أخبار الآن | الرقة – سوريا (عزام الحاج)

تجري حتى لحظة كتابة هذا التقرير معارك كر وفر بين قوات داعش من جهة و"الوحدات الكردية" مدعومة بالطيران المروحي لقوات التحالف الدولي من جهة ثانية في منطقة تل أبيض. هذه المنطقة التي كان داعش قد انسحب منها في منتصف حزيران 2016 تحت ضغط ضربات مركزة من طيران التحالف الذي غطى تقدم قوات حزب PYD الكردي.

سيارة مفخخة لداعش في تل أبيض

وأفاد ناشطون وسكان محليون أن معارك متنقلة اندلعت ليلة أمس في عدد من بلدات وقرى منطقة تل أبيض. وكانت أولى المعارك قد اشتعلت جنوب بلدة "سلوك" وشرق بلدة "التركمان"، ثم سرعان ما انتقلت إلى ضواحي مدينة تل أبيض، حيث فجر داعش سيارة مفخخة بعد منتصف ليلة أمس في ما يبدو أنها محاولة لاقتحام مدينة تل أبيض وفق الأسلوب المعتاد الذي يعتمده داعش في الإمساك بزمام المبادة عبر إرهاب الخصوم بالعمليات الانتحارية.

وقد تبين لاحقاً أن العملية الانتحارية بالسيارة المفخخة كانت قد استهدفت مبنى لدائرة المالية التابع لوزارة المالية السورية تسيطر عليه قوات "الآسايش" الكردية "قوات الأمن الداخلي" وتجعل منه مقراً لها، كما تتالت عمليات تفجير السيارات المفخخة حتى بلغ عددها الست عند الساعة الرابعة من فجر هذا اليوم.

وكان داعش قد بدأ في وقت سابق من هذا الشهر بنقل المعركة إلى ما وراء خطوط الجبهة القائمة بينه وبين الوحدات الكردية. إذ كانت مجموعة من انغماسييه قد تسللت يوم 17 شباط إلى قلب بلدة "سلوك" وتحصنت وأدارت معركة مع مقاتلي PYD الكردية دامت عدة ساعات وأدت إلى مقتل 16 من عناصر "الوحدات" و6 انغماسيين من داعش وشخصين من سكان بلدة سلوك.

اشتباكات مستمرة مع بدء "الهدنة"

وبعد أكثر من ساعتين من بدأ الاشتباكات المتنقلة بين داعش و"الوحدات" في تل أبيض وريفها أفاد ناشطون أن الجيش التركي استهدف بالمدفعية مواقع لـ "الوحدات" في موقعين اثنين هما البوابة الحدودية في وسط تل أبيض ودورية لهذه الميليشيات في قرية "اليابسة" 2 كم شرق مدينة تل أبيض، فيما كان الطيران الحربي للتحالف يحلق في سماء المدينة.

وفيما تندر الأخبار والصورة من داخل القرى والبلدات التي تشهد اشتباكات، فإن السكان المدنيين في "سلوك وحمام التركمان وتل أبيض" يجدون أنفسهم وسط تقاطع نيران مميت وحصار من الجهات كافة وسط نقص في المواد الأساسية الغذائية والطبية إضافة إلى ضعف البنية التحتية الضرورية لحماية المدنيين في مثل هذه الأحوال من ملاجئ وتجهيزات دفاع مدني وغيرها.

تأتي هذه التطورات في شمال محافظة الرقة بعد دقائق فقط من دخول "هدنة" تتوقف فيها "الأعمال العدائية" بين قوات المعارضة وقوات نظام الأسد كان قد فرضها تفاهم أمريكي روسي واستثنى منها داعش والنصرة، مع إبقاء الباب مفتوحاً أمام إضافة تنظيمات أخرى حسب مجريات الهدنة والعملية السياسية المفترضة، ولذلك فإن ناشطين محليون يرون في توقيت تسلل داعش إلى تل أبيض مؤشراً هاماً لا إلى قدرة التنظيم على استعادة زمام المبادرة العسكرية في مغامرات من هذا النوع وحسب، بل إلى رغبته أيضاً في خلط الأوراق وإفشال الهدنة باستدراج أطراف إقليمية للتدخل المباشر؛ بينما قلل ناشطون آخرون من أهمية ما يقوم به داعش واعتبروه محاولة يائسة لتأخير معركة الرقة، وخاصة بعد التصريحات الأمريكية الأخيرة عن التحضير لمعركة الرقة بعد طرد التنظيم من مناطق في جنوب محافظة الحسكة.