أخبار الآن | غازي عنتاب – تركيا (عماد كركص)
انتشرت في الآونة الأخيرة في العديد من المناطق التي تسيطر عليها المعارضة السورية، مراكز للتحكيم يقصدها المواطنون السوريون بهدف حل نزاعاتهم المدنية والتجارية، حيث لاقت تلك المراكز إقبالاً جيداً من قبل المواطنين.
والتحكيم هو نظام قضائي قديم، لفض النزاعات المدنية والتجارية بين المتخاصمين برضا الطرفين واختيار المحكّم المناسب فيما بينهم، بيد أن رابطة المحامين السوريين الأحرار "إحدى أهم الجهات الحقوقية والقانونية ضمن هيئات الثورة السورية"، قد أعادت هذا النظام القضائي للواجهة من جديد، بعد الضعف الذي يواجه المحاكم الثورية على تنوعها.
قامت الرابطة، لإنجاح هذا المشروع، بتدريب كوادر ومختصين ونشرهم في مراكز ضمن المناطق الرئيسية والأرياف، في سبيل تفعيل هذا النظام الذي يحقق نجاحاً جيداً بحسب المحامي "سامر ضيعي" المدير التنفيذي لرابطة المحاميين السوريين الأحرار والذي قال أيضاً لأخبار الآن: "الرابطة ترى أن السعي نحو السلام والتنمية المستدامة يرتكز بشكل أساسي على تسيد القانون فوق الجميع دولةً وأفراد، والحرص على تحقيق العدالة للجميع. وانطلاقا من الواقع والظروف الراهنة التي تسببت بفراغ قضائي وقانوني شبه كامل نتيجة لغياب القضاة والمحاكم كان لابد من سد هذا الفراغ والعمل على الحفاظ على حقوق المواطنين وقد تصدت الرابطة لهذه المهمة انطلاقا من كون المحامين هم الأقدر على فهم وتطبيق القوانين في ظل غياب القضاء".
وأضاف الضيعي: "بعد التنسيق مع القوى المدنية والعسكرية الفاعلة على الأرض، وبعد دراسات وأبحاث قامت بها الرابطة للواقع بشكل دقيق استمرت لأكثر من ستة أشهر، تم التوافق على افتتاح مراكز تحكيم لحل المنازعات المدنية والتجارية، حيث انطلقت أعمال المشروع بالداخل السوري وفي خمس محافظات سوريا في أيار من العام المنصرم".
ويتابع في تعريف هذا النظام القضائي: "إن القضاء والتحكيم هما عناوين لمفهوم واحد هو الفصل في الخصومات التي تثور بين الناس في معاملاتهم، إلا أن القضاء يختلف عن التحكيم في أن السلطة في الدولة هي التي تنصب القاضي، وتلزم الناس بالتقاضي أمامه وتتعهد بتنفيذ الأحكام التي تصدر عنه جبراً، بينما في التحكيم، نلاحظ أن الخصوم هم الذين يختارون المحكم الذي يفصل في النزاع. ومن هنا تنبع أهمية إحياء عمل مراكز التحكيم ما جعل الرابطة تسعى إلى تفعيل هذه المراكز في المناطق المحررة في ظل غياب كامل لسلطة الدولة وغياب المؤسسات القضائية الفاعلة، وكان لابد من إيجاد حل لفض النزاعات المدنية بين الناس بطرق قانونية وعن طريق مختصين".
من جهته قال المحامي "قاسم منصور" وهو عضو مركز التحكيم التابع للرابطة في مدينة الرستن بريف حمص: "عملنا على إقامة الورشات التدريبية على محاور التحكيم وصياغة قرار المحكّمين وأصول جلسات الاستماع وإلى آليات التنفيذ إضافة لملائمة المشروع للوضع الراهن في سوريا كونه يعبر عن إرادة الشعب وينطلق منها ويأخذ مشروعيته من خلالها، بالإضافة إلى ندوات دائمة ندعو إليها وجهاء المناطق والقرى وحتى الأهالي لتعريفهم وتوعيتهم لأهمية التحكيم بالنسبة إليهم".
وأضاف: يولي المركز أهميه كبيره لعملية اختيار المحكمين المعتمدين في حال تم تفويضه باختيارهم ووفقا للنظام الداخلي، كما يولي أهمية كبيره لعملية التأهيل والتدريب من خلال الدورات والمحاضرات وورش العمل الدائمة في المركز حيث نهج مؤخرا أسلوب ورشات العمل العملية لإعداد وتأهيل المحكّم".
وختم: "كل ذلك ولد ثقة لدى المواطنين بهذا النظام القضائي القديم – الجديد بالنسبة إلى معظمهم، والذي يوفر عليهم عناء تضييع الوقت في المحاكم وطول فترة الإجراءات فيها، وبالتالي فإن الإقبال على هذا النظام كان أكثر من جيد في ظل فترة قياسية".
كما وتنشط الرابطة في مشروع "وثق حقك" الذي يعد من أهم الخطوات للتوثيق المدني والعقاري، بعد استهداف النظام للعديد من دوائر الدولة في العديد من المناطق وضياع الكثير من الأوراق والثبوتيات، حيث يوفر هذا البرنامج الذي تشترك فيه الرابطة مع المكاتب القانونية في المجالس المحلية، حق التوثيق الورقي والإلكتروني لكافة الأملاك والثبوتيات التي تخص حياة المواطنين بشكل يومي.
وتحفظ لدى المكتب القانوني نسخة ورقية بالإضافة على أخرى إلكترونية عن أي عقد أو ورقة ثبوتية، ويتم إرسال نسخة إلكترونية إلى مكتب الرابطة في تركيا، تحسباً للضياع والتلف جراء القصف والاستهداف المستمر للمناطق.
يشار إلى أن مراكز التحكيم تقوم بتنظيم إجراءات وأصول وضبط العملية التحكيمية، وتعتمد المراكز في أجراءتها على القانون السوري "قانون التحكيم رقم 4 لعام 2008" وبموجب نظامه الداخلي.
جدير بالذكر، أن محاكم النظام حاولت تغييب التحكيم لصالح المحاكم التي كان يعين فيها القضاة على أساس المحسوبية والولاءات الحزبية والأمنية، والمعروفة في فسادها بين أوساط السوريين.