أخبار الآن | إدلب – سوريا (أحمد أمين)

بعد تحرير محافظة إدلب، بات على القوى المتواجدة فيها أن تبحث في موضوع الفراغ الذي خلّفه غياب الإدارة المؤسساتية لكافة المرافق العامة والقطاعات الخدمية والإدارية. فبالرغم من سوء الإدارة لكافة القطاعات في عهد النظام، إلا أن فراغا كبيرا فيها استدعى سدّ الثغرة وأصبح بحاجة ماسة لمن يعيد تشغيلها وتقديم الخدمات للأهالي لاسيما الخدمات الصحية والاحتياجات اليومية.

ونتيجة تعدد الفصائل العسكرية التي شاركت في التحرير وعدم امتلاكها الخبرة الكافية في موضوع الإدارة المدنية، مع ضعف الدعم المتوافر الذي تحتاجه القطاعات؛ أحرزت الإدارة الجديدة للمؤسسات فشلا ملحوظا ما أدى إلى إرباك لدى المواطنين في التعامل مع القائمين على تلك القطاعات.

هيئة إدارة الخدمات

كل ذلك، دفع العديد من أبناء المحافظة والناشطين والهيئات المدنية ومنظمات المجتمع المدني إلى العمل على تأسيس وهيكلة منظمات جديدة تكون قادرة على تأمين الخدمات وتقديمها ضمن الإمكانيات المتاحة والمتوافرة، فشهدت المحافظة تجارب كثيرة ومحاولات لتوحيد الجهود والوصول إلى هيئة واحدة تصب فيها كل جهود العاملين في هذا الإطار، فكان أن شكلت هذه النواة وأطلق عليها "هيئة إدارة الخدمات".

تعد هيئة إدارة الخدمات، التي تأسست منذ أكثر من أربعة أشهر، من المشاريع الإدارية التي تسعى إلى ضبط الواقع الخدمي وتحقيق تقدم فيه على كافة الأصعدة والمتطلبات اليومية للمواطن الإدلبي.

وضمت الهيئة كافة المجالس المحلية في القرى والمدن والأحياء، حيث تم توقيع مذكرات تفاهم مع كافة المجالس لجعلها خاضعة لرقابة الهيئة وجعل الهيئة مشرفا مباشرا على كافة الأعمال الخدمية التي يقوم بها كل مجلس من أجل تنسيق الجهود في المشاريع الخدمية في كل منطقة، وتسهيل عملية تنفيذ المشاريع من خلال التعاون وصب الجهود كلها في بوتقة واحدة.

وعن آلية عمل الهيئة قال المهندس "هاني عبيد": "تعتبر الهيئة تكتل يضم العديد من الكوادر الرائدة في كافة المجالات التعليمية والخدمية في المحافظة، ويتم عمل الهيئة بشكل أساسي من خلال التنسيق بين المنظمات الخدمية والتنموية والجهات الداعمة للمشاريع وبين المجالس المحلية التي تعتبر الجناح التنفيذي لكل المشاريع الخدمية التي تقام على الأرض، حيث يقوم المجلس المحلي برفع المشاريع الضرورية التي تلزم منطقته إلى مكتب المشاريع في الهيئة والذي بدوره يقوم بإعادة صياغة المشروع ودراسته بشكل صحيح ليتم تحويله إلى مكتب القطاع ليقوم مشرفون من الهيئة بدراسة المشروع على أرض الواقع ومعاينته وتقدير مدى حاجة الناس له ومدى جدوى المشروع وضرورة تنفيذه، ثم يتم رفعه إلى المكتب الرئيسي الذي يقوم بتجهيز الميزانية اللازمة للمشروع وإدخاله حيز التنفيذ".

كيان لإدارة المناطق المحررة

تعتبر "الهيئة" أول مؤسسة شبه رسمية تجتمع تحت ظلها كافة المجالس والبلديات وحتى الجمعيات الإغاثية في المنطقة ما يوفر لها فرص النجاح بسبب التنسيق عالي المستوى.

ومن أهم المشاريع التي تقوم بها الهيئة الآن مشروع "إعادة ترميم المدارس" المدمرة وإصلاحها وإعادة تفعيلها نظرا لأهمية العملية التعليمية بالنسبة للأطفال الذين اضطرتهم ظروف الحرب إلى ترك دراستهم، إضافة إلى مشاريع خدمات البنية التحتية وبشكل خاص "النظافة" التي تهدف إلى تنظيف القرى والمدن والأحياء من مخلفات الإهمال الطويل في ظل القصف والتنقل بسبب ظروف الحرب.

وهناك مجموعة من المشاريع التي تدرسها الهيئة والتي ستدخل قريبا حيز العمل، ومن مشاريع الخطة المستقبلية التي تسعى الهيئة إلى تفعيلها مشروع إعادة تجهيز مقاسم الهاتف وتشغيلها وحفر آبار ارتوازية لتغذية المنطقة بمياه الشرب وغيرها من المشاريع الخدمية الأخرى التي لا تزال قيد الدراسة بحسب المهندس "هاني عبيد".

معوقات وعقبات

وعلى الرغم من محاولات الهيئة ودورها الأساسي في توحيد الجهود الخدمية في المحافظة، إلا أنها لا تزال تعاني من معوقات وعقبات تقف في طريق عملها؛ والتي من أهمها القصف والغارات الجوية المستمرة التي لا تتوقف والتي تستهدف المنشآت والمشاريع الخدمية بشكل مباشر، إضافة إلى قلة الإمكانيات المتوافرة وعدم توافر الدعم المادي الكافي لإنجاز المشاريع العديدة والضرورية التي تحتاجها المحافظة في ظل دمار طال عدد كبير من منشآتها وقطاعاتها الخدمية ما أدى إلى تأخر كبير في تقديم كافة الخدمات.

الهيئة والأهالي

وقد لاقت الهيئة قبولا بين الأهالي نتيجة الدور الخدمي الذي بدأت تؤديه في بعض المناطق في المحافظة، وقد وصفها السيد "إبراهيم" بالهيئة الجدية التي تعمل بتفاني في إنجاز المشاريع التي تقوم بها على الرغم من قلة الإمكانيات والظروف الصعبة التي تمر بها المحافظة، إلا أن ذلك لم يقف حائلا بين الهيئة وبين عملها.

أما "ملحم الضاهر" أحد أبناء محافظة إدلب فيعتقد بأن الهيئة يمكنها وبجدارة أن تدير محافظة إدلب بشكل كامل في حال استمرت على هذه الوتيرة من العمل وتمكنت من تأمين الدعم الكافي وتشغيل وتفعيل كافة الكوادر حتى تتمكن من إثبات كفاءة جيدة في المستوى الخدمي وتكون الجهة الأولى والمرجعية الوحيدة في كافة الأعمال الخدمية على مستوى المحافظة.