أخبار الآن | حمص – سوريا (خليل يونس)
الأمل في أن يحمل العام الجديد ما هو أفضل، هي عادة يتشارك فيها السوريين مع كل العالم، لكنها غدت ذات خصوصية بالنسبة لهم في السنوات الأخيرة التي تدرجت فيها أحوالهم حتى وصلت إلى حد المأساة.
في استقبال 2016!
يتذكر "أبو زياد" رأس السنة في ماض يتحدث عنه وكأنه كان كالحلم: "كان جميع الحماصنة يحتفلون في هذا اليوم، كانت تتنوع مظاهر الاحتفال على حسب الحي السكني وطبيعة سكانه، أو أحيانا بحسب الشخص نفسه وطريقة تفكيره أو ماذا يعني له هذا اليوم. ولكن على العموم، كان الجميع تقريباً معني في أن يبارك لمن حوله ويتمنى لهم الخير والسعادة في العام الجديد. البعض كان يحتفل في البيت مع أهله وأقربائه أو أصدقائه، وآخرون كانوا يحجزون كعائلات في المطاعم. لم يبق من حمص التي أتكلم عنها شيء!".
تغيرت حمص، وبعد أن كان اسم هذه المدينة مقروناً بالابتسامة والنكتة، أصبح الحزن في كل مكان، وكذلك أصبحت المدينة منقسمة على نفسها، الدمار في كل مكان، وكذلك الخوف. "أبو مشهور" يتحدث لأخبار الآن: "بالنسبة لنا لم نفعل شيء من أجل هذا اليوم. من منا لم يفقد بيتاً أو أخاً أو ابناً أو جاراً أو صديق؟ ثم تأتي ظروف النزوح المأساوية لتزيدنا هماً وغماً. في الماضي كنا نحتفل، الآن نحن متعبون والحزن في قلوبنا كبير".
ويروي "أمجد" الناشط الميداني لأخبار الآن: "عندما دخلنا في العام الجديد، سمعنا أصوات إطلاق نار وبعض الألعاب النارية، فيما يبدو أنه ابتهاج بالعام الجديد! وأظن أن معظم هذا مصدره موالون وعناصر تابعة للنظام. شخصياً لا أعتقد أنهم بالفعل مبتهجون، فهم أيضاً متعبون وخائفون وقتل منهم الكثير، أتكلم عن عناصر الميليشيات والأمن أو جيش النظام. أما الأهالي من الموالاة فهم غالباً لم يحتفلوا، فلقد طال الموت الكثير من أبنائهم. أعتقد أن هذا الرصاص وهذه الألعاب النارية هي لبث الطمأنينة في نفوس العناصر والمجتمع الذي يتعاطف معهم، أنهم أقوياء وموجودين، ولإيصال رسالة لنا أن انظروا أين أصبحت أحوالكم بينما نحن نحتفل ونبتهج ولا زلنا متماسكين وأقوياء .. يحاولون أن يكذبوا على أنفسهم وعلينا".
الأمنيات للعام الجديد
عندما قمت بمعايدة "أم كنان"، التي ذاقت طعم النزوح عدة مرات ضمن حمص، واثنان من أخوتها لا تعلم عنهم شيئاً؛ قالت: "لقد استقبلت هذا العام بغصة، تذكرت بيتي وأخوتي وكيف كنا نجتمع في مثل هذا اليوم. أتمنى أن يحمل العام الجديد ما هو خير للجميع، وأن يُردّ فيه كل غائب إلى أهله، وأن يحمي الشباب ويعود الجميع إلى بيوتهم سالمين. هكذا تمنيت وتوجهت إلى الله بهذه الأمنيات".
"أبو مشهور" يشارك أم كنان بعض الأمنيات، لكنه يضيف: "نعم، نريد أن نعود إلى بيوتنا وأن يحل السلام في بلادنا، ولكن ماذا عن الشباب الذين استشهدوا أو اعتقلوا؟ هل سيذهب كل ذلك سدى؟ أتمنى في هذا العام أن تتحقق المطالب التي لأجلها دفعنا الكثير. أليس من حقنا بعد كل هذا الموت والدمار والتهجير أن نعيش في بلد يحترمنا ويعوضنا عن كل هذا؟ لكن أكثر ما أتمناه الآن أن يخرج جميع المعتقلين من السجون، هذه أمنيتي الأولى. المعتقلون لا يغادرون تفكيري ابداً!".