أخبار الآن | ريف حماة – سوريا- (نجوى بارودي)
أعلن النظام السوري، موافقته على الهدنة ووقف إطلاق النار في سوريا، مؤكدا استمرار العمليات العسكرية ضد "داعش وجبهة النصرة"، وفق اتفاق أعلنت عنه الولايات المتحدة وروسيا. وقال بيان صادر عن وزارة خارجية النظام السوري: "تعلن الجمهورية العربية السورية عن قبولها بوقف الأعمال القتالية، وعلى أساس استمرار الجهود العسكرية بمكافحة الإرهاب ضد داعش وجبهة النصرة والتنظيمات الإرهابية الأخرى المرتبطة بها وبتنظيم القاعدة وفقا للإعلان الروسي الأمريكي".
تفاؤل حذر
بين مؤيد ومعارض وبين من يقف على الحياد، أصبحت الهدن هي الأمر الواقع الذي تفرضه ظروف الحرب في سورية والتي يدفع ضريبتها غالباً الشعب السوري.
الجميع يدرك في الداخل السوري وخارجه أن النظام لا يمكن له الالتزام بأية هدنة، فهو مجبول على الحل الأمني والعسكري ولو أراد حلولاً سابقة لوافق على شروط جنيف 2.
والواقع يقول أيضاً أن النظام حتى الآن لم يقصف سوى المدنيين منذ بداية الثورة حين خرج الشباب الثائرين على الحكم عاريي الصدور ودون سلاح.
تفاؤل حذر من البعض وسخط من البعض الآخر، ليكون النظام، كما عادته، بارعاً في تنفيذ تكتيك "فرق تسد".
النظام الكاذب
جولة في محافظة حماة استطلعنا من خلالها آراء بعض الطلبة والذين بدا على ملامحهم الاستغراب لموافقة النظام على هذه الهدنة دون فهم واضح لشروطها.
يقول "سامر" 26 عاما،: "النظام السوري غير جاد وغير مستعد، كيف سنصدق حسن نواياه ونحن نعلم أن مليون مدني في الفترة الأخيرة فر من تحت ضربات القصف الروسي وكيف سنصدق حسن نواياه ونحن نعلم بأنه يقصف كل من يعارضه ويقف ضده ويعتبره إرهابياً فهو لم يميز يوما بين داعش أو النصرة أو حتى الشعب السوري الأعزل".
أما الناشط "محمد. ع" 30 عاما، يعتبر أنه من الحماقة التفاؤل في مثل هذه الهدن لأننا جميعاً كنا في بداية الثورة سلميين وخرجنا إلى الساحات ولم نمسك سلاحا في يدنا ومع ذلك عاملنا النظام كإرهابيين واعتقلنا لعدة أشهر في سجونه.
ويضيف: نتمنى أن تكون هذه الهدنة بمثابة استسلام تدريجي للنظام، ولكنه بات غير موثوق به بعد كل ما فعله بالشعب السوري على مدار خمس سنوات، بل هو يحاول الآن خلق شرخ بين التشكيلات المقاتلة وتحطيم الثوار من الداخل لأنهم أيضاً يقفون الآن بين مؤيد ومعارض لتلك الهدنة .
يرى "ابراهيم" وأصدقاؤه "طلاب في كلية الآداب، أيضاً أن هذه الهدنة وموافقة النظام عليها ما هي إلا فرصة ينتهزها لكي يغير من مسرح الأحداث ميدانياً وبذلك يملك الوقت الكافي لإعادة هيبته.
خروقات للهدنة و"الطائفة" غير راضية
تكمل مجموعة الشاب الجامعيين توقعاتها بخروقات للهدنة بحجج عديدة، فيقول "ابراهيم": "لأننا وبعد خمس سنوات من تنكيل النظام بنا وصلنا لقناعة تامة بأنه ما من ضمان دولي يحترمه النظام السوري أم يحسب له حساب".
يواصل رئيس النظام السوري بشار الأسد نبرة التحدي بأنه لن يتوقف عن العمليات العسكرية ضد ما أسماه الجماعات المسلحة الإرهابية والتي تتمثل على حد قوله بـ "داعش وجبهة النصرة أحرار الشام وجيش الإسلام".
ويعتبر غالبية الشعب السوري أن داعش هو التنظيم الوحيد الذي تجمع كل الأطراف على قتاله وبالتالي لن تحقق الهدنة طموحات الشعب السوري في حال كانت الخسائر من الفصائل الأخرى.
وبغض النظر عما يبثه التلفزيون السوري عن الارتياح الذي يشعر به الشعب السوري، وبعكس ما بثه عن ترحيب أبناء طائفته العلوية بتلك الهدنة، إلا أن استياء وصخبا لمسناه في محافظة حماه بين أهالي تلك الطائفة، فهم يعتبرونها خيانة لدماء شهدائهم الذين قضوا في حربهم ضد العصابات المسلحة على حد قولهم، بل ويتمنون على النظام أن يقوم بسحق كل من وقف ضده، يقول "حيدر": "لا نريد في أيام الهدنة تلك أن تصل المساعدات إلى المناطق المحاصرة ولا نريد من النظام أن يطلق سراح المعتقلين فهم عناصر إرهابية وقفت ضد سوريا".
وفي ظل هُدن متلاحقة، فاشلة في تجاربها السابقة، يبقى مصير سورية بين يدي النظام مجهولا، لتسير في شوارع محافظة حماة والقلق باد على وجوه سكانها والأيام القليلة القادمة وحدها كفيلة بكشف مصير هذه الهدنة.