أخبار الآن | ألمانيا – لقاء (بسام سعد)
"مهدي حريشان" موظف استشاري اجتماعي في الصليب الأحمر لإقليم "السارلاند" في ألمانيا، يمارس عمله في المركز الرئيسي لاستقبال اللاجئين في ليباخ، تكفل له مهمة توزيع اللاجئين إلى البلديات وتقديم الاستشارات المتعلقة باللجوء والمعيشة حتى حصول اللاجئين على الإقامة. "مهدي" صاحب سمعة طيبة بين صفوف اللاجئين السوريين لتفانيه في عمله ومساعدته للسوريين حتى خارج أوقات عمله .
مراسل أخبار الآن التقى بالسيد "مهدي" في سكن للاجئين، كان يؤدي مهمته بعد فرز شباب في المنزل .
السوريين شعب مسالم يريد العمل وبناء مستقبله
يعمل السيد مهدي على تضييق المسافة بين اللاجئين والإدارة الألمانية في ليباخ، من خلال تقديم الاستشارات لجميع الحالات الخاصة بطبيعة اللجوء "لم الشمل للعائلة، الاطلاع على القوانين، توجيه القُصّر وتحديد الوصاية، كيفية التعامل مع الطبيب والمشفى".
وعن الندوات التي يقيمها الصليب الأحمر في ليباخ يقول مهدي: "الندوة هي أهم نقطة في حياة اللاجئ، فهي تعرّف اللاجئ على المجتمع والقانون الألماني وتقدم استفسارات لمعظم الأسئلة التي تهم اللاجئ من مدة الاقامة في "الكامب" وحتى إقامته في سكنه الجديد".
"السوريون هم الأكثر تفاعلا واهتماما في هذه الندوات لدرجة أنها تستمر ساعتين إضافيتين أو أكثر لما لديهم من أسئلة تتعلق بالعمل والدراسة، ويضيف مهدي: "السوريون شعب مسالم يريد الاندماج والعمل منذ اليوم الأول لوصوله لألمانيا، فجميع الأسئلة التي يوجهونها تتعلق بطرق العيش والعمل ومتابعة الدراسة، حتى أن معظم الشباب السوري لديه معرفة بالواقع الألماني أكثر من باقي اللاجئين من جنسيات أخرى".
ارتفاع نسبة المتعلمين والأكاديميين السوريين
يرى المراقبون أن السوريين هم أكثر الجاليات التي ترتفع فيها نسبة المتعلمين مما يسهل فرص اندماجهم بالمجتمع الألماني. لكن الوضع يختلف بدرجة كبيرة في إقليم "السارلاند" حيث بلغت نسبة السوريين الأكاديميين لمستويات تقارب الألمان أنفسهم، إضافة إلى أن الجالية السورية هذا العام أصبحت الأكثر عدداً بين الأجانب في هذا الإقليم، فلا تكاد مدرسة أو جامعة تخلو من الطلاب السوريين، وحتى مراكز التأهيل المهني لمن لم تتح له متابعة دراسته .
يرى مهدي أن: "الجالية السورية في السارلاند هي الأوفر حظاً بالنجاح والاندماج من باقي الجاليات لما لديهم من ثقافة ومعرفة بالواقع الألماني .. معظم الشباب السوريين الذين القيت معهم هم من الأكاديميين ويحملون ثقافة الانفتاح، فالغالبية لهم إرادة للاندماج ومواصلة التعليم في كافة المراحل ونادراً ما وجدت عكس ذلك".
ومما سوف يسهل مهمة اندماج السوريين هو أن المانيا توفر لجميع المراحل العمرية تأهيلا تعليميا حتى للشباب الذين لم يكملوا دراستهم من خلال متابعتهم في التأهيل المهني .
المرحلة الحالية ليست للتقييم
من الطبيعي وجود بعض المشاكل نتيجة التغير المفاجئ باختلاف الثقافة وسيادة القانون .هنا في إقليم "السار" بعض الشباب يبدي اندماجه على حساب قيمه ويبالغ في ردات فعله خاصة بعد هجمات باريس، كما يرى مهدي: "أعمل على بناء جسر بين الثقافتين لمنع أي تصادم أو سوء فهم، من خلال التعرف على القانون واحترامه، وكيفية التعامل مع المرأة والجيران" .
ويتابع: الألمان يساعدونك بالتعرف على دينك، ففي ألمانيا حرية الاعتقاد على أن لا تستغل الدين لأغراض سياسية، فبعض الشباب كانت ردة فعله مبالغ فيها.
وفي الفترة الأخيرة، ونتيجة ازدياد أعداد اللاجئين أصبح تأمين المسكن بالأمر الصعب مما اضطر البلديات إلى ترميم بعض المدارس لتكون سكنا مؤقتا لعدة عائلات، هذا الأمر لاقى تذمر من اللاجئين مما أثر على نظرة الألمان للسوريين في البداية .
يقول مهدي: من الخطأ أن نقيم مجتمع بالنظر لسلبيات ظهرت من فئة قليلة، لذلك طالبت الألمان بعدم التقييم الآن فهذا الوقت ليس للتقييم، وبرأيي أن الغالبية هي التي سوف تعكس صورة إيجابية وصحيحة عن السوريين .
يذكر أن مهدي من أصحاب المبادرات الايجابية مع اللاجئين السوريين ابتداء من حملة "شكراً ألمانيا" وانتهاءً بتوزيع الورود على نساء ألمانيا بعد أحداث التحرش الأخيرة في كولونيا .
أخيراً لا بد من الإشارة إلا أن "مهدي حريشان" عضو في الجمعية الإسلامية لإقليم "السارلاند" في منطقة بورباخ، ويعمل كمتطوع في مركز استشاري للجمعية من أجل مساعدة اللاجئين، الجمعية تقدم تعلم اللغة الألمانية تطوعاً لمدة يومين في الأسبوع، وتعتبر الجمعية شريكا فعالا مع الحكومة الألمانية من خلال نشاطاتها المتنوعة بهدف الإسراع من عملية اندماج اللاجئين.