أخبار الآن | دمشق – سوريا (آية الحسن)

انتشرت مؤخراً على صفحات الفيسبوك ما يسمى هاشتاغ "حلّو يطلع الضو" ويتضمن مقاطع صوتية لأشخاص من مناطق محاصرة ومناطق منكوبة في سوريا تناشد الجميع على وقف الحرب ووقف إطلاق النار وفك الحصار، لأن الناس متعبة وقد أنهكتها الحرب، كما ينتهي كل مقطع بجملة حلّو يطلع الضو.

حملات كاذبة

أصل هذه الجملة مأخوذ من إحدى مقاطع مسرحية "لولو" للسيدة فيروز عندما تقول فيها: "ناس بالخنادق، وناس بالبارات، العدالة كرتون، الحرية كذبة، صار الحبس كبير، وكل حكم بالأرض باطل، حلّو يطلع الضو".

تعتمد هذه العبارات بالضرورة على رفع المعنويات النفسية وشحذ الهمم لأن القادم أفضل، وبمعنى آخر هي دعوة لإيقاف الحرب في سوريا، كما يدعيّ القائمين على الحملة.
أغلب الصفحات التي أطلقت هذا الهاشتاغ كانت صفحات تدعم نظام الأسد والجيش السوري وأغلب من سارعوا لدعم هذه الحملة هم مؤيدون للنظام يختبئون اليوم تحت شعارات تنادي بالخلاص للأرض السورية والشعب السوري.

حلو يطلع الضو من مضايا!!

انتشر يوم أمس مقطع صوتي لفتاة من مدينة مضايا المحاصرة تطالب بفك الحصار عن كفريا والفوعة ونبل والزهراء ومن ثم مضايا وأردفت تقول: "ومهما كان هذه حالات إنسانية". وأنهت تسجيلها المراد منه إيصال صوت المحاصرين في مضايا بضرورة وقف الحصار.

يقول "علي" أحد متابعيّ الحملة والمدافعين عنها، كان من شأن التسجيل الذي أطلقته الفتاة من مضايا أن يثير جدلاَ كبيراً حول من له الأحقية بالمطالبة بالحياة، ومن له الأحقية بطلب فك الحصار. ونحن كقائمين على الحملة نجيب أن الشعب السوري كله متضرر وعلينا جميعاً تحمل مسؤولية ما وصلت إليه الأمور.

أما "أحمد" فيقول: أن مثل هذا التسجيل هو عار علينا، كيف لنا أن نطلق مثل هذه الحملات الواهية التي تخفي مجازر النظام وتبرئه، وهل الشعب من قام بقصف المدنيين وهل يقع علينا مسؤولية دخول داعش إلى سوريا وتهجير المدنين واعتقال الأبرياء.  

تتساءل "فرح"، ولكن لماذا مضايا؟ وتتابع: هي ليست أكثر من كذبة لتبرئة هذه الحملة والداعمين لها، مضايا تموت تحت الجوع والبرد ونحن نطلق حملات، لن ينهي معاناة السوريين إلاّ انتهاء حكم آل الأسد، هذا ما يعرفه الجميع منذ خمس سنوات، ومثل هذا الابتزاز لا ينفع معنا، يقومون بحصار منطقة وينبرون لإطلاق الحملات دفاعاً عنها، هذا ليس إلاّ وقاحة وخداع.

ويتابع "رامي": "هذا مشابه لما قام به النظام خلال حصاره لمنطقة مخيم اليرموك منذ عامين، حين حاصر أهل المخيم وجوّعهم ووجهه كاميرات إعلامه لتصوير ما قام بفعله "المسلحون" في هذه المناطق، ولكن هذه المرة بحملات وجمل طنانة فارغة".

وتعبر "أم أحمد" عن حزنها وتقول: من له الحق بأن يقول "حلّو يطلع الضو" هم المعتقلين المحتجزين تحت الأرض، وعائلاتهم التي توقف الزمن بالنسبة لهم عند اعتقال أحبائهم".

أبو عمر يقول: نحن لسنا ضد إيقاف إطلاق النار وإحلال العدالة والخلاص ولكن ليس بالكذب والادعاءات، كل ما يقوم به النظام غير وقف القصف والتدخل الأجنبي لن يجدي نفعاً.

من يساعد على إطلاق هذه الحملة؟

ترعى كل من محطة "شام اف ام" الإذاعية وصفحة يوميات قذيفة هاون التي تتابع أخبار سقوط قذائف الهاون على مدينة دمشق الترويج لهذه الحملة، حيث تقوم بنشر صور وتعليقات وفيديوهات لأشخاص يطالبون بوقف الحرب كما يسمونها بحجة تعب الشعب من ذلك، ولا تتوانى كلا الصفحتين عن نشر صور لمدينة دمشق من أعلى جبل قاسيون، ولمناطق أخرى منها مزدحمة. وكأن دمشق هي المعنية الوحيدة بالضوء دون المناطق المنكوبة الأخرى، ويحتوي الفيديو على الكثير من الصور لمناطق مهدمة غير معلن عن تسميتها، جاء هذا ضمن الترويج الرسمي للحملة. حيث تردد فيروز كلماتها على صور لاجتماعات مجلس الأمن والأمم المتحدة خلال مهاجمة الطيران وقصفه للمناطق السورية.

 بروباغندات واختلاقات صورية اعتدنا عليها بكل حملة يطلقها رعاة الأمن والأمان، والذين يظنون أن الأمر قد اقتصر عليهم وحدهم، وكأنهم المنهكين ومن يحتاجون إلى الضوء. متناسين أن مثل هذه التعابير من شأنها ترسيخ الانقسام والذي يسعى إليه النظام بكل ما أوتي من قوة.

في النهاية جُل ما نحلم به هو ضوء حقيقي يرفع الضيم والظلم عن السوريين، دون ابتزاز وكذب واختلاق حملات دعائية وزج المواطنين بها. فمن يمنع الضوء والأمل هو نفسه من يقصف ويقتل ويهجر، ولن يحلّ الضوء بوجوده.