أخبار الآن | ريف دمشق – سوريا – (جواد العربيني)
أكثر من خمسين يوما وما تزال مدينة "دوما" تقصف يوميا بالقنابل العنقودية. طريقة جديدة للموت أصبح يعيشها سكان المدينة خلفت ما يزيد عن المائة قتيل وعشرات الجرحى. الضحية الأكبر من القصف بالصواريخ العنقودية هم من الأطفال، حيث أدى تساقط ذخائر عنقودية في الثالث عشر من الشهر الماضي إلى استشهاد ثمانية أطفال دفعة واحدة، ويعتمد النظام سياسة القصف المستمر يوميا من أجل قتل الحياة بشكل كامل داخل المدينة.
سياسة تبدو أنها قد نجحت فعلا، فأسواق المدينة وشوارعها أصبحت شبه خاوية وحركة النزوح من المدينة تتزايد مع ازدياد صوت تلك الصواريخ التي تقطع نفس من يسمعها لمدة 15 ثانية، وهو موعد سقوطها من السماء إلى الأرض بعد انفجار الصاروخ الحامل لها في السماء.
قصف مكثف وعاهات مستديمة
المشكلة الأكبر تكمن بمدى إصابة من يتعرض للقنابل العنقودية، حيث يضطر أغلب المصابين لعمليات جراحية وقسم منهم يضطر لعمليات بتر لأطرافه، كالطفل "نور" البالغ من العمر 8 سنوات، حيث أدت قنبلة عنقودية سقطت بجانبه إلى فقدانه طرفيه السفليين بشكل مباشر.
يقول الدكتور "هشام" لـ "أخبار الآن": "منذ بدء استخدام السلاح العنقودي بشكل يومي، ازدادت حالات البتر والإصابة بالأطراف بشكل كبير، فهذه القنابل عندما لا تقتل تسبب عاهة دائمة لدى المصاب. نحن لا نطالب بإدخال الأدوية والمعدات الطبية، بل نريد وقفا فوريا لهذه الحملة الإجرامية ضد المدنيين".
وفي حديثه لـ "أخبار الآن" قال "محمود آدم" المتحدث الرسمي باسم الدفاع المدني في ريف دمشق: "استخدام النظام للأسلحة العنقودية المعروفة بالعشوائية على المدنيين العزل يثبت مدى بشاعة هذا النظام، فخلال شهرين أصبح مسلسل القصف يتلخص بقصف المدينة بأحد عشر صاروخا عنقوديا كل يوم، كل صاروخ منها يحتوي ما بين 8 – 12 قنبلة، حيث يتم انفجار الصاروخ أولا فوق سماء المدينة لتهطل القنابل بشكل عشوائي وبمحيط دائرة نصف قطرها 200 مترا، حيث تحتاج هذه القنابل لمدة 15 ثانية للارتطام بالأرض والانفجار، وبعض تلك القنابل لا ينفجر مباشرة بل يكون مؤقتا".
شلل في حركة الحياة اليومية
"آدم" أضاف: "النظام يعتمد من هذا القصف إلى شلّ حركة المدينة بشكل كامل وقتل الحياة، حيث يركز النظام خلال قصفه على محور معين لينتقل في اليوم التالي الى محور آخر".
بدوره قال الناشط السياسي في مدينة دوما "نزار صمادي" لـ "أخبار الآن": "عندما يستخدم النظام القنابل العنقودية المحرمة دوليا هذا يعني مقدار الحماية التي يتلقاها من قبل روسيا، فهو لا يأبه للمجتمع الدولي منذ أن تم بيع القضية السورية بالكيماوي، حيث يتعمد قصف المدن بالقنابل العنقودية لإفراغ المدن وتهجير أهلها وضرب الحاضنة الشعبية والضغط عليها للضغط على الفصائل العسكرية للقبول بهدن ومصالحات بشروط النظام".
ويستخدم النظام أنواع متفرقة من القنابل العنقودية تطلق بصواريخ أرض-أرض مصدرها منطقة "الدريج" في القلمون، حيث تنفجر بالسماء وتنشطر لقنابل عنقودية، وتظهر صور تم نشرها من قبل ناشطين أن هذه القنابل تعود للحقبة السوفيتية وتدعى "آي" أو "إس سي أتش" وقد تم توثيق استخدام هذه القنابل سابقا قبل التدخل الروسي، بينما قصفت المدينة في الرابع عشر من الشهر الماضي بقنابل عنقودية عبر صواريخ مقاتلات حربية، وقد أظهرت صور بثها ناشطون أن القنابل المستخدمة من طراز "آر تي ام 2.5 " لم يوثق استخدامها قبل التدخل الروسي.