أخبار الآن | درعا – سوريا (محمد الحوراني)

تُعد مدينة "الشيخ مسكين" من أهم المواقع الجغرافية في درعا، ومن أهم نقاط "المثلث الناري" لقوات النظام والجيش الحر، لهذا يسعى النظام لمنع قوات الجيش الحر من التقدم إلى دمشق من خلالها، لكن الأخيرة تمكنت من كسر هذه القاعدة وأعلنت السيطرة على المدينة في كانون الأول عام 2014 ضمن معركة "وادخلوا عليهم الباب"، ما أدى إلى انسحاب قوات النظام منها ومن ناحية "نوى"

عادت "الشيخ مسكين" لتتصدر المشهد في درعا أواخر 2015، وتصبح هدفا عسكريا لقوات النظام؛ المدعومة هذه المرة بغطاء جوي روسي وقوات برية من المليشيات الموالية.

محاولة تحقيق مكاسب سياسية

يحاول النظام السوري تحقيق مكسب سياسي عن طريق الضغط العسكري في جنوب سوريا، فما كان منه إلا فتح باب معركة السيطرة على "الشيخ مسكين" نظرا لموقعها الاستراتيجي. فهي نقطة الوصل الذي يربط طرفي القنطرة "الحارة" شمالا وتل شهاب جنوباً.

المحلل  الخبير الاستراتيجي والعسكري العميد "أسعد الزعبي" يقول في حديثه لأخبار الآن: "التوقيت لهذه المعركة جاء ليعزز موقف حلفاء نظام الأسد قبيل الاجتماع المزمع عقده، وجاءت هذه الخطوة بعد توفير القوة الكافية بعد دراسة نقاط الضعف واستغلال الانفلات الأمني الحاصل في الجنوب".

ويضيف "الزعبي" أن الروس بعد خسارتهم الفاضحة في حماه وإدلب لم يعد يثقوا بالنظام عسكرياً وأصبحوا هم من يخطط ويختار نقاط تؤثر في المعادلة السياسية، وفي معركة الشيخ مسكين كان التخطيط روسيا والقيادة روسية والمنفذون هم مليشيات موالية للأسد.

غارات وقصف غير مسبوق

وكانت حملة النظام وحلفائه على "الشيخ مسكين" هذه المرة مختلفة، قد استعان بالطيران الروسي الذي نفّذ في أول يوم أكثر من ستين غارة على المدينة، في قصف لم تشهده من قبل.

المقدم" أبو حسن سلامي" قائد فرقة فجر الإسلام في الجيش السوري الحر يقول لأخبار الآن: "في الوقت الراهن هناك ورقة جديدة بيد النظام ويريد استثمارها، وهي الطائرات الروسية التي دخلت  للمشاركة في المعركة، إضافة أن الشيخ مسكين لها أهمية استراتيجية كونها عقدة مواصلات؛ سقوطها يعني فصل المناطق عن بعضها ويرفع من معنويات قوات النظام بعد خساراته في الجنوب السوري، وفي الوقت نفسه يقوّي من موقف النظام بالتفاوض المزمع عقده قريبا".

وكان المقدم "نجم أبو المجد" قائد عمليات الشيخ مسكين قد أفاد مسبقا لأخبار الآن أن حلفاء النظام السوري يبحثون اليوم عن مواقف تعزز موقف النظام في عملية التفاوض. وأشار إلى أن حلفاء الأسد نجحوا في تغيير بوصلة مكافحة الإرهاب وأظهروا نظام الأسد على أنه يحارب الإرهاب!.

إجراء استباقي قبل المفاوضات .. وروسيا هي المخطط

وقال عضو المجلس الوطني السوري غسان المفلح لـ "لأخبار الأن أن النظام وحلفائه يريدون إحداث خرق في المناطق المحررة في سهل حوران الذي تسيطر قوات المعارضة على معظم مناطقه، وأشار المفلح إلى أن منطقة الشيخ مسكين ذات موقع استراتيجي للطرفين، وإذا تمكن النظام من السيطرة عليها فإنه سيقطع التواصل بين شمال وجنوب المناطق المحررة لمحافظة درعا، إضافة إلى إبعاد قوات المعارضة عن مركز مهم لقوات الأسد في بلدة إزرع المجاورة.

واعتبر المفلح أن المشاركة الفاعلة لحلفاء الأسد في هذه المعركة وغيرها ضد قوات المعارضة السورية هي محاولة لتحقيق مكاسب على الأرض قبل بدء المفاوضات في الشهر المقبل. وأكد المفلح أن حلفاء الأسد يريدون لنظام الأسد أن يكون قوياً في الجولة التي يعد لها المبعوث الدولي ديمستورا في جنيف وليس كما كان الحال قبل عامين.

وينوه "أبو حسن سلامي" إلى ضرورة قيام غرفة عمليات مشتركة خصوصا وأن "التنسيق العسكري كان لا يتجاوز نظام "الفزعة" مما أخّر تشكيل غرفة عمليات في الشيخ مسكين، وهو ما تعمل عليه قيادة الفصائل منذ فترة".

تحاول روسيا تحاول تعزيز وزنها وحضورها في الأزمة السورية، استعدادا لأي حل سياسي قد يفرض نفسه في أية لحظة. هذه الأزمة التي دخلت منذ زمن مرحلة توازنات وتفاهمات مؤقتة على الصعيد الدبلوماسي، فإما أن ينتهي إلى حل واضح أو نشهد تحولات في توازنات القوى على الأرض.

جدير بالذكر أن الغارات والمعارك لا تزال مستمرة في "الشيخ مسكين"، حيث تشهد أشرس المعارك بشكل يومي.