أخبار الآن | ريف دمشق – سوريا (جواد العربيني ورواد حيدر)

 

اندلعت مواجهة هي الأعنف بين داعش من جهة وجبهة النصرة وفصائل تابعة للجيش الحر من جهة أخرى في مدينة "التل" شمال العاصمة دمشق، وقد أسفرت الاشتباكات "حتى الآن" عن مقتل 5 أشخاص وجرح آخرين، وعرف من قتلى داعش في االشتباكات كلا من: "راضي معنية أبو محمد" ومحمد قرقور".

وإثر ذلك أغلقت المعابر المؤدية إلى "دمشق" بشكل تام وسط حالة حظر تجول للمدنيين وانتشار كثيف لعناصر داعش وفصائل الجيش الحر في المدينة. الاشتباكات جاءت بعد توتر مستمر منذ شهور وحالات اغتيال طالت عناصر وقياديين من الطرفين.

اشتباكات وقتلى .. وحظر تجول

الاشتباكات فرضت حظر تجوال تلقائي على أهالي المدينة وفق ما ذكر الناشط الإعلامي "أبو ليث التلي" الذي أضاف: "دخلت المدينة عقب بدء الاشتباكات في حالة من التوتر والخوف، تزامن ذلك مع نداءات في الجوامع تدعو الأهالي لالتزام المنازل، وحذرتهم من الخروج إلى الشوارع".

"أحمد البيانوني" عضو اتحاد تنسيقيات الثورة ذكر أن الاشتباكات وُزعت على أغلب أحياء المدينة، وجاءت بعد "تكفير" داعش للفصائل العسكرية في المدينة، وهجومه على مقرات الجيش الحر وجبهة النصرة.

وأضاف "البيانوني" بتصريح خاص لأخبار الآن، أن: "الاشتباكات أوقعت خمسة قتلى، اثنان مدنيان، وعدد من الجرحى، كما قتل عدد من عناصر داعش وجرح آخرون، لكن لم نستطع التأكد من الأرقام حتى الآن بسبب سياسة التعتيم التي يتبعونها".

وفي حديثه لـ "أخبار الآن" قال "أبو ماهر" وهو ناشط ميداني داخل المدينة: "هذه الاشتباكات ليست وليدة الصدفة، هنالك عوامل متراكمة منذ أشهر أدت الى حدوث هذه الاشتباكات، ما جرى تحديدا اليوم هو بدء الثوار بهجوم استهدف مقر لتنظيم "داعش" يعرف بـ "مشفى عرنوس" حيث كانت الشرارة لبدء المعارك والانتقال إلى عدة أماكن داخل التل، وما يزال القتال مستمرا وسط انتشار كبير وقد استخدم في المعارك الرشاشات الثقيلة بمختلف أنواعها وهنالك أعداد كبيرة من الجرحى في مشفى الزهراء".

داعش في التلّ

داعش الذي ظهر في التل منذ عشرة أشهر، يبلغ تعداده اليوم قرابة الـ 1200 عنصرا؛ هم مزيج من المقاتلين المنشقين عن الجيش الحر وعن جبهة النصرة حسبما ذكر "أبو ليث"، مضيفاً: "إضافة للعناصر المنشقين عن الفصائل، جنّد داعش العديد من المدنيين المحتاجين، عن طريق الأموال التي يدفعها للعناصر وهو الأمر غير الموجود لدى النصرة والجيش الحر".

وبعد مرور ثلاثة أعوام على هدنة التل المبرمة بين "الثوار" و"قوات النظام" شكلت المدينة خلال هذه السنوات قبلة للنازحين كونها تخضع لسيطرة المعارضة السورية وبعيدة عن قذائف وصواريخ الأسد، هذا التحول في المدينة سمح لعناصر التنظيم بالتغلغل داخل المدينة.

يقول "أبو ماهر": "التنظيم استغل تشديد النظام حصاره على التل ليحاول فرض نفوذه على المدينة بعد أن جذب عدد كبير من الشباب مستغلا سوء الحالة الاقتصادية لهم، حيث يحصل كل مبايع للتنظيم على راتب شهري يقدر بـ "100" دولار له و"100" دولار لزوجته و"25" دولار لكل ولد من أولاده، هذه المغريات المتزامنة مع تشديد النظام حصاره على المدينة سهلت من ازدياد أعداد التنظيم داخل المدينة" مؤكدا أن "الأمراء" المسؤولين عن التنظيم هم من جنسيات غير سورية ويبلغ عددهم عشرة أشخاص.

الحصار المستمر وشروط فكه

تعيش مدينة التل تحت وطأة حصار فرضته قوات النظام والميليشيات المساندة لها منذ أكثر من 194 يوم؛ وتضم المدينة قرابة المليون نسمة بين نازحين من الغوطتين الشرقية والغربية وبعض مدن القلمون إضافة لسكان المدينة الأصليين، حسب آخر إحصائية للهلال الأحمر والجمعيات العاملة فيها.

"أحمد البيانوني" ذكر أن محاولات فك الحصار مستمرة من قبل الوجهاء لكنها دائماً تقابل بالرفض وفرض شروط جديدة من قبل النظام رغم تنفيذ معظم ما كان مشروطاً.

وقال "أحمد" أن النظام فرض على الأهالي على مدار الأشهر السابقة شروطاً تعجيزية، منها خروج الثوار من المدينة أو تسليم أسلحتهم، وهو ما رُفض من قبل الثوار رفضاً قاطعاً، فالمدينة تضم قرابة الـ 7000 آلاف شابا مطلوب للخدمة الإلزامية، ناهيك عن استباحة المدينة من قبل النظام وميليشياته في حال خرج الثوار.

وتحدث "احمد" أنه لم يتبقى من أهالي المدينة الأصليين سوى 25 ألف، في حين كانت تضم ببداية الثورة أكثر من 120000، مشيراً أن "أعداد النازحين كبيرة ونعيش جميعاً في هذا السجن الكبير".

وفي ظل تشديد النظام حصاره على المدينة أصبحت الحالة المعيشية داخل المدينة في أبشع صورها، إذ يبلغ سعر ربطة الخبز 200 ليرة وهو مبلغ لا يستطيع عدد كبير من الأهالي دفعه يوميا حيث لا يتجاوز دخل الفرد في المدينة أكثر من 15000 شهريا ولا يوجد أية أراضي زراعية داخل المدينة، كما أن حواجز النظام تمنع إدخال أية مواد غذائية باستثناء بعض المواد البسيطة أو مقابل دفع رشوة لتلك الحواجز، كما أن المحروقات غائبة بشكل شبه كامل عن البلدة، إضافة لغياب الغاز والحطب، كما أن حليب الأطفال وحليب الأبقار غير متوفر نهائيا داخل المدينة.