أخبار الآن | ريف دمشق – سوريا (عبيدة النبواني)
ينتهج نظام الأسد في سوريا سياسة تجويع المناطق الخارجة عن سيطرته، والتي يستطيع حصارها بهدف إجبارها على الرضوخ لإرادته ضمن ما بات يعرف بسياسة "الجوع أو الركوع"، والتي انتشر صداها في الأيام الأخيرة في ظل الحملة التي رافقت الحصار المفروض على بلدة مضايا في ريف دمشق الغربي، إلا أن تقارير لمنظمات إنسانية أشارت أن هناك نحو 15 منطقة محاصرة في سوريا وضعها يشبه وضع مضايا، إلا أن أبرزها الآن هو مدينة "معضمية الشام" القريبة، والتي باتت على شفا حفرة من الوصول إلى وضع مماثل تماما لما تشهده بلدة مضايا من تجويع ممنهج.
معظم المحاصرين أطفال
وحول وضع مدينة معضمية الشام في ظل الحصار المستمر الذي تفرضه قوات النظام وميليشيا حزب الله اللبناني، قال الناشط الإعلامي "عمار أحمد" في حديثه لأخبار الآن أن عدد الأهالي داخل المدينة يبلغ نحو 45 ألف مدني منهم عشرة آلاف نازح من داريا، مضيفا أن النسبة الأكبر من بين الأهالي هم من الأطفال، حيث يبلغ عددهم نحو 17 ألف طفل من عمر يومين إلى 18 عاما.
وأضاف "عمار أحمد" أن هناك نحو ثلاثة آلاف طفل عمرهم دون العامين، منهم نحو 800 طفل من تلاميذ المدارس، مشيرا أن المدينة شهدت في الفترة الماضية استشهاد خمسة أطفال بسبب نقص التغذية، ومنع حواجز النظام خروجهم من المدينة لتلقي العالج المناسب، بينما يوجد الآن نحو عشرين طفلا يعانون من حالات مماثلة، بينما يهدد الجوع أكثر من 400 طفل وضعهم مأساوي وقد تسوء حالاتهم في أي لحظة إذا استمر الحصار.
وكان طفل استشهد قبل نحو أسبوعين بعد سبع ساعات من ولادته، بسبب منع حواجز النظام خروجه من المدينة رغم حاجته لـ "منفسة وحاضنة" لا تتوافر في المعضمية، ورغم جميع المناشدات للسماح بخروجه، بينما ذكر المكتب الإعلامي في المدينة أن هذا الطفل هو الأول لزوجين بعد انتظار دام ثماني سنوات.
حصار متجدد
حصار "معضمية الشام" ليس جديدا، فقد أغلق النظام جميع الطرق بشكل كامل منذ 16 من شباط عام 2014، ثم تم فتح الطريق جزئياً بعد نحو سبعة أشهر، حيث تم السماح بإدخال نحو ستة أطنان من المواد الغذائية أسبوعيا، ولكن تلك الكميات لم تكن كافية لسد حاجة ربع سكان المدينة، ما منعهم من تخزين أي كميات احتياطية.
وأشار "أحمد" أيضا أن الموضوع الأهم بالنسبة للأهالي هو موضوع ندرة الدواء وعدم توافره ما أدى لوضع مأساوي بالنسبة للمرضى وخصوصا بالنسبة للأطفال.
وكان ناشطو المدينة قد أطلقوا نداءً بعنوان "ترقبوا مضايا أخرى في مدينة معضمية الشام"، مضيفا أن أهالي المعضمية شعروا بخطورة الوضع منذ إغلاق المعابر، لأنهم عاشوا تجربة الحصار قبل نحو عام. يقول "أحمد": "قمنا بمناشدة جميع الهيئات والمنظمات وعلى رأسها الأمم المتحدة، إلا أن الرد كان كما اعتدنا دوما، بأن النظام لا يسمح بإدخال المواد الغذائية، مشيرا أن هذه الردود تحمل تناقضات نظرا لعدم قدرة المجتمع الدولي كاملا بالضغط على النظام لفتح معابر إنسانية، علماً أنه في الحصار السابق استطاع وفد من الأمم المتحدة الدخول إلى المدينة رغم رفض النظام وتعرض الموكب حينها لإطلاق النار".
التجويع الممنهج
يعتمد النظام في سوريا سياسة الحصار والتجويع بشكل ممنهج، وقد وصفت الأمم المتحدة ذلك بأنه يدرج ضمن جرائم الحرب، حيث فرض نظام بشار الأسد منذ نحو ثلاث سنوات حصارا على مناطق دمشق الجنوبية والتي ضمت كلا من "مخيم اليرموك والحجر الأسود والقدم والعسالي والتضامن ويلدا وببيلا إضافة إلى كل من السبينة والبويضة والحسينية والذيابية والسيدة زينب وحجيرة وبيت سحم"، والتي يقطنها أكثر من 600 ألف مدني، وفرض حصارا مماثلاً على غوطة دمشق الشرقية والتي تضم أكثر من 1.5 مليون مدني، قضى عدد منهم بسبب الجوع، عدا عن الحصار الخانق الذي فرضه على بلدات "بقين والزبداني في القلمون"، كما حاصر نظام الأسد بلدة الحصن في ريف حمص لأكثر من عام ونصف مانعا إدخال أية مواد غذائية إليها، وفرض حصارا مماثلا أحياء حمص القديمة، وعلى حي الوعر.
ويأتي هذا الحصار المفروض على مدينة معضمية الشام، بالتزامن مع حملة عسكرية شرسة يشنها النظام في محاولة للسيطرة على المنطقة الواقعة بينها وبين مدينة داريا القريبة المحاصرة أيضا، والتي تخضع بدورها لحصار مماثل، وسط قصف يومي على تلك المنطقة بعشرات البراميل المتفجرة، وسط صمت مستمر من الأمم المتحدة والمجتمع الدولي.