أخبار الآن | إسطنبول – تركيا (أسامة زين الدين)
فاق عدد السوريين المقيمين في تركيا 2.2 مليون سوري، اضطرتهم ظروف الحرب إلى مغادرة بلدهم، وأظهرت دراسة تركية قام بها باحثون أتراك أن عشرة بالمائة فقط من هؤلاء السوريين يعيشون في المخيمات، والبقية قد استقرت في إحدى الولايات التركية، وأن نصف هؤلاء السوريين لا يعتزمون العودة إلى بلادهم وينوون الاستقرار في تركيا. وتوقعت الدراسة أن يصل عدد السوريين في جارتهم تركيا فيها إلى ثلاثة ملايين إثر قيام كثير منهم بلم شملهم واستقدام أسرهم وزوجاتهم هذا العام.
سعى كثير من هؤلاء سواء أكانوا طلبة أم أرباب أعمال إلى كسر حاجز الاندماج في المجتمع التركي الذي تعتبر اللغة التركية أكبر موانعه، وابتكروا أدوات وأساليب مميزة لإتقانها في سعيهم لتجاوز الحواجز التي تفصلهم عن الأتراك.
التبادل اللغوي .. الخيار الأرخص والأسرع
إثر ارتفاع أسعار دورات تعليم اللغة التركية التي تقوم بها بعض المعاهد السورية والتركية ووصول رسوم الدورة الواحدة إلى ما يقارب مائتي دولار، سعى بعض السوريين إلى إيجاد فرص تناسب وضعهم الحالي ماديا وتتجاوز عقبة الرسوم المرتفعة التي يصطدمون بها عند سعيهم للتسجيل في الدورات النظامية.
"محمد" طالب جامعي سوري محدود الدخل يقول أنه تعلم اللغة التركية بفترة وجيزة لا تتجاوز سبعة أشهر، فقد نزل للمسجد المجاور قرب بيته ووجد فيه دروسا لتعليم اللغة العربية للأتراك يقوم بها إمام المسجد، فعرض عليه أن يدرس هو اللغة العربية للمهتمين بها مقابل أن يستفيد منهم ويتعلم لغتهم شيئا فشيئا، يقول "محمد": "معظم الحاضرين في هذه الدورة قد أصبحوا أصدقاء له، وبدؤوا بتعليمه اللغة التركية وقضاء معظم أوقاتهم معه بل ومساعدته في أموره الخاصة، ولم يشعر بنفسه إلا وقد قفز قفزات نوعية في نطقه للغة التركية دون أن يكلفه ذلك شيئا".
التبادل مع طلاب مدراس الخطباء والأئمة
تنتشر في إسطنبول المدارس الشرعية التي يُعنى روادها بلغة الوحي دراسة وحديثا ويولونها أهمية خاصة، وقد وجد هؤلاء الطلبة في السوريين فرصة ممتازة لهم للحديث باللغة العربية بعد انتشار السوريين في تركيا، وتنتشر في كثير من هذه المدارس وعبر صفحات تواصلها الاجتماعي إعلانات تطلب سوريين للتبادل اللغوي معهم باللغة العربية، ويعرضون مقابل ذلك تعليم السوريين اللغة التركية.
"محمد خير" مدرس تركي يدرس اللغة التركية في مدراس الأتراك، ولكنه طالب أيضا يدرس الشريعة الإسلامية في معهد شرعي في إسطنبول يقول لـ "أخبار الأن" أن السوريين كانوا فرصة ممتازة لكثير من الطلبة لتطوير لغتهم العربية كونهم يتكلمون الفصحى بطريقة جميلة وسهلة الفهم، وأنه قد بدأ برنامجه لتطوير لغته العربية مع طالب جامعي سوري تعرف عليه في إحدى المكتبات العامة في إسطنبول، وأنه سعيد جدا بهذه التجربة الغنية وأن هذه الطريقة في التعليم تتجاوز الطرق التقليدية وتضطر المرء للتعلم بسرعة، والأخذ بشكل مباشر من ثقافة وعادات الشريك الذي يتبادل معه اللغة.
الدورات التقليدية لها روادها أيضا
انتشرت أيضا في مناطق تجمع السوريين في إسطنبول عدد من المراكز العربية والتركية كمشاريع استثمارية لتعليم الوافدين السوريين اللغة التركية، ويقضي السوري وسطيا في هذه المراكز فترة ثمانية أشهر وسطيا ليصبح قادرا على التعامل والحديث في شتى المواضيع في المجتمع التركي، وتعتمد مناهج عالمية لتدريس اللغة. وحول فائدة هذه المراكز تقول "رغد" الطالبة في أحد المراكز أنها تقدم خدمة جيدة ومفيدة كون عظم المدرسين من الأتراك، لكن اعتماد مناهجها على اللغة الفصحى، وابتعادها نسبيا عن حديث الشارع اليومي، إضافة إلى ارتفاع رسومها بالنسبة للسوري والذي يصرف على الدورة ثلث راتبه تقريبا، إن كان يعمل، يجعل الإقبال عليها ضعيفا ويدفع السوريين للبحث عن بدائل أخرى أسرع وأقل كلفة.