أخبار الآن | دبي – الامارات العربية المتحدة – (رويترز)
مرتديا سترة برتقالية وجاثما على ركبتيه، واجه الشاب الروسي ماغوميد خاسيف Magomed Khasiev مصيره.
قدمه داعش ، في شريطٍ الشهر الماضي، على أنه جاسوس أرسلته الاستخبارات الروسية، بينما لا يزال البعض يشكك في روايته.
كانت تهمة التجسس هي التي أدت إلى إعدامه من طرف داعش، الذي انضم إليه كمقاتل من بين آلاف المقاتلين الأجانب.
موسكو التزمت الصمت، إلا أن بعض المعلومات، كشف عنها أصدقاؤه، تحدثت عن حياة مزدوجة كان يعشيها هذا الفتى،البالغ من العمر 23 عاما، المتحدر من الشيشان.
إفادات أصدقاء الشاب،قالت إنه تورط في قضية مخدرات في شباط/ فبراير 2014. وكانت تلك بدايةَ التحاقه بجهاز الاستخبارات الروسي الذين عرضوا عليه أن يكون جاسوسا مقابل التخلي عن ملاحقته قضائيا بتهمة بيع المخدرات.
لم ينفِ جهاز الاستخبارات الروسي أو يؤكدْ هذه المعلومات، في حين نفى قيادي شيشاني مؤيد للكرملين أن يكون الشاب جاسوسا لروسيا في معقل داعش.
ولد هذا الشاب لأسرة شيشانية غير مسلمة في منطقة جبلية، لكنه اعتنق الإسلام لاحقا.
أكدت شهادات أصدقائه أن بعضا من رفاقه الشيشانيين، الذين ذهبوا للقتال مع داعش، شجعوه على الالتحاق بداعش، لكن لا يعُرف ما إذا كان قد وصل إلى سورية برغبة مسبقة في القتال، أم لاختراق داعش وتزويد موسكو بالمعلومات عن المتشددين.
ورغم هذا الغموض، يؤكد أصدقاؤه أنه كان على صلة بجماعات متشددة ، وكان متشددا. الا ن بعضا منهم قال أنه كان على اتصال بجهاز المخابرات الروسي.
وقال عمالٌ في شركات أمنية روسية، إن الفتى كان يحمل رخصة عمل من وزارة الداخلية كحارس أمن، وكان يستعمل اسمه الحقيقي.
أما أصدقاؤه المسلمون، فقد طلب منهم أن يطلقوا عليه اسما جديدا منحه لنفسه مختلفا عن الاسم الذي كان معروفا به لدى وزارة الداخلية.
ولم تعلق الداخلية الروسية على الإفادات التي قالت إنها منحت رخصة العمل لهذا الشاب.
كان لخاسييف الكثيرُ من الأصدقاء غير المسلمين من بينهم زيزين Zyzin وشاب أرميني يدعى غرانت Grant.
وفي شريطِ ذبحهِ يصفُ خاسييف صديقه غرانت بأنه من المعارف القدامى والوسيط مع الاستخبارات الروسية الذي كان يمرر عبره المعلومات التي جمعها عن داعش .
حين أصبح في عامه الـ13، تبنته أسرة شيشانية بعد أن توفيت والدته بمرض السل الرئوي، إلا أن حظه كان عاثرا وأعيد من جديد إلى دار الأيتام.
وقالت السيدة، التي تبنته لوكالة رويترز، إنها اضطرت للتخلي عنه بسبب مشاكل بينها وبين بعض الأقارب، لكنها أكدت أنها ظلت على صلة به.
عام 2008 وصل موفد من وزارة الداخلية إلى دار الأيتام بحثا عن مرشحين للالتحاق بإحدى المدارس العسكرية. وبحماس كبير سعى المراهق الذي صار حينها في عامه الـ16 إلى الالتحاق بالوزارة، لكنه فشل في ذلك، بينما نجح أحد أصدقائه المقربين.
في نهاية العام 2013 عين خاسييف في شركة "شريف إم" Sherif M وهي شركة أمنية في مايكوب Maykop. ويقول أنزور توخموف Anzor Takhumov وهو رئيس حرس الأمن في مدرسة محلية، إن خاسييف قدم طلباً للحصول على تصريح من وزارة الداخلية للعمل حارساً قبل عدة أعوام باستخدام اسم يودين Yudin. وكان هذا هو الإسم الذي استخدمه أيضاً للحصول على الوظيفة.
ويقول زيزين إنه قبل شهور من بداية عمله باع خاسييف شقة كان اشتراها ضمن مخطط حكومي يهدف إلى مساعدة الأيتام.
ولم يتضح كيف انتهى به الحال في أراض يحتلها داعش في سوريا، لكن أفراداً من الأسرة التي تبنته في الشيشان يشتبهون في أن صديقه تيمييف ربما لعب دوراً في ذلك.
ويعتقدون أن صديقه تيمييف أصبح متطرفاً. وتقول مارخا خاسييفا إن ابنها بالتبني أبلغها أن صديقه تيمييف حاول أن يجنده لينضم لمقاتلين متشددين، لكن خاسييف رفض العرض. وتتذكر أن تيمييف حضر جنازة وقد أطلق لحيته.
ووفقاً للأشخاص الذين عرفوه، فقد كان خاسييف يحب الشروبات الكحولية والسهر ولم يظهر أي مؤشر على تعاطفه مع المتشددين. ويقول Ruslan رسلان وهو قريب لمارخا خاسييفا : "لم تكن له آراء متطرفة".
ورغم ذلك غادر خاسييف روسيا في مرحلة ما العام الماضي. ولم تعرف أسرته بالتبني في الشيشان أين ذهب. وتقول عمته بالتبني ماليكا خاسييفا: "اعتقدنا أنه سافر للعمل في مكان ما".
وظل خاسييف على اتصال بصديقه فيكتور زيزين Viktor Zyzin, وأرسل له رسائل من على مشارف بلدة كوباني السورية على الحدود مع تركيا، ويقول زيزين إنه اعتقد أن صديقه ذهب هناك ليلحق بتيمييفTemiev، مستشهداً برسائل بعثها له خاسييف بأن صديقه سرعان ما اكتشف أن تيمييف قتل.
وفي رسائله أشار خاسييف إلى زملائه المقاتلين بأنهم "اخوة" وبدأ يستخدم مصطلحات متشددة بشكل متزايد. قال زيزين إن صديقه أبلغه أنه "ببساطة كان يجمع جثث الموتى.. أبلغني بأنه تعب من محاولة إصلاح الوضع".
وكانت آخر رسالة تلقاها من خاسييف في شباط. وطلب زيزين من صديقه أن يعود للوطن.
ويضيف: "أبلغني أنه قد يعود لزيارة. لكن في النهاية كتب أنه تعب. بعث برسائل صوتية. وقتها أدركت بالفعل أنه لن يعود. ببساطة لا يوجد سبيل للعودة من هناك"