أن "المعارك الدائرة في منطقتنا لا تمت بصلة لثورتنا ولكنها تبادل أدوار بين داعش و"الوحدات". ونبه البيان إلى خطورة الحال في تل أبيض بوصفه "كارثة حلت بمناطقنا يدفع ثمنها الأهالي والسكان وتزيد من تشريدهم وإخلاء المناطق لإسكان أناس غيرهم حسب المخطط الأمريكي-الروسي".

إلا أن وجهة نظر أخرى رأت في ما جرى محاولة من أحد المحاور الإقليمية لإعادة التوازن إلى منطقة تل أبيض باستخدام داعش. والغاية هي إيصال رسالة إلى داعمي "الوحدات الكردية" بضرورة رفع الغطاء عنها في تل أبيض بغية خلق "قوة عربية محلية" تضبط الأمور فيها وتحول دون عودة داعش وكذلك دون تصاعد مشاعر العداء القومي العربي الكردي في سورية، الذي تصاعد مع تمدد "الوحدات الكردية- المعروفة بقوات حماية الشعب ثم قوات سورية الديمقراطية" خارج حدود مناطق سكن الأقلية الكردية في شمال وشمال شرق سورية وتحولها إلى قوة عسكرية موثوقة غربياً للحرب على الإرهاب وأداة في خلق واقع سياسي جديد في سورية.