أخبار الآن | ريف إدلب – سوريا (سونيا العلي)
الأطفال من أكثر فئات المجتمع حساسية وتأثراً بالواقع المعاش، ونتيجةً لما يحصل في سوريا من عنف وقصف ودمار، فإنهم يتعرضون لكثير من الضغوطات ويرون نصب أعينهم المآسي والمناظر المروعة مما يجعلهم يتأثرون نفسياً ويقعون في مشاعر الألم والخوف والأمراض النفسية .
الهدف الأسمى للمشروع
قامت منظمة "الناس عند الحاجة" بمشروع افتتاح 18 روضة مجانية في ريف إدلب متوزعة على 18 قرية منها "أطمة، كتيان، سرمدا، دير حسان، الدانا" وغيرها. أما الهدف منها فهو الاهتمام بالأطفال في مرحلة رياض الأطفال من عمر أربع سنوات وحتى ست سنوات، في ظل غياب شبه تام لرياض الأطفال الخاصة بسبب ضعف الإمكانيات الاقتصادية للأهالي، وعدم القدرة على تحمل مصاريف زائدة.
السيد "أحمد الخطيب" مدير المشروع يتحدث عنه قائلاً: "تعد مرحلة رياض الأطفال مرحلة هامة من حياة الأطفال، وخاصة أمام ما يتعرض له الطفل في محافظة إدلب من مآسي تترك أثراً عميقاً في نفسه، لذلك قام المشروع والتمسنا تجاوباً كبيراً من قبل الأهالي الذين جعلوا أولادهم يلتحقون بالروضات، وقمنا باختيار أماكنها بعيداً عن القصف والخطر، ونهتم بشكل خاص بالأطفال النازحين وذوي الاحتياجات الخاصة."
المشروع يوفر فرص عمل
أما على صعيد توفير فرص العمل فيحدثنا السيد "وليد الكامل" المسؤول مالياً عن المشروع قائلاً: "وفّر المشروع فرص عمل للمدرّسات من حملة شهادة التربية بجميع اختصاصاتها والتربية الرياضية والإرشاد النفسي، وعلى الرغم من حصول المدرسات على أجور رمزية إلا أنهن يتسمن بروح العطاء والتفاني والعمل بقلب واحد ولهدف واحد يتمثل في مساعدة الأطفال والعمل لبناء جيل متعلم يساهم في بناء وطننا من جديد."
ويلفت السيد وليد إلى أن المشروع يقدم للأطفال الألعاب التعليمية مجاناً بالإضافة إلى القرطاسية.
المناهج والبرامج المتبعة
المدرّسة "غادة المصطفى" المسؤولة عن لجنة المناهج المقررة تقول: "اجتمعت لجنة تضم نخبة من المدرسين لوضع المناهج الخاصة بالمشروع بما يتناسب مع وضع الأطفال الاجتماعي والنفسي، حيث نقدم للطفل المادة التعليمية في جو ٍمن المرح واللعب، ونعلمه الحروف العربية والإنكليزية والأعداد بطريقة مشوقة ومحببة، بالإضافة إلى طرق النطق الصحيح والرسم والموسيقى والأشغال، ونستخدم أحدث الوسائل التعليمية التوضيحية ونحاول تنشيط جسم الطفل وعقله من خلال ممارسة النشاطات الرياضية والمسابقات الترفيهية بعيداً عن أجواء القصف والخوف الذي يعيشونه يومياً".
ويهتم المشروع بالأطفال المصابين باضطرابات انفعالية وسلوكية ونفسية نتيجة مشاهد العنف أو سماع دوي الانفجارات "فنحاول تقديم الدعم النفسي لهم، ونعيد تأهيلهم ودمجهم في المجتمع محاولين إعادة الفرح إلى قلوبهم الصغيرة."
الإهتمام بذوي الاحتياجات الخاصة
تشير المرشدة النفسية "نهى زيدان" إلى طريقة الاهتمام بالأطفال من ذوي الاحتياجات الخاصة قائلة: "نقوم بداية بمعرفة نوع الإعاقة لكل طفل، وقدراته ونقاط القوة والضعف لديه ومدى تطوره، وذلك لوضع المواقف التعليمية المناسبة له وزيادة فرص التعلم أمامه على أن يكون ذلك في جو من الأمان والنشاط وعدم التقييد. ونتبع أسلوب اللعب لأن الأطفال بفطرتهم يميلون إليه، فهو وسيلتهم الأساسية في اكتشاف العالم من حولهم وإشباع حاجاتهم وتفريغ طاقاتهم، ونعلم بأنه يؤدي دوراً فعالاً في نمو الطفل العقلي والجسدي والاجتماعي والانفعالي والتعليمي ."
الأطفال ومآسي الصراع
"صادق" أحد الأطفال النازحين يبلغ من العمر خمس سنوات أصبح يتلعثم بالكلام بعد قصف قريته ليلاً بالبراميل المتفجرة، تتحدث والدته عن معاناته ومدى استفادته من الروضة قائلة: "التحق ولدي صادق بروضة الأطفال في قرية كتيان بعد عناء شديد لأنه يحب الوحدة ولديه حالة هلع وخوف من الأصوات المرتفعة، ولكن بعد التزامه بالدوام تغير كثيراً، وأصبح يحب رفاقه ومعلمته التي لا تتوانى عن تدريبه على النطق الصحيح وتحاول إخراجه من عزلته وآلامه، وأنا أشكر كل المساهمين في هذا المشروع الذي اهتم بالأطفال وأعاد الحياة إلى قلوبهم وعقولهم."
الطفلة "وعد" ليست أفضل حالاً، فهي كثيرة السؤال عن والدها الذي قضى نحبه في الحرب الدائرة وكانت متعلقة به كثيراً، فهي لا تستطيع نسيانه وتبكي دائماً لغيابه، حاولت الأم التخفيف عنها بإلحاقها برفيقاتها في الروضة، فاستطاعت بمساعدة المعلمات إخراج الطفلة من جو الحزن والأسى وتقديم الدعم النفسي لها بالإضافة إلى العلم والتربية النفسية السليمة .
يختم السيد مدير المشروع كلامه قائلاً: "أطفالنا اليوم هم جيل الغد ومستقبلنا الواعد، لذلك يجب عدم تركهم فريسة الأمراض النفسية والألم والخوف والعزلة بل علينا التخفيف من تبعات هذه الحرب الشرسة الدامية التي لا ترحم، ليظلوا نجوماً متلألئة تنير حياتنا وتضيء سماء وطننا الغالي."