أخبار الآن | درعا – سوريا ( محمد الحوراني )
تعرضت العديد من قرى محافظة درعا في الآونة الأخيرة إلى موجات نزوح كبيرة باتجاه مناطق أخرى أكثر أمانا واستقرارا بعد استهداف الطيران الروسي لتجمعاتهم السكنية بشكل مكثف تزامنا مع سيطرة القوت التابعة للأسد على مدينة الشيخ مسكين وبلدة عتمان شمال درعا، وذلك في إطار حملة عسكرية تشنها قوات الأسد مدعومة بقوات إيرانية وعراقية ولبنانية على مدن وبلدات محافظة درعا الخاضعة لسيطرة الفصائل المعارضة.
وبحسب نشطاء معارضين، فقد شهدت قرى محافظة درعا خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة قصفا غير مسبوق بحسب وصفهم، كثفت فيه الطائرات الروسية غاراتها على ثمانية مناطق محررة أبرزها بلدات صيدا، والنعيمة، والغرية الغربية، في محاولة من النظام لتأجيج الحاضنة الشعبية ضد تحرك الجيش الحر الذي بادر لاحقا بتحصين خطوط دفاعه وتعزيز نقاطه بهدف إفشال الهجمة العسكرية التي شنتها قوات الأسد عليهم مؤخرا.
ويقول أحمد الصلخدي وهو أحد سكان قرية النعيمة المهجرين، يقول لموقع أخبار الآن : "شهدت قرية النعيمة قبل الهجمة الروسية دمارا كبيرا في منازلها ومراكزها الخدمية والتعليمية والصحية، ويعود ذلك إلى كونها بوابة مدينة درعا إلى الريف الشرقي في المحافظة، وجبهة طويلة تمتد على طول 4 كيلو متر ضد قوات الأسد المتمركزة على أطراف المدينة، لكن قصف الطيران الروسي على البلدة هذا الشهر كان الأعنف، والذي دفع سكان البلدة إلى النزوح منها باتجاه القرى والبلدات المحيطة ".
ويضيف الصلخدي : " توجهنا إلى منزل أحد أقاربنا في بلدة الجيزة، في الوقت الذي تنتشر فيه مئات العائلات النازحة على حافة الطريق في بلدات صيدا والطيبة والجيزة بحثا عن مأوى، ويعود ذلك إلى نزوح أعداد كبيرة من سكان قرى علما والصورة والغريتين الشرقية والغربية باتجاه بعض المناطق الآمنة نسبيا في ظل اكتظاظ هذه المناطق بنازحين من مناطق أخرى لجأوا إليها في فترات سابقة وشكلوا فيها تجمعات بشرية كثيفة لنازحين أبرزهم من مدينة درعا وخربة غزالة".
عمار الزعبي أحد سكان بلدة الطيبة يقول لموقع أخبار الآن، إن العديد من العائلات توجهت إلى الشمال السوري قاصدة تركيا بعد إغلاق الحدود الأردنية أمامهم، وتدني الأمان في معظم قرى وبلدات المحافظة المعرضة للقصف في أي لحظة، حيث بلغت أعداد النازحين باتجاه تركيا خلال الشهور الثلاثة الأخيرة بحسب الزعبي حوالي ثلاثة آلاف نسمة.
ويتابع الزعبي: ” لم يعد الشمال السوري أفضل حالا من المنطقة الجنوبية، سيما بعد التطورات الميدانية الأخيرة وتقدم البي كي كي على مناطق تخضع لسيطرة فصائل الجيش الحر، مما يزيد من مصاعب التوجه شمالا بعد اضطرار المهجرين إلى سلك طرق تتمركز عليها حواجز تفتيش تابعة لجميع أطراف النزاع في سوريا، ابتداء بتنظيم جبهة النصرة على أطراف منطقة اللجاه التي تمثل بوابة محافظة درعا الشمالية الشرقية، وصولا إلى قوات الأسد المتركزة على طريق أستراد دمشق السويداء الرئيسي، مرورا بمناطق داعش والبي كي كي حتى الوصول إلى الحدود السورية التركية التي تخضع لسيطرة فصائل الجيش الحر، وليست المعابر الحدودية التركية أفضل حالاً من الأردنية فهي الأخرى أيضاً مغلقة أمام ألاف المدنيين العالقين قرب الحدود والفارين من تقدم القوات الكردية وقوات الأسد في ريف حلب الشمالي ".
وحول دور المؤسسات الإغاثية في مساعدة النازحين وتقديم العون اللازم لهم، يقول الدكتور يعقوب العمار رئيس مجلس محافظة درعا الحرة، يقول لموقع أخبار الآن لقد تم تشكيل ” اللجنة المركزية للإغاثة وشؤون اللاجئين ” في محافظة درعا هذا الأسبوع، بحضور وعضوية جميع ممثلي الهيئات والمنظمات الإغاثية ومؤسسة الدفاع المدني في درعا، بغية توحيد العمل الإغاثي في المحافظة وتنسيق الجهود بين جميع أطراف العمل الإغاثي ”.
وأضاف العمار : " نسعى من خلال اللجنة المركزية للإغاثة وشؤون المهجرين إلى مواجهة أزمة النزوح الحاصلة بالإمكانيات المتوفرة، في ظل نزوح أعداد هائلة من سكان بعض المناطق الساخنة من منازلهم باتجاه السهول والمناطق المجاورة، يعيش معظمهم ظروفا إنسانية صعبة، نظرا لكثافة عدد النازحين الذي بلغ عددهم بحسب دراسات ميدانية خاصة بمجلس المحافظة نحو 100،000 نسمة، في ظل نقص الدعم اللازم، وغلاء الأسعار ، وظروف الشتاء القاسية".
ويتابع العمار: " طالبنا نحن في مجلس محافظة درعا عبر بيان رسمي أصدرناه على صفحة المجلس الرسمية طالبنا المجتمع الدولي بالوقوف عند مسؤولياته الإنسانية والعمل على تنفيذ القرار 2254 الصادر عن مجلس الأمن والذي يتضمن توقف أي هجمات ضد المدنيين والأهداف المدنية، وناشدنا المنظمات الحقوقية والهيئات الإنسانية عبر ذلك البيان بالقيام بواجباتها الإنسانية من خلال تقديم يد العون للمواطنين ووقف الانتهاكات الصارخة بحق الإنسانية والضغط على روسيا لوقف غاراتها التي تستهدف مناطق المدنيين ومناطق مأهولة بالسكان".
ومنذ بداية الغارات الجوية الروسية بدأت المعاناة على الأهالي تشتد أكثر خصوصاً أن معظم هذه الغارات إستهدفت مواقع خاضعة لسيطرة قوات المعارضة السورية المعتدلة ومناطق مكتظة بالسكان، كما قامت الطائرات الروسية بتدمير الكثير من منازل المدنيين والأبرياء والمستشفيات والمدارس وتسببت بأضرار كبيرة وخسائر في الأرواح والممتلكات العامة وتسببت بموجة نزوح واسعة جنوب سوريا وشمالها.