أخبار الآن | ريف دمشق – سوريا (أبو محمد اليبرودي)
يعيش مليون شخص محاصر في مدينة التل ظروفا صعبة منذ أكثر من مائة وثمانين يوما؛ حرموا فيها من الغذاء والمواد الطبية كعقوبة للمدينة كونها آخر مدن القلمون المحررة، وذلك في سبيل الضغط على الأهالي لطرد كتائب المعارضة منها، وسط مبادرات متكررة من وسطاء لإيجاد حل لازمة الحصار على غرار مضايا.
وتعد مدينة "التل" في القلمون الغربي أولى المدن التي يتّبع معها النظام السوري سياسة الحصار، فتعداد سكانها الكبير مع نازحيها واتساع رقعتها الجغرافية وانشغال النظام السوري بمعارك الجرود والزبداني دفعه لسياسة الحصار والتجويع، والتي تعتبر أقل تكلفة له في العتاد و الأرواح.
فضمن مساعي حزب الله والنظام السوري لتأمين الحدود السورية – اللبنانية بالكامل، تعتبر مدينة التل آخر المدن هناك والتي تعيق مخططه ولا تزال حتى اللحظة خارج سيطرته مما جعلها محط أنظاره في الفترة الأخيرة فاتّبع وسائل الضغط الكثيرة عليها والتي كان من ضمنها الحصار المطبق والاعتقال لأبناء المدينة على الحواجز وخاصة النساء.
أزمة إنسانية
يقول مسؤول الإغاثة في المدينة "أبو أحمد التلي" أن "التل" تعرضت للحصار قبل شهرين من مضايا، وبالرغم من ذلك لم يجدوا تلك الاستجابة لنداءاتهم بفك الحصار، رغم أن الحصار هو الأخطر على مستوى الريف الدمشقي من حيث عدد المحاصرين الذين وصلوا ما يقارب المليون نسمة، معظمهم من نازحي الغوطة الشرقية من النساء والأطفال والعجائز.
ويشير التلي إلى أن دخول المدينة في شهرها السابع من الحصار جعل محلات المدينة وأسواقها تغلق بالكامل بعد انعدام المواد الغذائية فيها، حيث أصبحت معظم المواد تصل للمدينة بطريق التهريب و بأسعار خيالية يعجز عن تحصيلها معظم سكان البلدة.
وينوّه التلي إلى أن حاجة الأهالي بسبب الحصار دفعت حواجز النظام المحيطة للبلدة لاستغلال أهلها ببيعهم بعض المواد التي تكفي قوت يومهم بما يعادل مرتب شهر كامل، وهذا ما زاد الوضع سوءا.
الجوع أو الركوع
في نفس السياق يقول "أحمد البيانوني" مدير تنسيقية التل، أن خطورة الحصار تكمن في انعدام المواد الطبية، والتي تشكل المأساة الأكبر لأهالي المدينة، حيث أن معظم الصيدليات قد أغلقت أبوابها بعد عدم مقدرتها على تأمين الدواء للأهالي مما سبب مأساة لدى الحالات المرضية الخطرة و المزمنة.
ويشير البيانوني إلى أن النظام لجأ مؤخرا إلى سياسة الحصار بدلا من الصدام المباشر مع ثوار التل وذلك خوفا من تكرار تجربة معركة عام 2012 والتي دخل على إثرها النظام لمدينة التل لكن بعد تقديمه فاتورة كبيرة في العناصر.
و يضيف البيانوني أن النظام اشترط لفك الحصار عن المدينة بخروج الثوار منها فهو يمنع المواد الغذائية والطبية من الدخول للتل خوفا من وصولها ليد المسلحين, وبهذا يحرض المدنيين على أن الثوار هم سبب جوعهم و حصارهم مما يدفع الأهالي للضغط على الثوار للخروج تحت ضغط الجوع الشديد.
و لكن ينوه أحمد أن ثوار المدينة كانوا على درجة كافية من الوعي و أصدروا مرارا عدة بيانات تؤكد أن تواجدهم في المدينة هو فقط لحماية المدنيين وتنظيم حياتهم اليومية دون التعرض لحواجز النظام المحيطة بالمدينة وذلك لتجنيب المدنيين استهداف النظام لهم والانتقام منهم بحجة ضربات الثوار كما حدث في كل المناطق السورية.
يشار إلى أن مدينة التل هي آخر مدن القلمون الغربي المحرر، وتحتوي على كتائب للثوار معظمها محلية وتتبع للجيش السوري الحر، وقد أصبحت مركزا لاستقطاب اللاجئين من الغوطة الشرقية وباقي مدن القلمون التي سقطت بيد النظام و حزب الله.