أخبار الآن | ريف حماه – سوريا (مصطفى جمعة )
الحرب الطويلة التي يشنها النظام وروسيا على الشعب السوري، لم تكتف بتدمير البشر والحجر، بل إمتد أثرها ليشمل المحاصيل والأرض الزراعية التي تستهدفها الغارات بالقنابل الحارقة، ما أدى إلى تلف مساحات واسعة من الأرض، وإحراق كمية كبيرة من المحاصيل الزراعية، لكن يبقى مزراعو المناطق المحررة من سوريا في حالة تحدٍ دائم لآلة النظام الحربية، مصرين على إعادة إستصلاح الأراضي وإحيائها مرة أخرى..
على جنبات الطريق بين ريفي ادلب و حماه؛ أراض زراعية، تحول معظمها إلى حقول تجارب، تستخدم فيها الأسلحة الخفيفة و الثقيلة، القديمة و الحديثة. ثلاثة كيلو مترات قطعناها، و نحن نتلفت حولنا بحثا عن عنوان، أو أثر لإنسان.
ينتهي البحث بلقائنا عبد الكريم، الذي يدير ورشة، يقول إنها تعمل على حراثة و زرع مساحات كبيرة، خطر و معوقات كثيرة، تواجهه هؤلاء الشبان، الذين تربطهم بالأرض قاعدة الإنتماء.
عبد الكريم-مالك ورشة زراعية: نحن نشكل فريق عمل للإعتناء بأراضينا, بحكم أنها لأقاربنا أو جيراننا, فيتواصلون معنا عبر أجهزة التلفون, و يرسلون لنا التمويل, فنحرث و نقلع الأعشاب و نقلم الأغصان, و كل ما يُعنى بأمور الزراعة, فهذه الأرض لنا, و نحن نبذل الجهد لفعل ذلك, لأنه واجب, و لا يحقنا لنا العيش بها إن لم نزرعها.
زراعات متنوعة و مهمة تراجع الإقبال عليها، بسبب ما تعرضت له من حرق و إتلاف بالمواسم السابقة، يستهل عبد الكريم الفرصة، ليعدد لنا الزراعات الأكثر إنتشارا، و يشرح الدوافع التي تجعله، مصرا على متابعة الزراعة بالرغم من قسوة الظروف، حاله كحال من تبقى هنا.
عبد الكريم-مالك ورشة زراعية: آلة القصف حرقت المزروعات بالعموم, فأضطررنا للجوء للزراعات ذات التكلفة الأقل, كتحدي للنظام, و لكي نأكل منها, و لن نستسلم, فهذه الأرض زرعناها كمون, و هنالك زراعات أخرى, أما البطاطا زُرِعن بنسب قليلة, لتأمن إكتفاءا ذاتي, لأن تكلفتها كبيرة.
أبو محمد-مزارع سوري: الصواريخ العنقودية تملئ الأراضي هنا, نقوم بنزعها و نعاود الزراعة, كذلك الأمر بالنسبة لمخلفات القصف الروسي و غيره, و سنزرع أرضنا لأن الحياة مستمرة.
يذكر أن منظمات دولية تسعى الى ترميم القطاع الزراعي في سوريا، من خلال إدراج خطط جديدة، ستساعد في استصلاح مساحات كبيرة، كانت عرضة للتصحر، بسبب ما حل بمالكيها، من ظروف، تبدأ بقلة الحيلة، و تنتهي بالموت.
القصف بالطائرات الحربية و الصواريخ العنقودية و المدافع و الراجمات و ما هو أكثر من ذلك, بالإضافة لأرتفاع أجور الأيدي العاملة و أسعار المحروقات, تركيبة شكلت سداً منيعاً أمام المزارعين في ريف حماه, إلا أنها قد تتساوى في كفة الميزان مع عزيمة و إصرار و جهد كبير يبذله هؤلاء للتغلب على كل ما ذكر, فعلى حد تعبيرهم, أن تلك التركيبة أصبحت أمراً إعتيادياً, وبات التغلب عليها أمراً واجبا.