أخبار الآن | درعا – سوريا (أسامة زين الدين)
دأبت داعش في إصدارتها على التفنن في مشاهد القتل لما تصفه بالصحوات والمرتدين الذين يقعون أسرى لديها، فأنتجت إصدارات حاكت هوليوود في حرفيتها، وأغرقت الساحة الإعلامية فيها، وحوت مشاهد صادمة ومرعبة وسادية ووجهت باستنكار أخلاقي وثوري عام.
واجهت فصائل عدة حرب داعش الإعلامية بإصدارات قليلة العدد، حاكت فيه نمط داعش فأصدر جيش الإسلام إصدارا يحاكم فيه أسرى منها على طريقتهم وانتهى بإعدامهن، كما أصدرت جبهة النصرة إصدارات متعددة تحاكم فيها بعض منتسبي التنظيم.
إصدار الجبهة الشامية .. "مسلمون لا مجرمون"
في بادرة فريدة من نوعها أصدرت الجبهة الشامية إصدارا أطلقت عليه اسم "مسلمون لا مجرمون" بإخراج متقن، ظهر في بدايته أسرى داعش وهم يقتادون من قبل مجموعة من عناصر الجبهة الشامية في مشهد يماثل اقتياد داعش الرمزي لأسراها وهم يرتدون زي الإعدام، وفي لحظات تخطف الأنفاس وينتظر فيها المتابع إعدام هؤلاء الأسرى بإطلاق النار على رؤوسهم من الخلف، يتغير مسار المشهد، حيث يمتنع الجلادون المفترضون عن الإعدام، ويخلعون الأقنعة من على رؤوسهم ويتراجعون في لحظة عفو آسرة.
يظهر بعدها رئيس المكتب الشرعي للجبهة الإسلامية وهو يوجه رسائل عدة ضمن الإصدار عن العفو وسياسة الجبهة في التعامل مع الأسرى وتفوقها الأخلاقي على داعش وتعاملها معهم وفق نظام عادل يضمن محاكمتهم وإرشادهم والأخذ بيدهم لطريق الحق، مؤكدا في الوقت نفسه على قوة الجبهة الشامية وقدرتها على محاربة من يستمر في بغيه منهم وعزمها على ضرب البغاة بيد من حديد.
إخراج متقن ورسائل إعلامية متعددة
واضع فكرة الإصدار وعضو المكتب الإعلامي للجبهة الشامية "أسيد باشا" أكد لأخبار الآن أن الفكرة أتت بعد وقوع عدد من أسرى الدواعش في يد الجبهة الشامية في قرية "دلحب"، وأنه فكر في إيصال رسالة إعلامية تجتذب المشاهدين من خلال عنصر المفاجئة والتغير الجذري غير المتوقع في السيناريو وتتابع الأحداث من قبل المشاهد، الذي عادة ما يتوقع نهاية مروعة لقتل أو إعدام شبيهة بجرائم داعش.
ومن بين أهم الرسائل التي يرسلها لداعش كما يقول "أسيد" أنه يريهم الفرق الأخلاقي الشاسع بين جرائم داعش مع الأسرى، وطريقة تعامل الثوار معهم، ومن يتمثل فعلا رسالة الإسلام وجوهره وطريقه في معاملة الأسرى وفق محاكم تراعي وضع الأسير، ودراسة وضعه والتحقيق في فداحة جرمه قبل إصدار الحكم النهائي عليه.
رسالة الإصدار للمجتمع الدولي كانت أيضا قوية حيث اعتمدت فيها الجبهة الشامية على إرسال رسائل ذكية توضح فيها أن القوى الثائرة ضد النظام في سوريا ليسوا كلهم على شاكلة داعش والقوى المتطرفة، وضرورة التمييز بين الفصائل التي تنتمي للتيار الإسلامي وليست مشابهة لداعش وإنما هناك خلاف جذري بينهم وترفض وضعهم في سلة واحدة.
يؤكد "أسيد" ان الإصدار قد حوى أيضا رسائل للثوار يحاول فيه التأكيد على مبادئ الثورة الأولى ويعيد لها ألقها عمليا، ومن ضمنها العدالة؛ التي خرج الناس يطالبون فيها باختلاف أشكالهم وألوانهم وتمايزاتهم، وأن هناك من يدافع عن هذه المبادئ ويجسدها سلوكا عمليا في ثورته وجهاده، وأنهم اضطروا للقتال وحمل السلاح ليس رغبة به وإنما كوسيلة لتحققيق هذه المبادئ.
خطاب وتأصيل شرعي متوازن في الإصدار
رئيس المكتب الشرعي في الجبهة الشامية الشيخ "محمد الخطيب" والذي ظهر في القسم الثاني من الإصدار، أكد أن الرسائل التي حرص على إظهارها هي رسالة العدل الذي رُبّي عليها غالبية الشعب السوري منذ نعومة أظفاره، كما يظهر وسطية بلا إفراط أو تفريط، ورسالة حزم وقوة في ذات الوقت. وأنه الثوار قطعا عاجزون عن مجاراة داعش في توحشها، لكنهم متفوقون عليها برسالتهم الأخلاقية ورسالتهم السامية.
يذكر أن الإصدار قد لقي ترحيبا ثوريا واسعا وعدد مشاهدات عاليا جدا مقارنة بغيره من إصدارات الثورة، وسلط الإعلام العربي والعالمي عليه الضوء مبينا رمزيته وأهميته في هذه المرحلة بالذات، وسط هجوم كبير من قبل أنصار داعش عليه وتبليغاتهم المتكررة على الفيديوهات لحذفها من مواقع الانترنت.