أخبار الآن | مخيم اليرموك – سوريا ( مهند اليرموك )
شكلت قضية "اختطاف" المدنيين أحد أكبر المشاكل، المستجدة، التي تضاف إلى سجل طويل من المآسي للعوائل المحاصرة داخل أحياء وبلدات جنوب العاصمة السورية دمشق.
ناشطو المنطقة أكدوا بأن هذه الظاهرة استفحلت منذ سيطرت تنظيم داعش على مخيم اليرموك مطلع نيسان الماضي، حيث بات التنظيم ينتهج سياسة واضحة تتمثل في اختطاف كل من ينتمي للبلدات التي مازالت تحت سيطرة كتائب المعارضة، الأمر الذي أجبر الأخيرة لسلوك مضاد في نفس الاتجاه كسبيل وحيد لإطلاق سراح من يحتجزهم داعش كرهائن ما حول حياة من تبقى من المحاصرين إلى ما يشبه الجحيم.
لا توجد أرقام و إحصاءات دقيقة لأعداد المختطفين لدى داعش إلا أن ناشطون من المنطقة أكدوا بأن حوادث الاختطاف بلغت ذروتها يوم 7 آب الجاري عندما أقدم تنظيم داعش على اختطاف ما يقارب 30 شخصا من منطقة يلدا كانوا داخل مخيم اليرموك.
أبو مرام الجولاني ناشط إعلامي من الحجر الأسود – معقل داعش في جنوب دمشق – اعتبر أن قضية الاختطاف هي حالة حرب غير معلنة بين التنظيم من جهة و بين الفصائل العسكرية في مناطق "يلدا، ببيلا، بيت سحم" من جهة أخرى، مؤكدا أن الجبهات و خطوط التماس تهدأ مؤقتا بين الطرفين، لتبدو عمليات الاختطاف المتبادلة نوعا من الحرب دون رصاص وقودها المدنيين. محملا المسؤولية لشيوخ وشخصيات المصالحة الذين سعوا ومازالوا لخلق الفتن في المنطقة تنفيذا لرغبات النظام على حد وصفه.
في حين أكد ناشطون من داخل مخيم اليرموك أن حوادث الاختطاف أصبحت جزءا من تفاصيل الحياة اليومية في أحياء جنوب دمشق المحاصرة هذه الممارسات ومحاولات النظام عقد بعض المصالحات إضافة لتمدد داعش كل ذلك استطاع من خلاله النظام في تكريس حالة الانقسام و الصراع بين الفصائل العسكرية المختلفة ما جعل جنوب دمشق أشبه "بكانتونات" متصارعة و منفصلة عن بعضها عبر حواجز شبيهة جدا بحواجز النظام، ناشطو المخيم أضافوا، "التنظيمات التي ترفع شعارات إسلامية" ترى مناطق "المصالحات" مرتدين و تعطي لنفسها الحق باختطاف كل من يشتبه بأنه له علاقة بأحد الفصائل هناك و بالمقابل فإن الفصائل العسكرية داخل المناطق التي أبرمت هدنة مع النظام تنظر إلى التنظيمين "داعش والنصرة" كخوارج وعملاء للنظام، و في النهاية لم يعد النظام هو العدو فقط ويقول ناشطون أن هذا الأمر هو بمثابة إنتصار للنظام فمنذ وصول داعش والتنظيمات الإسلامية باتت هذه المنطقة في صراعات بين الفصائل المعتدلة والإسلامية وكذلك تنظيم داعش.
بعض المصادر المحلية أفادت أن هذه الظاهرة تأتي كأبرز نتائج توسع مناطق سيطرة داعش، التي جاءت نتيجة لسياسة الحصار المنتهجة من قبل النظام، ما أدى لانتشار ظاهرة أمراء الحرب، و ثقافة الغلبة لمن يملك المال والسلاح، وإشاعة الفوضى وتهشيم الأطر المدنية في تلك المنطقة، و هو ما جعل من مناطق جنوب العاصمة واحدة من أكثر المناطق توتراً وإختراقاً، موضحة مصادر من داخل المخيم أن النظام وتنظيم داعش هما المستفيدان الوحيدان مما آلت إليه الأمور في أحياء و مناطق جنوب دمشق في حين يبقى المدنيون هم الضحية، فمن يدقق في قائمة الأشخاص الذين تعرضوا للاغتيال أو الأسماء التي مازالت "مطلوبة" للتنظيم في أحياء جنوب دمشق، سيدرك أنهم جميعا من النشطاء الإغاثيين و شخصيات سياسية وأهلية ذات حضور مؤثر في المجتمع، بالتالي من سعى لإزاحتهم وتصفيتهم، كان يهدف لتفريغ المنطقة من العناصر التي ساهمت إلى حد كبير في صمودها خلال الفترة الماضية، ولم يكن خافيا على أحد أنه منذ وصول داعش إلى تلك المنطقة، أخذت الصراعات تزداد وتنتشر، وبدأت المنطقة تشهد تقسيما جديدا للنفوذ بين القوى المتصارعة، وترافق ذلك مع تشديد حصار النظام لأحياء المخيم والحجر الأسود في مقابل إرخاء قبضته على الأحياء المجاورة لهما، بهدف خلق شرخ اجتماعي بين أهالي المنطقة، والاستفادة من سياسة الخطف والاغتيالات لإثارة الشكوك بين كافة الفرقاء، وزج الجميع في حرب طاحنة هو الوحيد المتنصر فيها.