أخبار الآن | غازي عنتاب – تركيا (عماد كركص)
أثارت الاتفاقية السرية التي وقعها النظام مع روسيا؛ والتي سربت بنودها صحف عالمية، غضب السوريين وتخوفهم لاسيما من التداعيات الخطيرة على مستقبل سوريا بعد سقوط النظام، نظراً للبنود الخطيرة التي تنظوي عليها، ما يجعل سوريا تحت وصاية واحتلال دولة أجنبية.
حملة عالمية
وفور انتشار بنود الاتفاقية وتداولها على المواقع ووسائل الإعلام، أطلق نشطاء سوريون حملة توقيع بالأسماء على موقع التواصل الاجتماعي مطالبين "الأمم المتحدة" وأمينها العام بعدم إيداع وتوثيق أية اتفاقية أو التزام أو قرار يوقعه النظام أو أي ممثل عنه اعتبارا من آذار 2011، ووصلت الحملة إلى موقع "آفاز" الشهير لاعتماد الحملة وإيصالها فعلياً إلى الأمم المتحدة.
يقول الصحفي "حسيب عبد الرزاق"، سوري مقيم في بريطانيا: "كمواطن سوري وقعت على هذه الحملة كوني رأيت تجاوبا ونتيجة، وإن لم تكن كما يجب في التجاوب مع حملات سابقة كـ "مضايا" مثلاً. من الضروري التعاطي بجدية مع هذه الحملة نظراً لتداعياتها الخطيرة على مستقبل سورية بعد سقوط النظام".
وأضاف: الشعب السوري هو من سيدفع ثمناً كبيراً لتوقيع النظام مثل هذه الاتفاقيات وغيرها مع أي دولة أجنبية؛ علماً أن النظام يسعى في هذه الفترة لتوقيع المزيد من الاتفاقيات لتوريط السوريين انتقاما منهم.
الوضع القانوني للاتفاقيات المبرمة
وبما أن الاتفاقية الأخيرة التي وقعها النظام مع روسيا تصنف كاتفاقية عسكرية، فإن ذلك يفتح باب التكهّن عن غيرها من الاتفاقيات التي لم يتم كشفها والتي من شأنها أن تثقل كاهل الجيش مستقبلاً وما يتضمنه ذلك من تداعيات أقلها الوصاية عليه من قبل دول أجنبية شاركت بالعدوان على الشعب السوري.
يرى الباحث الاقتصادي والصحفي مصطفى السيد "بأن السوريين سيدفعون للروس والإيرانيين ثمن الأسلحة التي قتلوا بها أبنائهم لأن الوضع القانوني للدول ملزم في المستقبل".
وأضاف: لا يمكن الخروج من هذا المأزق إلا بإثبات تورط روسيا وإيران بجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، من خلال عمليات الإقراض المالية التي تمت، ولا أعرف إن كان هناك هيئة قانونية سورية في المعارضة تعمل على هذا الملف، والقانونيون السوريون مدعوون لحشد الكيانات القانونية الدولية لدعم جهود التوثيق للجرائم".
المحامي والباحث في القانون الدولي "أيمن فهمي أبو هاشم" أكد لأخبار الآن ومن وجهة نظر قانونية أنه: "من حيث المبدأ المعمول فيه في القانون الدولي، فإن شرعية الاتفاقات الدولية تتوقف على توفر شروط دستورية وقانونية على أي سلطة سياسية أن تلتزم بها، حتى تكون الاتفاقيات التي توقعها صحيحة من الناحية القانونية، وأول هذه الشروط أن تكتسب السلطة السياسية شرعيتها من الشعب الذي توقع تلك الاتفاقيات باسمه، وبالتالي فإن كل الاتفاقيات التي وقعها النظام السوري منذ عام 2011 لا تتسم بالمشروعية لأن النظام بحد ذاته لم يعد ممثلا شرعيا للشعب السوري، بل وأكثر من ذلك تعتبر تلك الاتفاقيات باطلة ولاغية قانونياً، بحكم أن النظام الذي كان طرف فيها مارس ضد شعبه جرائم حرب وجرائم إبادة جماعية وانتهاكات جسيمة تضع رموزه السياسية والأمنية والعسكرية قيد المسائلة الجنائية، وبالتالي من غير المتصور إطلاقا أن يتولى مجرمون التعبير عن سياسية الدولة والنيابة عن الشعب الذي يقتلونه في توقيع اتفاقيات دولية".
وأضاف أبو هاشم: "رغم أن النظام حاول عام 2014 إيهام الرأي العام الدولي بأنه ما زال يتحفظ بشرعيته الدستورية، عندما أجرى الانتخابات الرئاسية في ذلك العام فان عمليات التزوير الفاضحة وتزييف إرادة الناخبين واللجوء إلى القوة والإكراه من أجل نجاح بشار في تلك الانتخابات، مما أفقدت تلك الانتخابات مصداقيتها المطلوبة وكشف عن سلطة قائمة بحكم الأمر الواقع وهو ما يتنافى مع المعايير الدولية والقيم الديمقراطية التي يتحقق فيها مبدأ الشرعية لأية سلطة سياسية، وبناء عليه تعتبر كافة الاتفاقيات التي وقعها النظام السوري منذ عام 2011 باطلة، ولا يجوز أن يتحمل الشعب السوري تبعاتها وآثارها العملية لاسيما أن وجود الاحتلالين الإيراني والروسي وتبعية النظام السوري لهما، يفقد الأخير أية قيمة واعتبار لكل ما يصدر عنه من قرارات واتفاقيات".
وختم "أبو هاشم" وهو رئيس هيئة اللاجئين الفلسطينيين في الائتلاف الوطني بخصوص الإجراءات التي يجب اتباعها في سبيل ملاحقة هذه الاتفاقيات والالتزامات قانونياً فيما بعد بالقول: "الإجراء الدستوري والقانوني الذي يجب اتباعه من أجل إلغاء تلك الاتفاقيات، هو أن الشرعية الدولية التي اكتسبها الائتلاف الوطني تضعه أمام مسؤولية التوجه إلى الأمم المتحدة، للمطالبة ببطلان كافة الاتفاقيات التي عقدها النظام خلال الفترة الماضية والتوجه كذلك إلى جامعة الدول العربية لمطالبة الدول العربية التي كانت طرفا في تلك الاتفاقيات بالانسحاب منها، وبالتأكيد هناك على النظام السياسي الجديد بعد سقوط النظام الحالي أن تكون من ضمن أولوياته إسقاط تلك الاتفاقيات وإلغائها، وفي هذا الصدد هناك واجب على كافة القانونيين السوريين العمل على تكثيف الضغوط القانونية أمام كافة المحافل الدولية لفضح وتعرية الشرعية الصورية التي يدعيها النظام السوري، ومطالبة كافة الدول بوقف التعامل معه على كافة الصعد والمجالات، وكذلك العمل على طرق أبواب القضاء الجنائي الدولي لمحاسبته عن الجرائم التي ارتكبها بحق الشعب السوري".
جدير بالذكر أن المجتمع الدولي أقر بشرعية الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة كممثل شرعي وحيد للشعب السوري وذلك في مؤتمر مراكش لأصداء الشعب السوري في نهاية 2012 والذي أقر بذلك من خلال 125 دولة، فهل ستقبل الأمم المتحدة التي تتعامل بازدواجية مع الملف السوري بهذه الشرعية، وتلغي ما ارتكبه النظام من انتهاكات وجرائم بحق السوريين من خلال توريطهم باتفاقيات مهينة لهم وكارثية على مستقبلهم؟.