أخبار الآن | إسطنبول – تركيا (جابر المر)
بعد التدخل العسكري الروسي المباشر إلى جانب نظام الأسد، بدأ القلق السوري يتخذ أشكالا أكثر حدة، إذ أن دخول دولة بحجم روسيا ومقدراتها في المعركة المفتوحة الدائرة في سوريا سيغير الموازين لصالح الأسد، وبالفعل صدقت التوقعات فما تشهده مدية حلب وريفها كان دليلا على صحة مخاوف السوريين، لكن ما إن تطور العدوان الروسي، حتى برز الطرف التركي كمخلّص حليف لدى السوريين على تأمين حياتهم في الشمال السوري، أو على الأقل إعادة التوازن الذي كان سائدا في السابق بين الثوار ونظام الأسد مع رجحان الكفة للثوار دائما.
تمهيد واضح للتدخل وترحيب
بعد عمليات القصف المباشرة التي قامت بها تركيا في الأيام الماضية لمواقع حزب "الاتحاد الديمقراطي الكردي" و"قوات سوريا الديمقراطية" التي تشكل القوات الكردية المدعومة روسيا عصبها الرئيسي، أتى تفجير أنقرة الذي ثبت تورط حزب الاتحاد الديمقراطي بتنفيذه، كي تدخل تركيا مرحلة أكثر جدية نحو التدخل البري في الشمال السوري خصوصا بعد رواج أنباء تتحدث عن استعدادات للجيش التركي الثاني وقوامه 100 ألف مقاتل، وعلى هذا الأساس استطلعنا آراء السوريين في اسطنبول حول احتمالات التدخل وجدواه.
أبو محمد "دهان" يقول: "الناس في الداخل بحاجة هذا التدخل، الثوار محاصرون بين الميليشيات الكردية والأسد وداعش، والسماء تمطرهم بالقذائف العنقودية، نأمل أن يبدأ التدخل التركي بأسرع وقت".
سعيد الأشعري "مهندس مدني": "ملّت الناس من انتظار الأتراك، نعلم أنهم سيتدخلون في النهاية، لكن التدخل يجب أن يكون سريعا، إتمام الإجراء عبر مجلس الأمن سيعقد الأمور ويدخلها طور المماطلة، لا نريد أي نوع من أنواع المماطلة الناس تموت بالعشرات يوميا في الداخل، والحدود امتلأت بالعائلات".
أبو عمار "مقاتل سابق لدى الجيش الحر": "خرجت من سوريا بسبب الإصابة، وليتني أستطيع العودة للقتال هناك والدفاع عن القرى التي بات الجيش الحر يخسرها يوما بعد يوم، الجيش الحر لا حيلة له في هذا، أتكلم مع الأصدقاء يوميا هناك ويشرحون لي هول ما تلقيه الطائرات الروسية، وزخم الجبهات المتعددة التي يخوضها الجيش الحر بمفرده دون مؤازرة أنو نصير، آمل كما يأمل جميع المقاتلين في الداخل بتدخل تركي يمنع سيطرة الروس على حلب وريفها إن استمر الوضع على ما هو عليه".
أعتاب حرب عالمية ثالثة!
من جهة أخرى يخشى المجتمع الدولي من تفاقم الأحداث في سوريا في حال تدخل الطرف التركي عسكريا في الأحداث، فلربما يجبر هذا الوضع إيران على التدخل كدولة بكل قواتها لا على مستوى الميليشيات، عندها لن تبقى السعودية خارج المعادلة كدولة وجيش، وتركيا أصلا من أهم الأعضاء الموجودين في حلف الناتو فكيف سيتصرف الحلف إزاء حرب من هذا النوع، لن تعود الحرب إقليمية وقتها بل سينفتح العالم معيدا بدايات الأربعينيات، وستكون حربا عالمية ثالثة في ظل وجود السلاح النووي مع العديد من الأطراف التي لا تريد أن تتورط في الحرب، كل هذا والإرهاب الداعشي يفعل فعله في سوريا والعالم.
يقول الخبير العسكري علي الفريسي: "بات توقع الخريطة العسكرية في سوريا قاب قوسين أو أدنى من أن يكون مستحيلا، التدخل التركي اليوم، بقدر ما ينبئ بالراحة لحلب وريفها، بقدر ما سيكون الوضع خطيرا ما إن تفاقم الخلاف الموجود أصلا بين الأتراك والروس، وما إن اشتعل فتيل هذا الخلاف لم يعد بوارد أي دولة في العالم التنصل من المعركة، ستغرق المنطقة في مستنقع من الدم".
أما أحمد رضا "أستاذ مدرسة" فلا يعتبر أن الحرب العالمية الثالثة هي كارثة أكثر مما نحن فيه اليوم: "في حال نشوب حرب عالمية ثالثة ما الذي سيخسره السوري؟ ربما تلاحق الخسارات العالم بأسره، ولذا سيكون من المفيد للجميع إنهاؤها، أما اذا استمر الحال على ما هو عليه اليوم فإن المواطن السوري الخاضع لسيطرة النظام في مناطقه، والخاضع لبراميله والقذائف الروسية في المناطق المحررة، هو الوحيد المتأذي أمام صمم العالم عن مآسيه، أنا مع التدخل التركي حتى لو كانت نتيجته حربا عالمية ثالثة، لم يعد لدينا ما نخسره."
عند سؤال أي سوري عن ما سيحدث قريبا، فإنه يخبرك بأن التالي لن يكون أسوأ مما فات، الجميع مؤمن بأن هذه الحرب قالت أبشع ما لديها ولذا وجب وقفها عبر التفاوض، أو التصعيد حتى تطال لظاها العالم بأسره ويضطر العالم إلى إيجاد حلول للمأساة.