أخبار الآن | درعا – سوريا (محمد الحوراني)
كثَّفت الطائرات الروسية غاراتها على معظم قرى وبلدات محافظة درعا مطلع هذا العام تزامناً مع حملة عسكرية شنَّتها قوات النظام على بعض المواقع الخاضعة لسيطرة فصائل المعارضة، في محاولة لإخضاع تلك الفصائل عبر استهداف تجمعات المدنيين في المناطق الواقعة تحت سيطرتهم بالقنابل العنقودية المُحرَّمة دولياً، سعياً منه للضغط على الحاضنة الشعبية ودفعها إلى المصالحة معه والانسلاخ عن الثورة ونبذ الفصائل المقاتلة على غرار المصالحة الوطنية التي حاول النظام إقامتها مع أهالي بلدة إبطع غرب درعا مطلع العام.
قصف ومنشورات تهديد للأهالي
وبحسب نشطاء محليين، فإنَّ نظام الأسد أَنذرَ من خلال منشورات ورقية ألقتها طائراته الحربية، قرى وبلدات "صيدا والنعيمة والغرية الغربية والغرية الشرقية وعلما والصورة"، بقصفها بشكلٍ مُكثفٍ حال رفضها إجراء مصالحات وطنية معه، وقطْعَ الطرقات أمام مجموعات الجيش الحر المناهضة له، فيما وثَّق الناشطون ذاتهم مشاهد قصف الطائرات الروسية للمناطق المذكورة بعشرات الصواريخ الفراغية والقنابل العنقودية المحرَّمة دولياً فور انتهاء المهلة التي حدَّدها النظام مع بداية شهر فبراير.
ومن جهته، أوضح الناشط الإعلامي المعارض وعضو "مؤسسة نبأ" الإعلامية "إبراهيم حمد" لأخبار الآن أنَّ المقاتلات الروسية: شنَّتْ عشرات الغارات على مدن مكتظة بالسكان في ريف درعا الشرقي، واستخدمتْ قنابل عنقودية مُحرّمة دولياً، كما استهدفت مرافق حيوية بينها مشافٍ ميدانية، كان آخرها المشفى الميداني في بلدة صيدا، ما أسفر عن أضرارٍ مادية بالغة في بناء المشفى دون إصابات في الكوادر الطبية، الأمر الذي دفع إلى توقُّف معظم المشافي الميدانية في ريف درعا الشرقي عن العمل.
وأضاف حمد أنَّ الطائرات الروسية استخدمت القنابل العنقودية المُحرَّمة دولياً في أكثر من 80 غارة حربية، طالتْ مدن وبلدات الحراك والنعيمة وصيدا والغرية الشرقية والغرية الغربية وعلما والصورة، ما أدى لسقوط عشرات الضحايا من المدنيين وإصابة العديدين وسط حركة نزوح كبيرة للأهالي باتجاه الريف الشرقي، قُدِّرت أعدادهم بما يزيد عن 70 ألف نسمة.
فيما تحدَّث "خالد عياش" أحد سكان قرية الغرية الغربية لأخبار الآن عن تعرُّض بلدة الغرية الغربية طيلة شهر فبراير لقصفٍ مكثّف بالطائرات الحربية والمدفعية الثقيلة، وذلك بعد ورود معلومات عن تجهيز المعارضة لشنِّ هجومٍ عسكري على بلدة خربة غزالة الاستراتيجية المجاورة لها والخاضعة لسيطرة قوات النظام، ما أجبر معظم سكّانها على النزوح عنها.
وأكّد عياش أنَّ صواريخ الطائرات الروسية كانت مُحمَّلة بعشرات القنابل العنقودية التي لم ينفجر بعضها، وما تزال "متناثرة" في عدد من شوارع البلدة وأسطح المنازل والسهول المحيطة بها، على حد تعبيره، فيما عمد بعض عناصر الجيش السوري الحر إلى تفجير القنابل العنقودية المنتشرة، من خلال إطلاق النار أو رمي الحجارة عليها من مسافة لا تقل عن 50 متراً، خشية تناثر شظاياها وإصابتهم بجروح.
القصف المكثف ونزوح الأهالي
وفي حديث مع "عامر أبازيد" مدير المكتب الإعلامي في مؤسسة الدفاع المدني السوري، أكدَّ فيه لأخبار الآن أنَّ الغارات الروسية: "ساهمت بالتأثير سلباً على سكان المحافظة، بعد أنْ تسببتْ في نزوح عشرات الآلاف منهم باتجاه مناطق أخرى أقل استهدافاً، فيما كان للهجمات المكثفة للطائرات الروسية الدور الرئيسي في إغلاق معظم المشافي الميدانية في الريف الشرقي بعد استهداف عدد منها، مشيراً إلى أنَّ استهداف الطائرات الروسية للمدن والبلدات المكتظة بالسكان بالقنابل العنقودية ساهم إلى حدٍّ كبيرٍ في تضييق الخناق على السكان في محاولة من النظام لتأجيجهم على الفصائل المقاتلة وإجبارهم على المصالحة مع "قاتل أطفالهم" بحسب وصفه".
وأشار "أبازيد" إلى أنَّ جميع المجالس المحلية في البلدات التي تعرَّضتْ للقصف أعلنتْ حظراً للتجوال، وأغلقت المدارس حتى تتمكَّن فرق الدفاع المدني بالتعاون مع كتائب الهندسة العسكرية من إيجاد مخلفات القنابل العنقودية وإزالتها، والتعامل مع القنابل التي لمْ تنفجر بعد أن انتشرت بكثافةٍ في بلدات الرِّيف الشرقي جرَّاء القصف العشوائي والمُكثّف من قبل الطائرات الروسية.
وأكَّد الأبازيد أنَّ الغارات التي تَشنُّها الطَّائرات الرُّوسية على تجمُّعات المواطنين في محافظة درعا تُعتبرُ جرائم حربٍ ضدَّ الإنسانية، و"حرب إبادةٍ بحقِّ شعبٍ طالبَ بالعيش في كرامةٍ كبقية الشُّعوب في العالم".
يُذكر أنَّ الطائرات الروسية استهدف في وقتٍ سابقٍ بقنابل عنقوديةٍ مُدناً وبلداتٍ في محافظة درعا، حيث اُستهدف بلدة "طفس" بأكثر من عشرين غارةٍ بالقنابل العنقودية خلال ساعة واحدة، ما أدَّى لنزوح أكثر من 90 في المئة من سكانها إلى السهول المجاورة بغيةَ تجنُّبِ القصف من قبل الطيران الروسي.