أخبار الآن | ريف إدلب –  سوريا (أحمد أمين)

في ظل استمرار القصف العشوائي والغارات الجوية على المدن والقرى والأرياف السورية، وارتفاع أعداد المصابين بسبب القصف وجرحى عناصر الثوار والجيش الحر الذي تخلّفها المعارك الدائرة مع النظام؛ ازدادت الحاجة إلى توفر "بنك دم" من أجل تزويد النقاط الطبية والمشافي، الأمر الذي دفع بعدد من شباب إدلب المختصين والناشطين في المجال الطبي لافتتاح بنك للدم في معرة النعمان أطلقوا عليه "مركز الدمويات" المجاني.  

بنك الدم وضرورات وجوده

قرر الناشطون إقامة هذا المركز لتأمين أكياس الدم بزمره المختلفة وتزويد المستشفيات والنقاط الطبية المنتشرة بالمنطقة وقت حاجتها، بسبب صعوبة الحصول على الدم وخاصة في الحالات المستعجلة والضرورية، فضلا عن أن عملية نقل الدم للمصابين كان تجري دون إجراء الفحوصات الطبية اللازمة والذي يؤدي بدوره إلى انتشار الأمراض عن طريق انتقالها عبر الدم الذي لم يتم فحصه والتأكد من سلامته أثناء نقله.

ويقول السيد "أسامة العيدو" أحد مؤسسي المركز لأخبار الآن: "انطلقت الفكرة بسبب النقص الحاد في زمر الدم والحاجة الملحة له عند إجراء العمليات الجراحية الميدانية وبشكل خاص بعد القصف وغارات الطيران الحربي لما يستخدمه الطيران من قنابل انشطارية شديدة التأثير تسفر عن وقوع أعداد كبيرة من الجرحى وبسبب نقص الكوادر الإسعافية مقارنة بكثرة أعداد الجرحى، فلا يكاد يصل المصاب إلى النقطة الطبية إلا وقد نزف الكثير من الدماء فكان لا بد للعمل الجدي من أجل تدارك هذا النقص الحاصل".

وكانت المبادرة الشبابية تطوعية بالكامل، بحسب العيدو، والذي يضيف: "لم نتوقع الإقبال الشديد على المركز بداية، لكن تفاجئنا أنه في اليوم الأول من افتتاح المركز تم سحب أكثر من ثلاثمائة كيس دم من الزمر المختلفة، الأمر الذي شجعنا بشكل كبير لتطوير المشروع وتوسيعه من أجل تغطية احتياجات معظم النقاط والمراكز الطبية في المحافظة وفي المناطق الأخرى التي تحتاج وتستطيع الوصول إلينا".

إمكانيات بسيطة وعقبات كثيرة

يعتبر "مركز الدمويات" من المراكز التي تقدم خدمة مجانية، ونظرا لأنه المشروع الأول من نوعه في ريف إدلب فإنه يعاني من عقبات كثيرة ونقص في الكوادر والمعدات اللازمة بسبب ضعف الدعم المادي واقتصاره على الدعم الفردي.

وبحسب "أسامة": "ما يزال المركز بحاجة للكثير من المستلزمات الضرورية، لكن عدم وجود أية إمكانيات مادية حال بيننا وبين إكمال معدات المركز، لذلك نحاول التواصل مع المنظمات الطبية والجهات التي تعمل في المجال الطبي على أمل إكمال نقص المركز عن طريقهم، حيث يلزمنا فريزة للتبريد، ومولدات كهرباء تعمل على مدار الساعة، ومواد تحليل، وأكياس لحفظ الدم، وكراسي خاصة، وأنابيب، وأجهزت فصل دم، وبرادات لحفظ الدم، وغيرها من الأجهزة والمعدات الضرورية إضافة إلى حاجة في توسيع الكادر وتأمين بديل مادي لكل من عناصر الفريق حتى يتمكنوا من تفريغ أنفسهم للعمل بشكل كامل".

وعلى الرغم من الصعوبات الكثيرة، يحاول فريق المركز أن يتجاوز كل هذه المعوقات في سبيل إنجاح العمل، فقد استعاضوا عن برادات حفظ الدم ببرادات حفظ المشروبات الغازية وتغلبوا على انقطاع التيار الكهربائي باتخاذ بناء المركز بقرب أحد المخابر في المدينة من أجل الاعتماد على مولدة المخبز في تأمين الكهرباء.

نتائج مبهرة

استطاع المركز تحقيق نتائج جيدة وأن يكمل النقص الموجود في هذا المجال بشكل كامل، حيث يؤكد "أبو سليمان" أحد العاملين في المركز أنهم حققوا نتائج مرضية جدا، حيث يقول: "استطعنا تقديم أكثر من 2000 كيس دم لحوالي "1940" مستفيد منذ افتتاح المركز حتى تاريخ الآن، كما تم تقديم 7 وحدات بلازما، ويعتبر الدم الذي يقدم للمشافي والنقاط الطبية مضمون صحيا بشكل كامل وخال من الأمراض".

ويضيف أبو سليمان: قبل إنشاء المركز كان أي مصاب يحتاج إلى دم يتم تحويله إلى تركيا أما الآن فاصبح الدم متوافرا، حيث أن المركز مفتوح على مدار الساعة، يناوب اثنين من فريق المركز ليلاً، كما يتم توزيع الدم لكافة المشافي والنقاط الطبية التي تجري عمليات في المنطقة، حيث نظمنا عددا من الاستمارات تخوّل حاملها الحصول على عدد من أكياس الدم وتم توزيع هذه الاستمارات على كافة المشافي ومنظومات الإسعاف والمراكز الصحية.

"مركز الدمويات" في معرة النعمان .. خطوة طبية متقدمة في ظل الحرب