أخبار الآن | حماة – سوريا (نجوى بارودي)
"رغيف الخبز" لقمة الفقير والغني في سورية، نال نصيبه أيضاً مثله مثل البشر من الأزمات والحرب التي يشنها النظام السوري يومياً بحق مواطنيه ليكون التجويع من أجل التركيع سياسة لهم.
أطنان من القمح يتم تهريبها عبر الحدود تحت أعين المسؤولين ولصالح الشبيحة، رمي أطنان من الخبز في مجارير الصرف الصحي لافتعال الأزمة. ونتيجة القصف العشوائي الذي نال الأرياف فإن أغلب معامل الخميرة في سورية باتت خارج الخدمة.
واقع "الرغيف" ناقض جميع تصريحات المعنيين في الأفران بمحافظة حماة حول جودة الخبز وأصروا على رفضهم لأي شكوى يقدمها المواطن، وتمخّضت أزمة الخبز التي تعصف في مناطق سيطرة النظام عن ولادة رغيف ذي لون أسمر، وهو أقرب إلى خبز النخالة يفتقد لكل عناصر التغذية بل مسببا لكثير من الأمراض المعوية والنقص الحاد بالفيتامينات.
ورغم الكذب على مواطني محافظة حماه وريفها أن نقص الخميرة هو السبب، لكن ذلك لا يبرر النقص الحاد في كمية إنتاج الخبز بنحو لم تشهده بقية المحافظات، حيث إن توافر الخبز في الأفران الخاصة يخلف شكوكاً عن حالات تلاعب من قبل مسؤولي المدينة وأصحاب المخابز الخاصة الذين غالبيتهم من أعوان النظام وشبيحته.
ارتفاع في السعر ونقص في الخبز والنوعية
لم تف وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك بوعودها حول تحسين جودة رغيف الخبز بعد رفع سعره إلى 200 ليرة للربطة، بل بقيت مشكلة لون الخبز وانخفاض جودته مشكلة يعانيها معظم المواطنين، إلا أن اللافت هو تلاشي هذه المشكلة لدى بعض المناطق التي يقطنها المسؤولون أو الشبيحة، والتي تتميز أفرانها بإنتاج خبز ذي نوعية جيدة ولون أبيض، ما يثير تساؤلات عن سبب هذه الاختلافات، رغم كون تلك الأفران عامة وليست خاصة، وبالتالي تدخل في صناعة رغيفها مواد واحدة من مصدر واحد؟.
اعتبرت "نور" من سكان الحاضر في حماة، أن "الخبز الذي ينتجه مخبز الحي سيئ النوعية، ولا يمكن اقتناؤه لأكثر من يوم واحد، بحيث يتوجب علينا شراء ربطة يومياً مما يسبب ضغطاً مادياً إضافيا".
وتابعت: "هناك فرق كبير بين الخبز في منطقة "الحاضر" أو "جنوب الملعب"، وبين الخبز في الحي الذي يسكنه محافظ حماة، فقد جربناه مرة مصادفة، ولاحظنا الفارق الواضح في لون ونوعية الخبز".
ومن جانبها، قالت "رهام": "لا أتمكن دائماً من الحصول على الخبز من الفرن مباشرة بسبب الازدحام، لذا ألجأ إلى شرائه من الباعة بجانب الفرن، حيث يبيعون الربطة بسعر 250 ليرة في الأيام العادية، وفي أيام الازدحام تصل الربطة الواحدة إلى 300 ليرة، علماً أنها لم تعد كما السابق، وباتت تحوي فقط 7 أرغفة".
ويذكر "شادي" أنه أكثر من عشرين مرة "وجدنا في ربطة الخبز عدة حشرات عدا عن الأوساخ داخل الأفران وفتحات الصرف الصحي القريبة من أكياس الطحين، ما من رقابة في محافظة حماة وما من اهتمام بصحة المواطن. من يرمي البراميل يومياً على مواطنيه لن يردعه اللعب بلقمته ولا نستطيع الشكوى لأي أحد لأن أصحاب معظم الأفران رجال في الأمن أو في اللجان الشعبية والدفاع الوطني".
صفقات على حساب الشعب
تقول "م. س" موظفة في المخابز الاحتياطية: "تمت صفقات أدارها مسؤولون في الأمن لاستيراد الخميرة من إيران بعد خروج أغلب معامل الخميرة عن الخدمة بفعل ضربات النظام العشوائية على المنطقة، وتمت صفقات أخرى لاستيراد خميرة صينية درت ملايين الليرات على عصابات الشبيحة الذين كانوا صلة الوصل بين مخابز الدولة والمستوردين، وهنا ظهرت المشكلة فالخميرة الصينية والإيرانية تتناسب مع مخابزهم ونوعية العجين لديهم ولا تتناسب مع مخابزنا بل تحتاج لمعايرة جديدة مع العجينة السورية وهذا يتطلب وقتا".
وتضيف: "إن ما تبقى لدينا من خميرة يصنعون بها خبزاً موجها لأفراد الجيش والمسؤولين في المحافظات ونحن هنا لا نستطيع الاعتراض أو التعبير عن استيائنا لأن نتيجة ذلك محتومة وهي الطرد والفصل من العمل إن لم تصل إلى الاعتقال".
وتشير الموظفة إلى أن أردأ أنواع الخبز في محافظة حماة التي تضم 267 مخبزا مرخصا و220 فعليا في مخابز حي "الصابونية" بمدينة حماة، وكذلك في بعض مخابز "مصياف"، على حين تندرج وضعية الخبز في أحياء حماة الأخرى كـ طريق مصياف والحاضر، أمّا "كفربهم" القرية التي غالبيتها من المسيحيين فتنتج خبزا ممتازا، وفق تعبيرها.
انصرف أهالي حماة عن لقمة خبزهم بعد أن كانت تسد جوعهم في غلاء شديد واسطوانات مشروخة يكررها النظام لإقناعهم بفوائد الخبز الأسمر اليابس لتستمر معاناة المواطنين في لقمتهم.