أخبار الآن | الغوطة الشرقية – سوريا (جواد العربيني)
في ظل القصف اليومي المتواصل التي تشهده مدن وبلدات الغوطة الشرقية المحاصرة، والذي غالبا ما يستهدف الأحياء السكنية، تحولت إدارة كل مدرسة داخل الغوطة الى إدارة ذاتية القرار، تحدد موعد الدوام وموعد الانصراف بما يتلاءم مع موعد بدء غارات النظام؛ التي غالبا ما تبدأ في العاشرة صباحا. وهو ما دفع أغلب إدارات المدارس إلى بدء الدوام المدرسي بعيد الفجر مباشرة.
وتنقسم المدارس في الغوطة الشرقية إلى قسمين: مدارس حكومية أنشئت في عهد النظام السوري، وأقبية تم تحويلها الى مدارس تلائم القصف .
الفجر المخيف لطلاب الغوطة الشرقية
الخامسة والنصف صباحا في الغوطة الشرقية، يختلط صوت نباح الكلاب مع خطوات الأطفال الذاهبين إلى مدارسهم. وعلى بالرغم من برودة الجو صباحا، يبدو الأمر بالنسبة للأطفال الذاهبين للمدارس أهون بكثير من تجربة الركض على مسمع أزيز الطائرات .
"نعاس في الصف وأطفال تستلم للنوم على المقاعد مع إضاءة خافتة وبرد يجبر الأطفال على وضع أيديهم في جيوبهم للحصول على بعض الدفء"، بهذه العبارات تصف الآنسة "عائشة" حال الأطفال في المدرسة التي تدرّس فيها مادة اللغة العربية داخل مدينة دوما، مضيفة: "إن ثلاث ساعات من تدريس الطلاب تبدو كافية يوميا لإعطاء ما تيسر من دروس في اللغة العربية والرياضيات واللغة الانكليزية، قبل أن يبدأ صوت الطائرات والقذائف يدوي في مدينة دوما وهو الوقت الذي يكون فيه الطلاب قد عادوا بأمان إلى منازلهم".
غياب متكرر وعزوف الطلاب عن المدارس
تغيّب الطلاب عن المدرسة أصبح أمرا عاديا في المدارس هنا، وخاصة مع وجود مبررات كثيرة. تقول الآنسة "عائشة": "عندما يغيب أحد الطلاب لستة أيام متتالية من الصعب أن تسأله عن السبب، فأغلب الأحيان قد يكون السبب استشهاد أحد من عائلته أو أقربائه جراء غارة أو قذيفة، كما أن الخوف والبرد يبدوان سببا وجيها للغياب عن المدرسة وخاصة عندما نرى أن عددا كبيرا من الأطفال لا تملك ملابس تصد برد الشتاء أو أحذية مناسبة تمنع تسلل المياه إلى أقدامهم، ناهيك عن ثمن القرطاسية والفقر الشديد الذي يبدو السمة البارزة على جميع الأهالي. أما بالنسبة لعزوف عدد كبير من الاطفال عن الدراسة، فالسبب هو تحولهم إلى سوق العمل واعتماد الأهالي على أبنائهم بأداء واجبات يومية في نقل المياه إلى المنازل وجلب الطعام من المطاعم الخيرية".
تحول الأقبية الى مدارس
تتصف الأقبية التي تحولت الى مدارس ببعض الاستقرار مقارنة بالمدارس الحكومية، حيث تبدو أكثر أمانا. لكنها في ذات الوقت تحتاج إلى دعم مستمر وخاصة في الوقود من أجل تأمين الإضاءة. "أبو راتب" ناشط ميداني عمل مع مجموعة من رفاقه على إنشاء مدرستين للأطفال في أقبية خاصة داخل مدينة عربين تحدث لأخبار الآن عن أن سبب انحسار عدد تلك المدارس في الغوطة الشرقية وعدم انتشارها لما تطلبه من مصاريف مستمرة، موضحا أن أي انقطاع للدعم المادي عن تلك المدارس سيؤدي إلى توقفها مباشرة، وهو السبب الرئيسي لعدم انتشار مدارس الأقبية بالرغم من مستوى الأمان والاستقرار الذي توفره للطالب.
تدمير ممنهج للمدارس وقلة الكوادر التدريسية
بدوره تحدث الأستاذ "محسن" مدير مدرسة في بلدة حمورية لأخبار الآن عن معاناة لا تنتهي في مدارس الغوطة من نقص في الكوادر التعليمية بسبب الحصار وأجواء الحرب، وانخفاض الرواتب، وهو ما يشتت ذهن الطلاب التي قد ترى في الفصل الدراسي الواحد ثلاثة أو أربعة مدرسين لمادة واحدة. كما أن تأمين الكتب والقرطاسية للطلاب من المشاكل اليومية يضاف إليها تدمير أغلب المدارس جراء القصف وعدم توافر النوافذ والأبواب والمقاعد في المدارس غير المتضررة.