أخبار الآن | السويد – تحقيقات (عادل سليمان)
لا تقتصر معاناة اللاجئ السوري في الدول الأوربية على الغربة والقلق على العائلة والأهل، بسبب المخاطر التي يتعرضون لها بشكل يومي بفعل حرب النظام على الشعب السوري، ولا على المعاناة اليومية في محاولات الاختلاط ضمن المجتمعات الجديدة وتثبيت حضوره كعربي ومسلم ضمن مجتمع يعتبر نفسه متفوقا على كافة الصعد، بل يتعداه الى ما هو أبعد.
اليوم، ومع احتفالات العالمين الإسلامي بميلاد الرسول الكريم، والمسيحي بأعياد الميلاد ورأس السنة، تخرج العديد من الأصوات التي تطالب اللاجئين بعدم المشاركة في احتفالات الميلاد.
ولأن ميلاد الرسول الكريم يصادف ذكرى وفاته، ولأن احتفالات الميلاد تتصف بالفرح، لما لولادة المسيح من معان تحث على الحب والسلام؛ يرى البعض بأن مشاركة اللاجئ السوري في هذه الاحتفالات إثما كبيرا.
مراسل أخبار الآن في السويد شارك في إحدى الاحتفالات وأجرى الاستطلاع التالي:
يبدأ الحفل بكلمة ترحيب بالحضور وتعريف ببرنامج الاحتفال. تتحدث مقدمة الحفل باللغة السويدية، وتترجم كلماتها إلى اللغتين العربية والفارسية. يقام الاحتفال بمناسبة عيد الميلاد في بناء تابع لإحدى الكنائس السويدية، والتي تقدم العديد من الخدمات لمساعدة اللاجئين، كدورات اللغة وخدمات اجتماعية أخرى.
قاربت نسبة السوريين بين الحضور النصف، وتضمن الحفل مجموعة من الأغاني التي تمجد الميلاد، قدمها عدد من الأطفال، يليها فيلم كرتون قصير يصور بعض العبر من حادثة الميلاد، بعد ذلك هناك وجبة عشاء ثم يترك المجال للحضور من يرغب بالغناء أو الرقص وغير ذلك، وبالتأكيد لا وجود لأية مشروبات روحية.
بعد الحفل استطلع المراسل آراء بعض السوريين حول المشاركة في المناسبات التي تخص المجتمع السويدي المضيف بشكل عام، وحول المشاركة في أعياد الميلاد بشكل خاص.
"أم عطا" 36 عاما، والدة لثلاثة أطفال تقول: "أظن أنه من واجبي مشاركتهم أفراحهم، وعيد الميلاد من أهم الأعياد في السويد، ومشاركتنا كسوريين تعني لهم الكثير، لا تعنيني الفتاوى التي أطلقها أشخاص بعيدين كل البعد عن معاناتنا، ما الذي قدمه لنا أصحاب الفتاوى؟ لقد استقبلتنا السويد وقدم لنا السويديون الكثير".
أما "شادي" 22 عاما، فله وجهة نظر مختلفة: "في الحقيقة لا أشعر بالرغبة في المشاركة، لا أنكر بأنهم قدموا لنا الكثير، لكنهم يحاولون طمس ثقافتنا، ويتسائل لماذا لا يشاركوننا أعيادنا؟ لماذا لا نحصل على العطلة بشكل رسمي في أعيادنا!!".
بينما يعتقد "سامي" 42 عاما، بأن المجتمع السويدي مجتمع محافظ إلى حد كبير، وعلينا كلاجئين سوريين أن نكسب ثقتهم، وذلك عبر العمل والانفتاح على ثقافتهم، ولا أعني هنا إلغاء هويتنا وثقافتنا الإسلامية والعربية، على العكس فأنا أعتقد بأن ثقتي بعراقة وتأصل ثقافتي كعربي ومسلم يدعوني إلى تقبل ثقافة الآخر. لا أظن أننا كلاجئين سوريين يجب أن نبقى ضمن "غيتوات" نصنعها بأنفسنا، فهذا لن يقدم أية فائدة لا لثورتنا ولا لشعبنا ولا لديننا، فالإسلام لا يأمرنا بالانغلاق.
"هدى" امرأة في الخمسين من العمر والدة لشابتين في مقتبل العمر ترى بأن الأمر يعود الى طبيعة المجتمع الذي خرج منه اللاجئ، فأبناء المدينة يختلفون عن أبناء الريف في تقبلهم للثقافات الأخرى، وتدعو الجميع إلى الانفتاح بالحد الذي لا يؤثر سلبا على حياتهم وأبنائهم.
وبالتأكيد يبقى الأمر مرتبطا بطبيعة وثقافة اللاجيء نفسه، مع تمنيات أخبار الآن للجميع بأعياد مباركة، وأن يحل السلام على سوريا وكل عالمنا العربي، لتزيد فرصتنا في اختبار الفرح البعيد عنا.