أخبار الآن | أنطاكيا – تركيا (دعاء ياسين)

تتزايد أعداد اللاجئين السوريين باستمرار، ولاسيما في دول الجوار لصعوبة الهرب عبر المتوسط من أتون الحرب الدائرة في معظم المناطق السورية، ومعظم اللاجئين البالغ عددهم أكثر من مليونين ونصف المليون لجأ معظمهم إلى الأردن ولبنان، وكانت النسبة الأكبر من نصيب تركيا.

المصانع التركية لا تكاد تخلو من الأيدي السورية الصغيرة

في تركيا يضطر أطفال اللاجئين السوريين للعمل بطرق غير شرعية من أجل كسب قوتهم اليومي، أو انتظار المال من الأقارب في أوربا لدفعها للمهربين. وفي الوقت الذي تكفلت فيه الحكومة التركية بالاتفاق مع دول الاتحاد الأوروبي لتحسين وضع اللاجئين، بقيت الأوضاع كما هي مع تزايد تدفق اللاجئين يوميا وهو ما يزيد الضغط اليومي عليهم.

من هنا تبدأ معاناة كل لاجئ، فهو لا يجد أمامه سوى تشغيل أطفاله لكسب قوت يومه، ولهذا نجد أعداداً مكتظة من الأطفال العاملين والذين يملأون الأماكن، بدءاً من "بسطات البيع" في الشوارع، أو المحلات التجارية، والمعامل، وحتى في المحلات الصناعية ذات العمل القاسي الذي لا يصلح للأطفال.

ولأن اللاجئين السوريين لا يحصلون بالأمر السهل على رخصة عمل، فإنه لا يتم احتساب الأطفال ممن ليسوا في سن العمل وأيضاً النساء العاملات معهم من أكثر المتعرضين لضياع حقوقهم.

أخبار الآن التقت مع "أمير" 13 عاما، أحد اللاجئين السوريين من محافظة "إدلب" في مدينة أنطاكية التركية منذ ثلاث سنوات والذي يعيش مع عائلته المكونة من خمسة أشخاص وجده المُقعد: "لم أذهب إلى المدرسة منذ خروجي من سوريا، وذلك للعمل ومساعدة عائلتي مادياً. كنت أعمل في ورشة حدادة منذ عام ثم انتقلت إلى ورشة لصناعة الأحذية على مدار الأسبوع ومنذ الساعة السابعة صباحاً حتى السابعة مساءً مقابل 50 ليرة تركية في الأسبوع، وهو أقل من الحد الأدنى للأجور، ولكنني مرغم على ذلك لأُعيل أسرتي، وجميع أفراد أسرتي عدا أمي وجدي يعملون في ورشات متنوعة".

أجور منخفضة وعمالة صغيرة

يعترف العديد من الأتراك بأن التجارة والصناعة ازدهرت مع وصول السوريين وخصوصاً ذوي المهن والخبرات، وأصبح السوق أكثر نشاطاً وتغير مقياس التجارة والصناعة في المدينة الصغيرة نحو الأفضل وذلك لرُخص اليد العاملة السورية وخبرتهم، واضطرارهم للعمل لأجل العيش.

ولا يفتأ اللاجئ السوري يستسلم لعروض العمل ليجد المأوى والملاذ الآمن وليستطيع دفع أجرة ما يترتب عليه من أول كل شهر، فلا يجد أمامه إلا دفع أبنائه للعمل بأي مهنة كانت، فقط ليجد تلك الوسيلة لدفع أجرة المنزل الذي يقطن به.

وهذا ما يدفع معظم عائلات اللاجئين السوريين بإخفاء حقيقة عمل أولادهم لخشيتها من قيام المنظّمات الإغاثيَّة بإنقاص حصّتها من الدعم، إضافة إلى ذلك نجد أحد أسباب دفع الأطفال للعمل هو التسرب من المدارس في مخيمات اللاجئين في تركيا، وهذا يزيد من أعداد الأطفال العاملين، حيث أن المدارس العامة مزدحمة، والمدارس الخاصة مرتفعة التكاليف.

عمالة الأطفال في تركيا بشكل عام لم تقتصر فقط على الذكور، حيث أن هنالك نسبة كبيرة من اللاجئات يعملن سواء في المحلات التجارية أو المصانع والمزارع.

أخبار الآن التقت "حسناء" 12 عاما، تعيش في أنطاكية منذ عامين وتعمل في إحدى محلات بيع الملابس في أحد أسواق المدينة، تقول: "تركت المدرسة مرغمة لمساعدة عائلتي في تأمين لقمة العيش، أعمل ستة أيام في الأسبوع مقابل عشر ليرات يومياً، كنت قبل نزوحي من سوريا أحب المدرسة ولكني تركتها للعمل مثل شقيقاتي".

أما "عبد الله" 17 عاما، فيقول: "في سورية كنت ادرس وأخطط لمستقبلي وكانت لدي أحلام أجتهد لتحقيقها وفجأة توقفت على غيوم بعيدة عن الواقع، وجدت نفسي ذلك اللاجئ مع أسرتي مما اضطرني أن أضحّي بأحلامي مقابل أن أدع أبي يجد الراحة بسبب صحته المتدهورة، وأن أستطيع تأمين أجرة المنزل وأسعى جاهداً لأجعل أختي الصغيرة تدرس في مدرسة خاصَّة محافظةً على أحلامها الورديَّة، علَّها تُفرح قلبي وقلب عائلتها في المستقبل عندما أراها تكمل دراستها في سورية الحرة".