أخبار الآن | عنتاب – تركيا (ميساء الحمادي)
تحمل "ثقافة المطبخ" الخاصة بكل بلد سمة خاصة تميزه عن البلدان الأخرى وما تتضمنه من عادات وسلوك المائدة والطهي وتناول العام كذلك.
وعندما فكر السوريون اقتحام سوق التجارة التركي وضعوا في الحسبان تلك الاختلافات، وكانت بالنسبة لهم مغامرة كبيرة دخول هذا المجال ومنافسة المطبخ التركي المشهور في أغلب الدول، أما الطعام الشرقي والسوري خاصة فيعد رائجا في الدول العربية فقط.
مطاعم سورية متنوعة في عنتاب
أصبح من المعتاد أن ترى عدة مطاعم سورية متوسطة وصغيرة في مدينة غازي عنتاب، نسبة لوجود أعداد كبيرة من السوريين هنا؛ الذين لم يتآلفوا مع المطبخ التركي والوجبات المقدمة فيه. لذلك وجد الكثير من التجار في افتتاح مطاعم فرصة لهم للنجاح.
يحدثنا "أبو محمد" صاحب مطعم صغير في سوق غازي عنتاب يقدم "الشاورما" كطبق رئيسي مع تلبية طلبات بعض الوجبات المنزلية من صنع زوجته، التي تعمل معه في المطعم: "لقد اخترت هذا العمل لأن تجارة الطعام لا تخسر، وعمدت فتح مطعمي الصغير في مكان يكثر فيه العمال السوريين لهذا أعتبره مشروعا ناجحا، يأتي مع زبائني أحيانا بعض العمال الأتراك ليتذوقوا طبقا معينا لكنهم لا يأتون بشكل متكرر فما زالوا يفضلون طعامهم الخاص". ويضيف: لا أنكر أن المنافسة صعبة، فالسوق التركي مشهور بالشاورما والكباب و"اللحمة بعجين" التي يفضلها السوريون أيضا.
وانتشرت ظاهرة أخرى في عنتاب خاصة، وهي قيام بعض النسوة بطهي الطعام السوري في منازلهن وإيصالها للمنازل على شكل طلبات خاصة. وهذه الطريقة تفيد النساء العاملات
والشباب المقيمين دون عائلاتهم وتعد أرخص وأوفر من تناول الوجبات في المطاعم.
تقول "أم بكري": "بحثت عن عمل ولكني لم أجد ما يناسبني بوجود أولادي الصغار، زوجي استشهد منذ سنتين في ريف إدلب، خطرت لي فكرة الطبخ المنزلي وقد وجدت صعوبة بداية الأمر لكن الأمور بدأت تتحسن، وانتشرت الفكرة وأصبحنا نجد نساء كثيرات يفعلن مثلي".
وفي اسطنبول
الشيف "نورس" سوري يعيش في اسطنبول، لم يفتح مطعما خاصا به واعتمد على العمل الخاص في منزله، يقول: "صعوبة وغلاء استخراج الرخصة هنا، حيث تصل إلى 50 ألف
ليرة تركية وصعوبات أخرى واجهت مشروعي، ومنها عدم تعاون الجوار التركي في مرحلة
التأسيس، وغلاء كلفة التشغيل من المواد الغذائية والكهرباء والماء حيث الفواتير التجارية عالية نسبيا إضافة لاستغلال بعض مالكي المحلات التركية للمستثمر السوري، كل ذلك يؤدي إلى ارتفاع قيمة الوجبة في المطعم لتفوق قدرة العائلة السورية على الشراء وهذا يؤدي بدوره إلى انخفاض نسبة المبيعات".
وعن مشاكل العاملين في المطاعم يقول الشيف نورس: "ظروف عمل قاسية وساعات عمل طويلة وتأخير في الرواتب، ناهيك عن إغلاق المطعم فجأة أو بيعه من قبل المالك أو تغير الاتفاق بعد فترة من العمل".
أما عن إقبال الأتراك فيقول أنها تقدر بحوالي 25% من مجمل الزبائن، ومعظم الأسعار في المطاعم السورية لا تناسب العامل العادي خصوصا بوجود عائلة فكيف يأكل في مطعم بقيمة 70- 80 ليرة تركية لوجبة عائلية بينما لا يتعدى دخله اليومي 50 ليرة.
ورغم كل هذه الصعوبات التي ذكرت، نجد في اسطنبول عددا كبيرا تأسس واشتهر معتمدا على سمعته في سورية كـ "شاورما الطربوش" و"مطعم أنس"، حيث ساعد التنوع السكاني في هذه المدينة ونسبة السياح العالية من دول الخليج في نجاحها.
ويبقى السؤال هل تعد هذه الظواهر دخولا موفقا للسوق التركي وبناء اسم إلى جانبه، وهل باستطاعة المستثمرين والتجار السوريين حجز مكان لهم في هذه المدينة السياحية على مستوى العالم.