أخبار الآن | ريف حماة –  سوريا ( مكسيم الحاج)

نزحت مئات العائلات من ريف حماة الجنوبي من مناطقهم المحاصرة، والتي تعد من أكثر النقاط اشتعالا بين الثوار والنظام في الوقت الحالي، إلى مناطق أخرى أكثر أمناً ولكنها أيضاً ضمن دائرة الحصار وذلك عقب نقل النظام لمعاركه الأخيرة من ريف حمص الشمالي إلى ريف حماة الجنوبي.

النزوح إلى قرى محاصرة

فعقب تركيز النظام على المعارك بريف حماة الجنوبي للوصول منها إلى ريف حمص الشمالي، نزح أكثر من خمسة آلاف مدني من قرية حربنفسه وما حولها إلى منطقة الحولة بريف حمص الشمالي وإلى بلدة عقرب بريف حماة الجنوبي واللتان تعانيان من الحصار أيضاً منذ أكثر من ثلاثة أعوام من قبل قوات النظام والقرى الموالية المحيطة بهما، بحسب ما أفاد "حكم أبو ريان" مسؤول إغاثي في بلدة عقرب بريف حماة.

وقال بأن الحملة ومنذ بدايتها أرغمت آلاف العائلات على النزوح خارج قراهم وبلداتهم ليبدؤوا رحلة نزوحهم داخل دائرة الحصار والموت، فجميع مناطق الثوار والمعارضة بريفي حمص الشمالي وريف حماة الجنوبي محاصرة وتحت قصف النظام ومرمى طائراته الحربية، كما أن عدد النازحين إلى هذه اللحظة الذين وصلوا إلى بعض القرى من ريف حمص الشمالي وعقرب أكثر من 5000 نازح، مضيفاً بأن غالبية المناطق التي حضنت النازحين ورغم ضيق حالها إلا أنهم تمكنوا من امتصاص هذا الكم الهائل من السكان واقتسام ما توفر لديهم من بعض الطعام البسيط كالقليل من الطحين والخضروات بالإضافة إلى المنازل التي اقتسمها الأهالي مع بعضهم.

مؤكداً بأن الحالة الإنسانية الآن في ريف حمص الشمالي وريف حماة الجنوبي تنذر بكارثة إنسانية مع استمرار الحصار وحاجة الأهالي الساكنين في تلك المناطق بالأصل للكثير من المواد الغذائية والطبية، والتي أصبحت هذه المناطق وعقب حملات النزوح الكبيرة تحتوي على أكثر من مائة ألف نسمة يخضعون لحصار مرير وشديد المفروض من قبل قوات النظام.

وأشار "أبو ريان" أن هؤلاء النازحين حتى وإن هدأت تلك الجبهات لم يعد باستطاعتهم العودة لقراهم بسبب تدمير النظام الكامل لقراهم كطلف وحربنفسه، فمنازلهم، وحسب ما أكّد لهم النازحون قد دمرت بشكل كامل عن بكرة أبيها جراء اتباع النظام لسياسة الأرض المحروقة بهدف الوصول إلى تلك النقاط التابعة للثوار والوصول منها لريف حمص الشمالي.

النزوح في ريف حماة .. من الموت إلى موت آخر

النازحون تحت مرمى النيران

كما تحدث الشاب "أبو خزيمة" القاطن في بلدة عقرب بريف حماة بأن غالبية النازحين إلى بلدة عقرب كانوا من قريتي تل ذهب وطلف وبعض العائلات من حربنفسه، ولم تكن الأعداد كبيرة جداً لموقع عقرب الجغرافي وصعوبة وخطورة الطريق الواصل إليها المطل على حاجزي التاعونة وتل حوا التابعين للنظام، ولكون البلدة أيضاً تحت مرمى نيران النظام بشكل مستمر.

وأضاف بأن أهالي البلدة استقبلوا النازحين إليها على الفور وقاسموهم مسكنهم وطعامهم وشرابهم بسبب عدم توافر المنازل المهيئة للسكن عقب تهديم النظام لأكثر من 70% من البلدة جراء القصف، علماً بأن النازحين الوافدين إلى البلدة لم يكن معهم سوى ملابسهم البسيطة التي على أجسادهم.

وأشار بأن عدداً كبيراً من النازحين من بلدة عقرب والذين خرجوا جراء كثافة قصف النظام للبلدة  والذي يقدر عددهم بأكثر من 3000 شخص عادوا إليها عقب اشتعال الاشتباكات في بلدات طلف وحربنفسه، بالإضافة إلى ما يقارب 250 نازحاً قدموا إلى بلدة عقرب هرباً من الموت ولكن إلى موت وحصار آخرين، فالبلدة تكاد لا تهدأ من عمليات القصف المتواصلة من حواجز وقرى النظام الموالية المحيطة بها والمحاصرة منذ أكثر من ثلاثة أعوام والتي اعتبرها مجلسها المحلي التابع للمعارضة بلدة منكوبة ومحاصرة بالكامل.

فيما روى الشاب "محمد" والذي نزح من بلدة طلف إلى بلدة عقرب بأنه حمل ما خفّ حمله مصطحباً عائلته المكونة من طفلين وزوجته وعندما أوصل عائلته للبلدة وقام بتأمينهم مع عائلة أخرى، عاد إلى بلدة طلف ليحمل بضعاً من أثاث منزله وعندما وصل إلى نصف الطريق الواصل لعقرب قامت مدفعيات النظام باستهدافه على الفور مما أدى إلى بتر إحدى قدميه.

مضيفاً بأنهم يعلمون بأن نزوحهم إلى هذه البلدات المحاصرة والتي ما تزال تحت رحمة قصف النظام لم يحميهم ولم يرد عنهم قذائف النظام وطائراته، فالموت يحاصرهم من كل جهات حياتهم وإلى أي مكان يذهبون إليه، ولكنه في نزوحه هذا يحاول ساعياً الأخذ بالأسباب لحماية أطفاله وزوجته إلى أكبر حدّ يمكن من خلاله حمايتهم من شرّ الموت.

وتروي "أم خالد" أم لعائلة بريف حماة مكونة من ثلاثة أبناء وزوجها، أنها نزحت مع عائلتها من قرى ريف حماة الجنوبي إلى أحد الأماكن الواقعة قرب منطقة الحولة بريف حمص الشمالي هرباً من الموت المحدّق بهم من كل جانب، إثر القصف العنيف من قبل الطيران السوري والروسي فوق رؤوسهم ومن القصف المدفعي الذي هدمّ غالبية منزلهم، لتقوم الطائرات الحربية الروسية بقصف منطقة سكنهم قرب الحولة ولتقصف مبنى سكنيّ تعيش هي وعائلتها بداخله، ليهدّم ذلك المبنى البسيط فوق رؤوسهم ويتسبب بجرح جميع أفراد العائلة وإصابتهم بإصابات مختلفة وبمقتل ابنها الكبير أحمد، البالغ من العمر 17 عاماً.

وتقول، بأن النزوح في دائرة الحصار الواقعة بين ريفي حماة الجنوبي وحمص الشمالي أشبه ممن يهرب من الموت إلى موت آخر، فهروبهم من القصف المتواصل في بلدتها في ريف حماة الجنوبي لم يبعد عنها الطيران الروسي في ريف حمص، ولا مكان آمن لها ولعائلتها تستطيع الهروب إليه بسبب حصار النظام والقرى الموالية لتلك المناطق ومنع أي أحد من الخروج منها أيّ كانت الأسباب، مما يحتّم على جميع المدنيين الموت هناك بشتى أنواع القصف أو حتى بظروف الحياة الصعبة من جوع وعطش بسبب الحصار.